تتعرض أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى اعتداء من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنين بشكل يومي، من تخريب وحرق وتقطيع وسرقة لحبّها، حيث تمثل شجرة الزيتون بالنسبة للفلسطينيين رمزا لعروبة الأرض، وتعكس التواجد التاريخي لهم على أرض فلسطين.
من جهته، أوضح مدير مركز أبحاث الأراضي برام الله، جمال العملة، لـ"عربي21" أن سر عداء الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين لشجرة الزيتون "لأنها أكبر دليل زراعي على أن الفلسطيني متجذر بهذه الأرض، ومعمر بها"، مدللا على ذلك بوجود "شجر زيتون قديم قدم تاريخ فلسطين، ومتجدد بتجدد الفلسطينيين على أرضهم"، على حد قوله.
وتدعي الحركة الصهيونية منذ انطلاقها عام 1897، بأن فلسطين بلاد فارغة لم يوجد فيها سكان، كمبرر لجلب اليهود إليها للاستيطان في أرضها، وفق العملة.
وكشف العملة أن الاحتلال حاول من خلال المستوطنين "سرقة شجر الزيتون، ونقله إلى مستوطناتهم، كي يثبتوا أنهم متجذرون بهذه الأرض، لكن هذ التجربة فشلت فشلا زريعا"، بحسب العملة.
وأضاف أن شجرة الزيتون "لن تكون طابعا يهوديا".
وجدد العملة تأكيده على أن "المستوطنين اتخذوا من شجرة الزيتون عدوا مركزيا يحاولون اجتثاثه، من كل أرض فلسطين".
وتسببت اعتداءات المستوطنين المتكررة بقطع وحرق عشرات الآلاف من أشجار الزيتون المعمرة، وكان أفظعها قيام قوات الاحتلال وجرافاته بقطع أكثر من 3 آلاف شجرة زيتون معمرة في الضفة الغربية والقدس المحتلة عام 1986، وكان معدل متوسط أعمار تلك الأشجار مئتي عام.
تعانقها وتأخذ صورة
وأضاف العملة أن "المستوطنين قاموا قبل عامين بوضع أواني بلاستيكية ممتلئة بالبنزين ووضعها في جوف شجر الزيتون المعمر وإشعالها"، ليؤكد بذلك على أن هذا العمل "هو سلوك إجرامي لا يقوم به إنسان"، مشيرا إلى أن "هذا النوع من أشجار الزيتون حينما تراها، تذهب مباشرة لتعانقها، وتأخذ صورة معها، لأنها معلم تاريخي يتنفس بعبق الأجيال"، عل حد وصفه.
من جانبه، أرجع أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية بغزة، الدكتور زكريا السنوار، السبب وراء عداء الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين لشجرة الزيتون لثلاثة أبعاد هي: "البعد الديني والسياسي والاقتصادي"،موضحا أن "شجرة الزيتون تاريخية تعمر طويلا، وتثبت حقا في الأرض، وهي مصدر دخل لمالكها".
وبيّن أن "المستوطنين يتحركون دوما بشكل مكثف في مواسم قطف الزيتون، كي يخسر المواطن الفلسطيني ثمرة جهده التي انتظرها طوال عام".
حرق أشجار الزيتون
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذه الأشجار هي صورة من صور هيمنة الإنسان على الأرض، فالإنسان المرتبط بأرضه إذا قلعت أشجاره يصبح مبرر نفيه أقوى عند الاحتلال"، الذي يعتبره السنوار "مشروع استيطان إحلالي، يريد أن ينتزع من صاحب الأرض أرضه ليحل مكانه، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال نزع الفلسطيني أرضه، بقلع وحرق أشجار الزيتون".
بدوره، أبدى مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية، غسان دعلس، عزما كبيرا على الاستمرار في زرع أشجار الزيتون، وقال لـ"عربي21": " كل يوم هناك زراعة لأشجار الزيتون، مقابل التقطيع اليومي للشجر من قبل المستوطنين".
وأوضح أن الاحتلال يهدف لقطع "تواصل الفلسطيني مع أرضه، وإحلال المستوطنين من خلال قطع أشجار الزيتون وحرقها (...) هم يريدون حرق قلب المواطن الفلسطيني".
حالة حرب مستمرة
وأشار دعلس إلى أن الفلسطينيين حينما ينتظرون طيلة العام موسم الزيتون، ويذهبون لأرضهم ليكونوا أمام شجر الزيتون الذي ورثوه عن أجدادهم ليجدوه مقطعا، "فهذا بمثابة نكبة فلسطينية جديدة".
ومن جهته، أكد المختص في الشأن الاسرائيلي، ناجي البطة، أن الاحتلال الإسرائيلي في "حالة حرب مستمرة مع الإنسان الفلسطيني وكل ما يمثله، وعلى رأس ذلك شجرة الزيتون"، مشددا على أن "هذه الحرب لن تنتهي إلا بخروج هؤلاء المستوطنين".
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن "هناك عداء مستحكم بين تلك الشجرة التي تنم عن عراقة وحق فلسطيني، ولا يمكن أن تقبل بغير الفلسطيني أن يكون بجوارها، وبين هؤلاء المستوطنين"، مبينا أن "عداء الاحتلال لشجر الزيتون هو مؤشر على أن هذه الأرض ليست أرضهم، وأنهم غزاة لا ينتمون لجذور هذه الأرض".
وختم بالقول: "شجرة الزيتون تقف شامخة في وجه كل محاولات التغيير".