في مناطق يسيطر عليها الثوار في مدينة
حلب، يواجه رجال شرطة مسلحون تسليحا خفيفا؛ لصوصا مزودين بمدافع مضادة للطائرات على الأرض وقصفا من طائرات النظام السوري من السماء.
ويقول العميد أديب
الشلاف، رئيس جهاز
الشرطة المدعوم من الغرب، إن النظام السوري حاول قتله عدة مرات في غارات جوية، منها إسقاط برميل متفجر قتل فيه اثنان من زملائه.
وقال الشلاف، وهو ضابط رفيع في قوة الشرطة السورية الحكومية حتى انشقاقه بعد مرور عام على بدء الانتفاضة على الرئيس بشار الأسد في عام 2011: "الآن نحاول إبقاء قواعدنا سرا حتى لا تتعرض للقصف".
وقاد الشلاف البالغ من العمر 50 عاما الجهود لبناء "
الشرطة الحرة"، وهي قوة أمنية تهدف إلى توفير قدر من النظام والأمن في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في بلد تعصف به الفوضى بسبب الحرب.
وفي مناطق خارج سيطرة النظام السوري، يقول الشلاف إنه يرأس قوة تتألف من أكثر من ألف شرطي، وتتلقى دعما من الولايات المتحدة وبريطانيا والدنمرك التي تدفع الرواتب وتكاليف الزي الرسمي والمركبات والمولدات وأجهزة الكمبيوتر، ولكن دون تقديم أسلحة.
ويتفق هذا مع السياسة الأوسع للدول الغربية التي تشكل جزءا من تحالف "أصدقاء سورية" الذين يحجمون عن تسليح مقاتلي المعارضة المناهضين للأسد.
وقال لرويترز أثناء زيارة لتركيا: "المشكلة في سياسة أصدقاء سورية هي أنها تمنع تقديم دعم في شكل أسلحة ولو مسدسات خفيفة".
وروى الشلاف كيف أن بعض رجاله اشتبكوا في معركة مع لصوص أتوا مسلحين بمدافع مضادة للطائرات لسرقة مصنع في حلب، وهي مدينة كانت العاصمة التجارية لسورية قبل الانتفاضة.
وقال: "بعض الجماعات تحاول أحيانا أن تقول لنا: نحن أقوى منكم. ما هي الأسلحة التي لديكم؟ لا تملكون شيئا. أما نحن فلدينا الدوشكا والقذائف الصاروخية آر. بي. جيه.". والدوشكا مدفع آلي ثقيل روسي الصنع.
وأضاف قوله: "إنهم يشعرون دائما أنهم اقوى من الشرطة".
وتهدف قوة الشرطة التي قام الشلاف بتجميعها؛ إلى معالجة مشكلة انعدام الأمن التي أصبحت شكوى عامة بين السوريين الذين سئموا من الفوضى التي جلبتها الحرب التي أودت بحياة زهاء 200 ألف شخص.
واكتسب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي يشن عليه تحالف تقوده الولايات المتحدة حملة قصف جوي في سورية والعراق؛ قدرا من التأييد في مناطق تخضع لسيطرته بفضل استطاعتهم فرض النظام وإن كان وفق فهمهم المتشدد للإسلام.
"أنا شخصيا مستهدف"
ومع تقدم مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" غربا في الأشهر الأخيرة، خيّر التنظيم أفراد شرطة الشلاف في مدينة منبج وحولها بين الانضمام إليهم أو أن يبقوا في منازلهم. وقال الشلاف: "الشرطة رفضوا التعاون. وقالوا نحن لا نتعاون مع أي فئة عسكرية. إننا جهاز مستقل". وأضاف قوله: "الدولة الإسلامية لم تؤذهم أو تهاجمهم لكنها طلبت منهم ألا يعملوا كشرطة".
وأجرت رويترز المقابلة مع الشلاف في أضنة، وهي مدينة في جنوب شرق تركيا، حيث كان يحضر تدريبا نظمته مؤسسة "إيه. آر. كيه" ومقرها الإمارات العربية المتحدة التي تقوم بدور شريك لحكومات تريد توصيل مساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وساعدت هذه المؤسسة قوات الشرطة في مدن حلب وإدلب واللاذقية من خلال تقديم مساعدات غير فتاكة نيابة عن مانحين دوليين.
ومن المعوقات التي تعترض عمل الشلاف الافتقار إلى أي بنية تحتية حكومية في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وقد أنشأ الائتلاف الوطني لقوى الثوة والمعارضة في سورية، الذي يسانده الغرب، حكومة مؤقتة ولكن مقرها في تركيا.
وعلى الرغم من الافتقار الى قوة النيران، فإن الشلاف قال إن رجاله استطاعوا القيام بعملهم من خلال كسب المساندة والدعم من المجتمعات المحلية والتعاون مع جماعات المعارضة التي لها سمعة طيبة على الأرض.
وأنشات بعض هذه الجماعات محاكم خاصة لها تحيل إليها الشرطة الحرة المشتبه بهم للمحاكمة. وقال الشلاف: "في كل منطقة نتعامل مع النظام القضائي الموجود".
وقال إن الفرد في الشرطة الحرة يحصل على 100 دولار شهريا، وهو مبلغ يماثل ما تدفعه كثير من جماعات المعارضة لمقاتليها. ويكسب الضابط 300 دولار شهريا.
وتجعل الضربات الجوية التي تشنها قوات الأسد؛ الشرطة الحرة في تنقل دائم. وقد تعرضت مراكزها العشرة أو الخمسة عشر للقصف.
وقال الشلاف إن كثيرا من المواطنين يتصلون بالضباط مباشرة للإبلاغ عن جرائم. وقال: "عنوان بريدي الإلكتروني معروف جيدا، وكذلك عناوين الضباط الذين يعملون معي. حينما أفتح هاتفي أجد الكثير من الرسائل من أناس لا أعرفهم يشرحون فيها مشكلاتهم".
وأضاف قوله: "ومن أشد التحديات التي نلقاها القصف المستمر من جانب النظام، ونحن كقادة للشرطة مستهدفون دائما وأنا شخصيا مستهدف".