تساءل الصحافي أدم تايلور في مقال له في صحيفة "واشنطن بوست"، عن حالة
ليبيا لو تم إلقاء القبض على الزعيم الليبي معمر
القذافي وليس قتله، في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي قالت فيه الحكومة الانتقالية إن الزعيم اللببي قتل في أثناء تبادل إطلاق النار، إلا أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" لم تتوصل للكيفية التي قتل فيها، ولكنها رجحت أنه ربما أعدم فورا دون
محاكمة.
ويقول تايلور إن وفاته كانت نهاية غير وقورة ومروعة، لكن الكثيرين رأوا أنها نهاية تناسب القذافي ويستحقها. فقد قاد ليبيا وحكمها بطريقة مستبدة لمدة 42 عاما، وسحق كل المعارضة بطريقة وحشية ودعم
الإرهاب الدولي.
ويجد تايلور أنه مع توسع مد الثورات العربية والربيع العربي هاجم القذافي أعداءه ووصفهم بالجرذان، وقام بحملة عسكرية قتل فيها الآلاف من أبناء شعبه. وكانت وفاة القذافي علامة مهمة في تاريخ ليبيا، لكن وبعد ثلاثة أعوام على مقتله لا يمكن لأحد وصفها بالعلامة الإيجابية. فلا تزال ليبيا في حالة فوضى أكثر مما كانت عليه، حيث يدور القتال فيها بين القوى الإسلامية والوطنية والميليشيات الجهوية والإقليمية. ودخلت في الآونة الأخيرة كل من مصر والإمارات العربية الحرب، فيما اضطرت حكومتها العاجزة في المنفى لعقد اجتماعاتها على متن عبارة - سفينة راسية في البحر.
ويرى الكاتب أنه إزاء هذا الوضع، فمن غير المعقول التساؤل عما كان سيحدث لو لم يقتل القذافي. وقد طرحت الصحافية الأيرلندية ماري فيتزجيرالد، المقيمة في ليبيا هذا السؤال في الأسبوع الماضي، وقالت في تغريدة على التويتر "في مثل هذا اليوم، وقبل ثلاثة أعوام لقي القذافي حتفه بطريقة بشعة"، مبينة أن "الكثير من الليبيين كانوا يفضلونه في قاعة المحكمة".
ويعلق تايلور قائلا "هذا سؤال مهم، ليس من أجل ليبيا ولكن للمنطقة، وحتى للقانون الدولي بشكل عام. يقول كريستوفر شفيفز، الباحث في مجموعة راند، إن نتيجة كهذة كانت ممكنة؛ فقد تدخل الناتو في ليبيا لكنه لم يكن يرغب بقتل القذافي، وكانت هناك آمال حول قبول بعض الدول به منفيا. "وفي النهاية قتل"، كما يقول شفيفز، الذي يعتقد أنه "لم يكن مفاجئا قتله، بعد الطريقة التي حكمهم فيها"، أي الليبيين.
ويبين تايلور أنه لو واجه القذافي القضاء، سواء كان محكمة جرائم الحرب أو في أي مكان آخر، لكانت لدى ليبيا فرصة للحصول على السلام والمصالحة بعد نهاية نظامه. وكان يمكن أن تكون فرصة مناسبة لبناء دولة عاشت أربعة عقود في ظل حكمه الفردي، وقادها أحيانا بطريقة تتسم بالغرابة.
ويذهب الكاتب إلى أنه إذا أخذنا بعين الاعتبار الطبيعة المتشرذمة للبلاد، فإن هذا يقودنا للتساؤل إن كانت المحاكمة ستؤدي لتوحيد كل القوى المنقسمة.
ويستدرك أن من الصعب الجواب على هذا السؤال إجابة قاطعة. فمحاكمة كبيرة لشخصية مثل القذافي كانت يمكن أن تؤدي إلى حالة من الانقسام والاستقطاب على المستوى المحلي، حسب تمارا كوفمان وايتس، الباحثة في معهد بروكينغز.
وتضيف كوفمان وايتس للصحيفة نقطة تتعلق بمشاكل محاكمة نجل القذافي سيف الإسلام. فقد بدأت الحكومة المؤقتة محاكمته بداية هذا العام، ووجهت لها انتقادات عدة منظمات ولاعبون دوليون، حيث انتقدت الطريقة التي تتعامل فيها مع الحالة. فقد اتهمت هيومان رايتش ووتش الحكومة بعدم تقديم تمثيل قانوني كاف للمتهم.
وتلفت الصحيفة إلى أن محكمة جرائم الحرب الدولية، التي وجهت اتهامات لسيف ووالده، تطالب الحكومة بتسليمه، ولم تكن المحكمة قادرة حتى الآن على دفع طرابلس لتسليمه، ما يضع الكثير من الأسئلة حول شرعيتها. ويقول جون جونز محامي سيف البريطاني "إنها تضر بها"، أي المحكمة، و"تظهر المحكمة أنها دون عظام أو أسنان".
ويعتقد الكاتب أن وضع ليبيا في النهاية لا يتعلق بمصير شخص، ولكن بالطريقة التي تصرفت فيها الدول التي ساعدت على التخلص منه، ولم تعمل على تعزيز الاستقرار بعد نهاية النظام. ويقول شفيفز "هل كانت ليبيا في حالة أحسن لو ظل على قيد الحياة؟ ربما لا"، ولكن الموضوع الرئيسي، كما يلفت، هو "لماذا تجاهل المجتمع الدولي بعد أشهر من الغارات الجوية البلد وعمليات الإعمار فيه بعد الازمة؟".
ويخلص تايلور إلى أن ليبيا عند وفاة القذافي كانت لديها معايير أفضل وفرص جيدة للتحول السلس من الحرب للسلام والاستقرار، فالبلد لديه الثروة وقريب من أوروبا، ولديه جيران يسيرون بنفس الاتجاه، وسكانه لا يشبهون سكان البوسنة أو أي بلد آخر.