استهدفت عدة غارات جوية عددا من المواقع والقرى في محافظة إدلب التي تتواجد فيها جبهة النصرة، واستهدفت الضربات كذلك مواقع لحركة أحرار الشام الإسلامية في نفس المناطق، ووصولا إلى معبر باب الهوى مع تركيا.
وتأتي هذه الضربات بعد تمهيد في عدد من وسائل الإعلام الأمريكية منذ قرابة يومين يفيد بحتمية إعادة ضرب ذراع القاعدة السوري.
وليست هذه أول مرة يتم فيها استهداف "جبهة النصرة - تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام" ولا أول مرة يتم فيها استهداف "حركة أحرار الشام الإسلامية"؛ فعند بدء التحضير لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" كانت جبهة النصرة أيضا هدفا، وعندما صدر قرار مجلس الأمن بهذا الخصوص، كان مرفقا بقائمة من ستة أشخاص متهمين بدعم الإرهاب، خمسة منهم من المقربين إلى جبهة النصرة.
وكانت الجبهة قد وضعت على لائحة المنظمات الإرهابية بعد فترة وجيزة من نشأتها. وتزامنت ضربات التحالف ضد مواقع جبهة النصرة في ريفي إدلب وحلب مع ضرب مواقع وخطوط تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من سوريا والعراق. وذلك بالرغم مما أظهرته جبهة النصرة حينها من "حسن نية" عبر إطلاق سراح جنود الأمم المتحدة المحتجزين لديها في الجولان، وإطلاق سراح صحافي أمريكي قبيل بدء الضربات بأيام معدودة.
وتأتي الضربات الأخيرة دون تمييز بين جبهة النصرة، وحركة أحرار الشام الإسلامية مرة جديدة، علما بأنه في الضربات السالفة تم استهداف أحرار الشام أيضا. لكن عددا من مسؤولي الحركة "برروا" وقتها القصف مؤكدين أنه حصل عن طريق الخطأ، وأن المقرات التي استهدفت كانت فارغة.
لكن الوضع الميداني تغير جذريا اليوم، وما استهداف محيط معبر باب الهوى إلا الدليل القاطع على ذلك. فحتى إن لم تكن جبهة النصرة هي من يدير المعبر، فالجبهة الإسلامية وحركة أحرار الشام هما من يدير هذا المعبر مع تركيا. ما يعني أنه بعد المعارك الأخيرة بين جبهة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف وحركة حزم المدعومة أمريكيا من جهة، وجبهة النصرة مع عدد من فصائل أحرار الشام (صقور الشام وجند الأقصى في جبل الزاوية وريف إدلب) من جهة أخرى، والنصر الكاسح لجبهة النصرة، فقد بات المعبر الوحيد لإيصال الدعم الخارجي للفصائل المصنفة على أنها "معتدلة" يمر بمعبر باب السلامة بعد مدينة أعزاز.
وبات من البديهي أن يحاول التحالف الدولي أن يخفف الخناق عن فصائل الجيش السوري الحر عبر ضربات جديدة، ذلك فضلا عن بديهية استهداف جبهة النصرة والفصائل المقربة منها.
والإدارة الأمريكية، ومنذ اليوم الأول للضربات وضعت هذه الفصائل على لائحة الأهداف وأهمها جنود الشام، جيش المهاجرين والأنصار الذي انضمت إليه الكتيبة الخضراء مؤخرا، وحركة شام الإسلام. وضرب أحرار الشام، ليس إلا إنذارا لها، وتيقنا من انتقال عدد من قادتها وجنودها إلى صفوف جبهة النصرة وتنظيم "الدولة الإسلامية" في الأسابيع التي خلت.
تفاصيل ميدانية
وفي سياق متصل، أكدت مصادر متطابقة من النظام والمعارضة في سوريا الخميس، أن القوات الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد، تمكنت من استعادة السيطرة على حقل للغاز في حمص، بعد مواجهات مع مسلحي تنظيم الدولة، خلفت عددا من القتلى.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن "وحدات من الجيش والقوات المسلحة، بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي، أحكمت سيطرتها على حقل الشاعر للغاز والتلال المجاورة له في ريف حمص الشرقي، وقضت على أعداد كبيرة من إرهابيي تنظيم داعش، وتلاحق فلولهم في المنطقة"، على حد تعبير الوكالة.
وتابعت الوكالة الرسمية بأن "وحدات من الجيش والقوات المسلحة قضت على عدد من الإرهابيين، ودمرت آلياتهم، في عدة بلدات وقرى بريف حمص"، مشيرة إلى قيام انتحاريين كانا يرتديان أحزمة ناسفة، بتفجير نفسيهما في منطقة "الفرقلس"، بريف حمص، واقتصرت الخسائر على "أضرار مادية".
وأكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الأنباء الواردة من دمشق، بسيطرة قوات النظام والمسلحين الموالين لها على حقل "شاعر" للغاز، والذي كان مسلحو تنظيم الدولة قد سيطروا عليه نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأشار إلى استمرار الاشتباكات بين الطرفين، ومعلومات عن سقوط خسائر بشرية.
وذكر المرصد الحقوقي، الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، أن 12 قتيلا على الأقل، بينهم عدد من الأطفال والنساء، سقطوا نتيجة قصف نفذه الطيران الحربي المروحي بـ"البراميل المتفجرة" على مبنيين في حي "الشعار"، شرق حلب، ورجح سقوط المزيد من الضحايا.
وأضاف أن مروحيات النظام ألقت عددا من البراميل المتفجرة على أحد المباني التي كانت جماعة "جبهة النصرة"، المعروفة بـ"تنظيم القاعدة في بلاد الشام"، تتخذه كمقر لها، إلا أن مسلحيها أخلوا المبنى في وقت سابق، واستهدفت موجة ثانية من القصف تجمعا للمواطنين في نفس الموقع.
وأشار المرصد السوري إلى أن اشتباكات تدور حاليا بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، و"الكتائب الإسلامية المقاتلة" من جهة أخرى، على أطراف حي "التضامن" في دمشق.
ولفت المصدر نفسه إلى استمرار الاشتباكات بين قوات النظام، مدعومة بـ"قوات الدفاع الوطني"، ومقاتلي "حزب الله" اللبناني من جهة، ومقاتلي "الكتائب الاسلامية"، وجبهة النصرة "تنظيم القاعدة في بلاد الشام" من جهة أخرى، على أطراف حي "جوبر" في العاصمة السورية.