كتب جيمس روبن، مساعد وزير الخارجية في إدارة بيل كلينتون عن العملية العسكرية الأميركية في سوريا والعراق. وقال روبن في مقالة نشرتها صحيفة "صاندي تايمز" إن تدريب
القوات العراقية يحتاج لسنوات في وقت يتقدم فيه تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش".
وجاء في المقالة "قضت الحكومتان الأميركية والبريطانية 25 عاما وهما تفكران في العراق. فقبل 24 عاما قام الرئيس العراقي صدام حسين بغزو الكويت. واليوم جاء دور (داعش) وقواته والمعروف أيضا باسم تنظيم الدولة، والذي يسيطر على ثلث المنطقة السنية في العراق وسوريا ويهدد العاصمة بغداد".
ويذكِّر الكاتب بالكذبة التي اخترعها نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني لاحتلال العراق " قبل 12 عاما برّر نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني احتلاله للعراق بأن صدام كان يدعم الإرهاب الدولي. ويبدو أن فرية تشيني أصبحت حقيقة واقعة، فالعراق لديه اليوم جماعة إرهابية دولية على أراضيه، حيث يهدد (داعش) بنقل سياساته المتعطشة للدم إلى الغرب، من القتل الجماعي للتعصب الديني وابتزاز الأبرياء العراقيين (والسوريين) والذين يعانون يوميا".
ويعلق روبن على التحالف الدولي الذي جمعته الولايات المتحدة "والذي يضم دولا عربية وفرنسا وبريطانيا وأستراليا في تحالف لمواجهة (داعش)، وعليه فمن العدل التساؤل: هل نربح الحرب في العراق أم نخسرها؟".
ويرى روبن أن هناك أخبارا سعيدة وأخرى سيئة في هذا السياق "فالأخبار السعيدة هي أن هجوم (داعش) على البلدة الكردية
كوباني في شمال العراق توقف في النهاية، فنتيجة للغارات الجوية المركزية، ضعفت قدرة (داعش) ولم يعد قادرا على السيطرة على البلدة".
وفي المقابل يبين روبن "في الجار العراق، هناك أخبار سيئة أكثر من تلك السعيدة. ففي المحافظات السنية، خاصة في الأنبار، يتقدم (داعش) وتسيطر قواته على المدن الرئيسية والمنشآت القريبة بعضها من مطار بغداد الدولي. وفي العاصمة بغداد نفسها يستمر الانتحاريون في عمليات القتل، التي تستهدف المدنيين الشيعة على أمل إشعال حرب طائفية سنية – شيعية. نحن لا نخسر الحرب ولكننا بالتأكيد لا نربحها".
ويضيف روبن "السبب الذي يمنع التحالف من ترجيح كفة المعركة هو الحكومة العراقية وقواتها العسكرية، التي لا تزال تعاني من الانشقاقات والهزيمة واستسلام عشرات الآلاف من الجنود. فنشوء جيش قوي قادر على الاستماع لأوامر الحكومة في بغداد أمر بعيد. كل هذا رغم مليارات الدولارات من المعدات والتدريب والتجنيد، التي قدمتها الحكومات الغربية لصالح الجيش العراقي، الذي ظل تشكيله أولوية لصناع القرار خلال العشرة أعوام الماضية".
ويتحدث الكاتب عن القوات الكردية التي يقول إنها "استثناء، فالقوات الكردية في سوريا قاتلت بشجاعة في كوباني. وفي العراق، منع الأكراد بعد انتكاسات أولية وبدعم من الغارات الجوية (داعش) من السيطرة على مناطق جديدة".
كل هذا يترك كما يقول روبن "مساحات واسعة من سوريا والعراق تحت سيطرة (داعش)، ودون قوات قادرة على مواجهته. وهناك تقارير متفرقة ترى أن جنون ووحشية (داعش) بدأت تهمِّش قادة القبائل في كل من سوريا والعراق. وإذا أخذنا الخوف الذي يخلقه مقاتلو التنظيم في النفوس، فهزيمته تقتضي قوة على الأرض ذات دافعية قتالية ومجهزة بالسلاح، وتلقى دعما من طيران التحالف في الجو، وقوة كهذه ليست في الأفق".
ويعلق الكاتب روبن على اسم العملية الذي وضعته وزارة الدفاع لمواجهة (داعش) فيقول "أعلنت البنتاغون في النهاية عن اسم الحملة الجوية: عملية العزيمة الصلبة، وأوباما مصيب بالقول إن عملية إضعاف (وفي النهاية تدمير) القوة الإرهابية تحتاج لوقت، نعم تحتاج واشنطن لعزيمة صلبة لمواصلة العملية، ولكن هذا ليس كافيا".
وهنا يشير الكاتب لأهمية القوة الجوية "السبب الذي يدعو الجنرالات الأميركيين والبريطانيين للتحدث وباستمرار عن القوات البرية بسيط، لأن الغرب يحتاج أشهرا بل سنوات طويلة لتدريب قوات كافية من المعارضة السورية كي توقف تقدم (داعش) على الأرض، كما أن الدبلوماسيين في بغداد ليسوا متفائلين بقدرة الحكومة العراقية على كسب ولاء السنة وقادتهم بشكل يساعد جيشا عراقيا فاعلا للهجوم على مواقع (داعش) واستعادة المناطق المفقودة".
ويجد روبن أن "القوة الجوية مهمة، فقد أوقفت من زخم تقدم (داعش)، فبمنعها سقوط كوباني غيرت الغارات الجوية سيكولوجية النزاع، حيث تقضي قوات (داعش) الوقت وتبذل الجهد للاختباء من غارات التحالف. ولكن هل علينا الانتظار عاما أو عامين حتى تكون القوات السورية والعراقية في وضع جاهز لمواجهة الإرهابيين؟".
ويعتقد روبن أن كل هذا يزيد من الضغود على واشنطن لتقديم إشارات مقنعة إلى أن التحالف ينتصر في الحرب "في عام 2011، كانت إدارة
أوباما تريد الانسحاب من العراق، وفعلت ذلك، والخلاف حول رفض العراق منح الجنود الأميركيين الحصانة من المحاكمة لم يكن موضوعا مهما، والآن ينظر لصعود (داعش) باعتباره أمرا خطيرا، وفجأة ترغب الإدارة بنشر قوات أميركية هناك، ولم يعد الموضوع القانوني عائقا أمام هذا".
وينتهي روبن إلى القول "رُبط صعود (داعش) بشكل منطقي بقرارين أميركيين كبيرين: عدم تسليح المعارضة السورية وسحب القوات الأميركية من العراق بشكل متعجل. وعليه فإدارة أوباما مطالبة بالبحث عن طرق لربح الحرب، فلا الرأي العام ولا الجمهوريون ولا التحالف لديهم (العزيمة الصلبة) للانتظار بصبر حتى يقوم الجيش العراقي بقلب المعادلة، ولابد من البحث عن حلول أخرى وبشكل سريع".