في آخر نقطة من مدينة
الموصل وعلى الجهة الشرقية منها تقع "الكوكجلي" المدينة ذات الطابع السكاني المتنوع، وذلك قبل دخول تنظيم "
داعش" إلى المدينة، ورحيل الأكراد والشبك والتركمان الشيعة عنها.
وفي هذه المنطقة بالتحديد أنشأ تنظيم "داعش" سوقا لـ"
الغنائم"، التي حصل عليها من المسيحيين والشيعة ومن سماهم بـ "المرتدين" من أهل السنة.
ويقول حسن الخفاف الذي يسكن المنطقة لـ"عربي21": "تدخل إلى السوق فترى أمامك جميع أنواع المواشي من الأبقار والأغنام معروضة للبيع بكميات كبيرة"، مضيفا أنه من المعروف في الموصل أن أكثر من يمتلكون المواشي هم الشيعة من الأقلية الشبكية الذين كانوا يتواجدون في أطراف الموصل، وبعدما هربوا من الموصل تمت مصادرة جميع مواشيهم من قبل "
تنظيم الدولة".
ويشير إلى أن أسعار اللحوم في هذا السوق منخفضة جدا تصل إلى النصف، موضحا أن "سعر الكيلو الواحد من اللحوم في الموصل كان بـقرابة 12 دولارا، والآن أصبح السعر بقرابة 6 دولارات، لأن هذه اللحوم مصادرة من تنظيم داعش".
ويؤكد الخفاف أن سوق "الغنائم" لا يقتصر على المواشي، بل يتعدى ذلك إلى الأجهزة الكهربائية وكذلك الأثاث وغيرها من المقتنيات المنزلية.
بينما يقول سالم أحمد الذي يسكن في حي بعيد عن سوق الغنائم في "الكوكجلي" لـ"عربي21" إنه ذهب إلى السوق بعدما سمع عن إمكانية شراء الكثير من المقتنيات بأسعار زهيدة، مضيفا: "قمت بشراء مقتنيات منزلي من أثاث وأجهزة كهربائية بقيمة 800 دولار أمريكي، بينما تصل القيمة الحقيقية للمقتنيات لما يزيد عن خمسة آلاف دولار أمريكي".
وعند سؤاله عن سبب شرائه لتلك الأغراض بالرغم من أنها مسروقة أو مصادرة، قال سالم: "لست من سرقها ولكني اشتريتها بمالي".
إلا أن الكثير من سكان الموصل يمتنعون عن الذهاب إلى ذلك السوق أو الشراء منه، حيث يعتبر خميس الطالب وهو أستاذ في جامعة الموصل أن تلك الأغراض مسروقة وليست من حقه، وأنها ستكون وبالا عليه إن اشتراها.
فيما يشير هاشم جمال وهو عامل بناء لـ"عربي21"، أنه بالرغم من حاجته إلى شراء الأشياء والسلع وخصوصا اللحوم بأسعار زهيدة، إلا أنه لا يريد إطعام أهله لحوما مسروقة أو مصادرة دون وجه حق، حسب تعبيره.
ويتابع: "في هذه الأيام لم يبق لدي مال بسبب توقف العمل في الموصل، وأجر عملي يومي، وبالرغم من ذلك لا أستطيع أن أشتري من ذلك السوق"، مضيفا: "ذهبت مرة واحدة إلى سوق الغنائم ورأيت أشياء عجيبة، حيث تتوفر فيه كل الأشياء المنزلية بكل تفاصيلها".
من جانبه، قال عزيز الشمري والذي كان يعمل ضمن طاقم الحماية لأحد شيوخ القبائل المعروفين وهو عبد الله حميدي عجيل الياور: "كنت في الموصل وذهبت إلى السوق متخفيا، فرأيت الكثير من الأغراض، وأثاث منزلين للشيخ الياور، واللذين سرقهما عناصر تنظيم داعش".
وأشار في حديثة لـ"عربي21" إلى أن التنظيم لم يكتفِ بمصادرة مقتنيات منزل الياور، بل قام بمصادرة الخيول العربية الأصيلة من مزرعته، والتي لا يعرف أحد مكانها حتى اليوم.