نشرت مجلة "ذي أتلانتك" مقالا ليوري فريدمان حول التكلفة المادية لحرب الولايات المتحدة على "
داعش"، قال فيه إنه وبعد 96 يوما من إطلاق الولايات المتحدة لأول غاراتها الجوية على "داعش" في
العراق، وبعد توسيع عملياتها بـ 50 يوما لتشمل
سوريا، فإن الحكومة الأميركية تنفق حوالي ثمانية ملايين دولار في اليوم أو أكثر من 300 ألف دولار في الساعة في عمليتها ضد هذه الحركة السنية المتطرفة، بحسب مسؤولي البنتاغون.
ويقول فريدمان إن هذا المبلغ يعتبر تافها، إذا ما قورن بنفقات الحرب في أفغانستان، والتي تكلف الولايات المتحدة 200 مليون في اليوم، ويقدر "مشروع الأولويات الوطنية"، الذي يحث على الشفافية في الميزانيات، بأن الولايات المتحدة أنفقت 1.5 ترليون "الترليون يساوي مليون مليون" في العراق وأفغانستان وضد "داعش" منذ عام 2001، ولكن هذه الأرقام مهمة لفهم ما ألزم فيه أوباما البلاد، ويطلب عليه المصادقة من الكونغرس.
ونشرت صحيفة "ديفنس نيوز" أن الـ 5.6 مليار الإضافية، التي طلبها أوباما حديثا من الكونغرس لمحاربة "داعش"، سيذهب معظمها لتدريب وتسليح الجيش العراقي والكردي، وتشغيل الطائرات فوق سوريا والعراق، ونقل الجيش والمواد في المنطقة "وكان البيت الأبيض قد ضاعف الأسبوع الماضي عدد الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق بصفة استشارية، حيث سمح بنشر 3100 جندي"، وهذا يعني أن الإدارة الأميركية تقامر بمليارات الدولارات على عملية يشترط لنجاحها ضرب تنظيم الدولة من الجو، وتقوية الجيش على الأرض لمواجهتها. وكل ما فعلته حملة أوباما إلى الآن هو إضعاف الإمكانيات بدلا من التدمير، بحسب التقرير.
ويشير الكاتب إلى أن الميزانية تخفي التباسا حول تاريخ بداية الحملة على "داعش"، ففي حين صرح الأدميرال جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون بأن الاشتباك بدأ في 16 حزيران/ يونيو عندما أرسل أوباما 275 جنديا لحماية السفارة الأميركية في بغداد. ولكن وبحسب "ديفنس نيوز" فإن وزارة الدفاع غيرت كلامها وقالت إن الاشتباك بدأ مع "داعش" في 8 آب/ أغسطس التاريخ الذي تم فيه توجيه أول ضربة جوية للتنظيم في العراق.
ويذهب التقرير إلى أن البنتاغون لم يصرح بتكاليف العملية من 16 حزيران/ يونيو وحتى 8 آب/ أغسطس، ومع هذا فإن "ديفنس نيوز" تقدر التكلفة أثناء تلك الفترة بـ 400 مليون، ويعني ذلك أن تكلفة العملية ضد "داعش" إلى الآن وصلت إلى مليار دولار.
ويرى فريدمان أن الأهم من هذا هو أن هذه الأرقام تعطي مؤشرات ليس فقط لنقطة بداية العمليات، بل أيضا متى وكيف ستنتهي. في أيلول/ سبتمبر وعد أوباما "بإضعاف وتدمير" تنظيم الدولة، وما يبدو إلى الآن هو أن حملة أوباما تعمل على صعيد الإضعاف أكثر من التدمير.
وتلفت المجلة لما نشرته "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي في تقرير لها قالت فيه إن
التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة والقوات المختلفة على الأرض، أوقف تقدم "داعش" السريع في العراق وسوريا، وأدى حتى إلى تراجع نفوذه على الأرض في العراق.
ويجد التقرير أن الغارات الجوية اضطرت الجهاديين إلى ترك قواعدهم العسكرية واستخدام بيوت المدنيين بدلا من ذلك، بالإضافة إلى ترك التنقل في مواكب واستخدام طرق أخرى للتنقل، وفي الوقت نفسه إيقاف العائدات على "داعش" باستهداف آبار البترول والمصافي. ولو وضعنا الغارات الجوية جانبا فإن "داعش" قد تكون تسببت بنفور السكان المحليين، ولم يبق هناك مناطق فيها أكثرية سنية مهمشة لتغزوها.
ويستدرك الكاتب بأنه وبعد 800 ضربة جوية من العملية، التي تقودها الولايات المتحدة، فلا يزال "داعش" يسيطر على مساحات كبيرة في سوريا والعراق، ومع أن الضربات استهدفت قيادات وكوادر التنظيم، إلا أن الأجانب لا يزالون ينضمون إليه بأعداد كبيرة، ولا تزال إمكانياته القتالية هائلة.
وتورد المجلة اعتراف المسؤولين الأميركيين بأن الغارات الجوية وحدها محدودة الفعالية في مواجهة "داعش"، فكما قال راي أوديرنو رئيس الأركان لـ"سي إن إن" في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر: "نشتري الوقت بالغارات الجوية"، مضيفا أن الأمر سيأخذ عدة سنوات "لإضعاف (داعش) بشكل كبير"، وهذا يعتمد بشكل كبير على القوات الأرضية، كالجيش العراقي والبشمركة الكردية، "يبدو أن الولايات المتحدة مهتمة باقتلاع (داعش) من العراق أكثر من سوريا، حيث تركز على ضرب مراكز القيادة ومصادر دخل التنظيم، وتقوم بتدريب المعارضة السورية على الدفاع عن الأرض لا استرجاعها".
ويتابع أوديرنو: "مع مرور الوقت وإن لم تنجح هذه الخطة، فسيكون علينا إعادة التقييم، وعلينا أن نقرر إن كنا نعتقد أن الأمر يستحق إضافة قوات هناك بما في ذلك قوات أميركية".
ويعتقد فريدمان أن هذا الاحتمال يكلف مليارات الدولارات، وقام مركز الدراسات الاستراتيجية وتقدير الميزانيات بتقدير تكاليف الحملة الأميركية على "داعش" بناء على ثلاثة سينارهوت للمنحى الذي ستؤول إليه؛ أولها حملة جوية عادية، وثانيها حملة جوية مكثفة، والثالث هو وجود قوات مقاتلة على الأرض بواقع 25 ألف جندي. تكاليف الخيار الأول تصل إلى 320 مليون دولار في الشهر، والثاني 570 مليون دولار في الشهر، أما تكاليف الخيار الثالث فتبلغ 1.8 مليار في الشهر.
وتبين المجلة أنه مع أن أوباما استبعد إرسال قوات برية لمحاربة "داعش"، إلا أن الحروب، وحتى الحروب المحدودة، يمكن لها أن تتطور بشكل غير متوقع، كما ذكر تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية الآنف ذكره، حيث قال إن هناك عدم وضوح، ومصدر عدم الوضوح هو أمران؛ ماذا تريد أميركا في العراق وسوريا بعد هزيمة "داعش"، وماذا تحتاج للوصول إلى ذلك، الهدف الأول مسألة استراتيجية، والثاني تكتيك وتخطيط، والعدو يؤثر في الأمرين.
ويخلص الكاتب إلى أنه بينما تستمر الحملة الجوية يذوب مقاتلو "داعش" في بيئتهم، ويقل عدد الأهداف، ويبقى العدو أضعف من السابق ولكن لم يهزم، فماذا بعد؟، وكيف يعرف أوباما مهمته في تدمير "داعش"؟ عليه أن يتابع التمويل.