يرى محللون فلسطينيون أن المتطرفين اليهود الذي يقتحمون المسجد الأقصى بشكل شبه يومي، يشكلون الذراع الخفية للنظام الإسرائيلي، للسيطرة عليه.
حيث لا تلبث الأوضاع أن تهدأ في مدينة
القدس المحتلة، حتى يشعلها المتطرفون اليهود باقتحامات متجددة للمسجد
الأقصى، ويقابل ذلك تراخ واضح من قبل إدارة الاحتلال الصهيوني في منعهم من القيام بهذه
الاقتحامات، ويصبح الحديث عن التهدئة بالقدس في ظل هذه الاقتحامات عبثاً من القول.
المختص في الشأن الإسرائيلي ناجي البطة، أكد أن اليهود المتطرفين هم "اليد المتقدمة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، من أجل السيطرة على القدس والمسجد الأقصى".
ويوضح البطة لـ"عربي21" أن المتطرفين اليهود يشكلون ما لا يقل عن 35 بالمئة من المجتمع الإسرائيلي، منهم 20.4 بالمئة من "الحريديم بشقيهم الاشكنازيم والسفارديم" أي "المتزمتين غير الصهاينة إلى حد ما".
وثار غضب المقدسيين لتكرار دعوات قادة المتطرفين اليهود لاقتحام الأقصى، ما دفع الشاب الفلسطيني معتز حجازي (أسير محرر) لمحاولة اغتيال كبير المتطرفين الحاخام يهودا غليك، وهو زعيم ما يعرف بحركة "أمناء جبل الهيكل"، وهي حركة دينية يهودية إسرائيلية يمينية متطرفة، تأسست عام 1967م على يد المتطرف جرشون سولومون، وتسعى لإعادة بناء الهيكل المزعوم.
الفئة الأخطر
وبحسب البطة، فإن الفئة الأخطر صهيونياً هي حزب "البيت اليهودي"، الذي يقوده "نفتالي بينيت"، وهو حزب يؤمن بأن أرض فلسطين كلها ليست للفلسطينيين ولا للعرب وإنما هي للإسرائيليين وحدهم، وهم يعتقدون أن بناء الهيكل على أنقاض قبة الصخرة "حق ديني وتاريخي لهم".
وبالنظر إلى دور المتطرفين اليهود في إذكاء الصراع العربي الإسرائيلي، يرى البطة أن "الصراع ينحرف من القومية إلى الدينية، وهذا ما صرحت به مؤخراً وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني"، مضيفاً: "المنطقة ستشتعل عاجلاً أم آجلاً".
وحذرت ليفني في مقابلة إذاعية قبل أسبوع، من أن يؤدي الوضع المتأزم في القدس إلى "تحول النزاع القومي مع الفلسطينيين إلى نزاع ديني مع العالم الإسلامي بأسره"، مؤكدة ضرورة تجنب الاستفزازات من قبل الجانب الإسرائيلي.
تهويد بلا إعاقة
ويسعى المتطرفون اليهود إلى "تغيير معالم القدس، لتصبح مدينة يهودية خالصة، وينتهي الوجود الإسلامي والمسيحي فيها على حد سواء"، بحسب أستاذ التاريخ والحركة الصهيونية في الجامعة الإسلامية بغزة، د. زكريا السنوار.
وأضاف السنوار لـ"عربي 21" أن المتطرفين اليهود يتحركون بدعم وتأييد إسرائيلي رسمي وشعبي، مشيراً إلى أن "الاحتلال بكل مكوناته يسعى إلى تهويد المدينة المقدسة من خلال خطة مبرمجة يتوافق عليها الكل الإسرائيلي".
وتابع: "بصراحة لا يوجد ما يعيق تهويد القدس، فلقد تُرك أهلها وحدهم في الميدان".
وبيّن أن المتطرفين اليهود يقومون بتجهيزات لإقامة هيكلهم المزعوم، وينشئون مزارع خاصة لنوع معين من الأبقار في هولندا، لإنتاج "بقرة حمراء" تنطبق عليها شروط البقرة التي يعتقدون أنها ضرورية لبناء الهيكل.
ووفقا لمعتقدات اليهود، فإنه لا بد من ظهور "بقرة حمراء مقدسة" في الأراضي المحتلة كعلامة من الله على البدء في هدم الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه، بعد أن يقوموا بحرق البقرة، وأخذ رمادها والتطهر به قبل الدخول إلى الهيكل.
ونعى السنوار حال الشعوب العربية والإسلامية "التي لا تحرك ساكناً تجاه القدس، وإذا تحركت قليلاً عاجلتها عصا الأنظمة الغليظة التي تخشى من إفساد علاقتها بـ(إسرائيل)"، في الوقت الذي "يتعاون فيه يهود العالم وتتكامل جهودهم لهدم الأقصى وبناء الهيكل".
يشار إلى أن المتطرفين اليهود يسعون إلى تمرير قانون يجيز لهم التقسيم الزماني والمكاني للحرم القدسي الشريف، ويسخّرون مئات ملايين الدولارات التي توفرها الجمعيات الأمريكية الصهيونية لشراء الشقق السكنية والعقارات، بالتوازي تماما مع مصادرة الأراضي من قبل قوات الاحتلال.
وشهدت الأيام الأخيرة زيادة وتيرة اقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى، وإقامة شعائرهم التلمودية، فيما تقوم قوات الاحتلال بتفريغ الأقصى من المصليين والمرابطين فيه بالقوة؛ ليتسنى للمتطرفين ممارسة شعائرهم بحرية.