يحتفل الإعلاميون
الجزائريون، الأربعاء 22 تشرين الأول/ أكتوبر، باليوم الوطني للصحافة في البلاد، وسط جدال حول حدود مساحة حرية التعبير، التي تكفلها سلطة تواجه تحديات داخلية وخارجية، في ظرف سياسي حساس وأثرت على العمل الإعلامي بالبلاد بشكل لافت.
واختار الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة يوم 22 تشرين الأول/ أكتوبر ليكون يوما وطنيا للصحافة، وهو تاريخ صدور أول صحيفة بالجزائر أيام الاحتلال الفرنسي للبلاد، وكان اسمها "المقاومة"، واحتفلت به الجزائر، لأول مرة العام الماضي 2013، بعد أن أقره بوتفليقة بمرسوم رئاسي.
لكن الطابع الرسمي، يخيم على الاحتفال باليوم الوطني للصحافة، في وقت اعتاد الصحفيون الجزائريون على الاحتفال بـ"اليوم العالمي لحرية التعبير"، المصادف للثالث أيار/ مايو، من كل عام.
ودعا بوتفليقة الإعلاميين الجزائريين، إلى "استكمال البناء القانوني للمنظومة الإعلامية والإسهام في ترقية المهنة والدفاع عن مكاسب الإعلاميين".
ومنذ انتقاله للعلاج بباريس، يوم 27 نيسان/ أبريل 2013، ثم عودته يوم السادس يوليو/ تموز، إلى أرض الوطن، ظل الرئيس الجزائري يخاطب فئات الشعب عند حلول كل مناسبة، عن طريق الرسائل عبر وكالة الأنباء الرسمية والتلفزيون الحكومي دون أن يظهر.
وتابع بوتفليقة في رسالة وجهها لصحفيي بلاده، عبر وكالة الأنباء الرسمية، الثلاثاء أن "تخصيص يوم وطني لفئة الصحافيين نابع من منطلق الإدراك بالدور الذي تلعبه هذه الفئة في الجهد الجماعي للمساهمة في البناء الوطني والقومي، وتعميق حرية التعبير، وإشعاع مثل الحق والعدالة في المجتمع، والذود عن مصالح الوطن".
وأضاف بوتفليقة في ذات الرسالة "لقد حرصت، منذ صدور القانون العضوي المتعلق بالإعلام على أن يكون هذا البناء شاملا لكل النشاطات المرتبطة به، بما يكفل للصحافيين والإعلاميين وكافة المتدخلين، أداء مهامهم في انسجام مع المهام المنوطة بهم، بعيدا عن أية مزايدة أو خرق للقانون أو مساس وتشويه للأهداف المتوخاة من هذه المهنة، بما يتنافى وقواعد أخلاقياتها وآدابها".
لكن قطاعا واسعا من الإعلاميين الجزائريين، وحتى الحقوقيين، لا يرون انسجاما بين مضمون رسالة الرئيس وواقع الإعلام في البلاد. رغم أن القانون الجديد للصحافة الصادر كانون الثاني/ يونيو العام 2013، أسقط عقوبة الحبس على الصحفي.
وانتقدت جريدة "الخبر" الجزائرية، رسالة الرئيس بوتفليقة وقالت في افتتاحيتها لليوم، الأربعاء أن "الرهانات الحقيقية للصحافة خارج اهتمامات السلطة"، وأن "رسالة الرئيس اكتفت بالإشارة إلى أمور سطحية".
وأفاد الإعلامي الجزائري، سفيان السبع لـ"عربي21"، أن "السلطة تتعامل مع الصحفيين بمنطق الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى"، وشجب "تسليط سيف الإشهار على الصحف المستقلة، من خلال قطع منابع الموارد المالية عن الصحف التي تنتقد النظام".
وتابع السبع: "إن السلطة أوجدت صنفين من الصحف: الصنف الأول، فهو موال ويقوم بتلميع صورة النظام والمسؤولين، وتغدق عليه بالإشهار العمومي، أما الصنف الثاني، فهو المحسوب على المعارضة وتسعى السلطات للتضييق عليه عبر قطع منابع الإشهار عنه".
وذكر المتحدث بالتجاذب "الخطير" بين صحيفتي "الخبر" الناطقة بالعربية، و"الوطن" الناطقة بالفرنسية، من جهة، وبين وزير الاتصال الجزائري، حميد قرين، من جهة ثانية، لما استنكرت الجريدتان ما سمي بـ"مساعي الوزير لمنع المعلنين الخواص من إشهار منتجاتهم بالصحيفتين، كونهما معارضتان للنظام".
وقال سعد بوعقبة، عميد الصحفيين الجزائريين، والكاتب والمحلل السياسي لـ"عربي21": "إن وزير الاتصال تحول إلى وزير للإشهار، لأنه لا يهتم إلا بتوزيع الإشهار على الصحف الموالية".
وأكد محمد دويبي، الأمين العام لحركة" النهضة" المعارضة بالجزائر، لـ"عربي21" الأربعاء "إن السلطة بالجزائر، كما تضيق على المعارضة السياسية، تضيق أيضا على
الصحافة التي تنقل انشغالات المعارضة، هذا الوضع لا ينبغي أن يدوم".
وانتقد تنظيم "مبادرة الصحفي" بالجزائر، ما أسماه في تقرير له صدر الثلاثاء ما وصفه بـ"تخلي الوزارة المعنية بالقطاع عن مسؤوليتها القانونية في حماية الحقوق الاجتماعية والمهنية للصحافيين، وبوجه خاص الصحافيين العاملين في عناوين الصحافة الخاصة، والمقدر عددهم بنحو 2500 صحفي موزعين على نحو 100 عنوان، وعلى كاهلهم تقع ما نسبته 90 % من مهام إعلام المواطن ونقل انشغالاته وتقوية علاقته بالدولة ومؤسساتها".