بعد ثلاثة أيام فقط على مقتل 11 طالبة من جامعة سوهاج في حادث مروري، استيقظ
المصريون يوم الأربعاء على حادث مروع آخر شهدته محافظة البحيرة شمالي البلاد، بعد إصطدام حافلة مدرسية - كانت في طريقها إلى الإسكندرية - بثلاث سيارت على الطريق، واحتراقهم جميعا، وأدى الحادث الجديد إلى مصرع 18 تلميذا متفحمين وإصابة 20 آخرين معظمهم في حالة خطيرة، والعدد مرشح للزيادة بسبب سوء حالة المصابين.
وعقب وقوع الحادث، أصدرت الجهات الحكومة تصريحاتها بخصوصه، متبادلة الاتهامات بشأن المسؤولية عن مصرع التلاميذ.
تبادل الاتهامات
وقال مساعد وزير الداخلية للمرور اللواء مصطفى درويش إن الداخلية "خاطبت هيئة الطرق والكباري التابعة لوزارة النقل من أجل غلق الفتحات العشوائية بالطريق الزراعي الذي وقع عليه الحادث"، مؤكدا وجود عشرات الفتحات على هذا الطريق، تسببت في كوارث متكررة.
في حين أكد الخبير المروري اللواء مجدى الشاهد أن "المجلس الأعلى للمرور التابع لوزارة الداخلية الذي تم إنشاؤه منذ 32 عاما لم يجتمع مرة واحدة منذ عام 1983"؛ لعدم إدراك المسؤولين خطورة هذه القضية، بحسب قوله.
من جهته أعلن المهندس هانى ضاحى وزير النقل، أن تصادم البحيرة وقع نتيجة خطأ من سائق الحافلة الذي ما زال على قيد الحياة، لافتا إلى أن الطريق الذى وقع عليه التصادم مطور منذ أقل من عام ومطابق للمواصفات.
وردا على هذه الاتهامات، طالب اللواء مدحت قريطم مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة جميع الأطراف بالتوقف عن تبادل الاتهامات مشيرا إلى أن "الأهم الآن هو البحث عن حلول للحد من حوادث الطرق وتعديل قانون المرور في أقرب وقت".
وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، تحتل مصر المرتبة الأولى عالميا في حوادث الطرق، حيث يبلغ عدد الوفيات 13 ألفا والمصابين 60 ألفا سنوياً، وهو ما يزيد عن 30 ضعف المعدل العالمي. ووفقا لآخر إحصائية معلنة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2011، فإن مصر شهدت مصرع 7115 شخصا نتيجة حوادث الطرق بمعدل 8.8 حالة لكل 100 ألف نسمة، وبمعدل 19.5 حالة وفاة يوميا.
وترتفع معدلات حوادث الطرق في مصر لأسباب عدة بينها سوء حالة الطرق وتهالكها، فضلا عن رعونة القيادة في حالات أخرى، بحسب مصريين.
إرهاب الإهمال
من جهته نعى مجلس الوزراء من أسماهم "شهداء العلم" الذين راحوا ضحية الحادث الأليم بمحافظة البحيرة، مقررا رفع الجلسة الأسبوعية التي كانت منعقدة وقت وقوع الحادث، وانتقال وفد وزاري برئاسة رئيس الوزراء ومعه وزراء التنمية المحلية والصحة والشباب والأوقاف والتضامن الاجتماعى والنقل إلى موقع الحادث للوقوف على ملابساته.
من جانبه، أوعز الرئيس عبد الفتاح
السيسي بإرسال طائرات عسكرية مجهزة طبيا لموقع الحادث لنقل المصابين إلى مستشفيات القوات المسلحة بالقاهرة، كما تواجد إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء في مكان الحادث للوقوف على أسبابه وزيارة المصابين، معلنا صرف المجلس تعويضات عاجلة لأهالي الضحايا، وتوفير العلاج اللازم للمصابين على نفقة الدولة سواء داخل البلاد أو خارجها.
واختتم المجلس بيانه بتقديم العزاء للشعب المصري، وتعهد باتخاذ الإجراءات الحاسمة لمواجهة حوادث الطرق المتكررة في البلاد، ومعاقبة المخالفين لقوانين المرور بعقوبات رادعة.
وكشف أحد الطلاب الناجين من الحادث أن الحافلة المدرسية تأخرت عن موعدها اليومي بسبب عطل فيها، وأن السائق كان يقود بسرعة كبيرة في محاولة للوصول إلى المدرسة وتعويض الوقت الذي فاته.
وقال إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة ستتخذ وقفة حاسمة تجاه سائقي النقل غير المنضبطين، موضحا أن مصر أصبحت تعاني من إرهاب جديد وهو إرهاب الإهمال. وأضاف محلب في تصريحات صحفية خلال تفقده المصابين بالمستشفى أن هناك إجراءات مشددة ومحاسبة للمسؤولين عن هذا الحادث، موضحا أن كل أجهزة الدولة في حالة استنفار كامل لمعالجة المصابين وأنه يشرف بنفسه على نقلهم إلى مستشفيات القوات المسلحة بالقاهرة. وفي ختام حديثه، أكد محلب أن "هذا الحادث سيستنفر المجتمع كله للقضاء على الإهمال مثلما يصطف فى مواجهة الإرهاب".
وخلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، شهدت الطرق المصرية ثلاثة حوادث مروعة، حصدت أرواح عشرات الطلاب والعمال في محافظات البحيرة وسوهاج وأسوان، فضلا عن إصابة أكثر من مائة آخرين، ففي سوهاج شهدت 11 طالبة مصرعهن، مطلع الأسبوع الجاري، في حادث تصادم سيارة أجرة كانت تقلهن إلى مقر الجامعة، بينما لقي 16 آخرون مصرعهم وأصيب 11 في حادث على طريق أسوان جنوب مصر.