قرر الأديب والروائي
المصري يوسف زيدان، صاحب رواية "عزازيل" الشهيرة، اعتزال العمل الثقافي في مصر والبلاد العربية، احتجاجا على استمرار تعيين إسماعيل سراج الدين مديرا لمكتبة الإسكندرية، وعدم تدخل الرئيس المصري عبدالفتاح
السيسي في الأمر واتخاذ رئيس الوزراء إبراهيم محلب "سراج الدين" مستشارا ثقافيا له.
ويعكس هذا التصرف من قبل "زيدان" حجم الخلافات بين القائمين على أمور
الثقافة المصرية، التي أجج منها قادة الانقلاب، بتركهم مسؤولين تحوم حولهم شبهات الفساد والانحراف بالسلطة في مواقعهم، وتقريبهم أهل الثقة من اليساريين والفلول والنفعيين، مع إقصاء كل من يتمتع بميول إسلامية عن تلك المناصب، وحتى عن الكتابة، والإبداع، والمشاركات الثقافية الفاعلة.
فقد قال زيدان، الروائي الحاصل على جائزة بوكر للرواية العربية وجوائز كبرى عدة: "سأتوقّف عن أي فعلٍ وتفاعلٍ ثقافي في مصر والبلاد العربية، وسأنقطع عن الكتابة الأسبوعية في جريدتَي الأهرام والوطن (وأي جريدة أخرى)، وسأكفُّ عن كل الاجتهادات التثقيفية والصالونات الثقافية والندوات واللقاءات الفكرية التي أُقيمها في القاهرة والإسكندرية، وغيرهما من المدن المصرية.
وجاء قرار زيدان في تدوينة على صفحته بموقع التوصل الاجتماعي "فيس بوك" الاثنين، شدد فيها على أنه لن يعود في قراره هذا، ما دام إسماعيل سراج الدين باقيا في مكانه كمدير لمكتبة الإسكندرية، أو أن تُعلن المحكمة براءته من القضايا التي يُحاكم فيها، بسبب أعماله في المكتبة.
ونعى زيدان على السيسي أنه بحكم منصبه كرئيس للجمهورية، ورئيس
مكتبة الإسكندرية، لم يتدخّل شخصيا فى هذا الأمر، الذى رآه زيدان، والأمر هكذا، دليلا دامغا، على أنه "لا فائدة تُرجى من أي جهدٍ ثقافي يُبذل في هذا الوطن المنكوب المسمّى مصر"، على حد تعبيره.
بيان اعتزال
وفي بيانه، قال زيدان: "معروفٌ أن خلافا جرى بينى وبين د.إسماعيل سراج الدين، بسبب مكتبة الإسكندرية، وليس لسبب شخصي، فكانت نتيجته أننى استقلتُ منذ عامين من عملى كمدير لمركز المخطوطات ومتحف المخطوطات بالمكتبة، بعد سبعة عشر عاما من الجهد الذى لا يعلمه إلا الله لبناء هذه المكتبة، ورفع شأنها فى العالم".
وأضاف: "معروف أن الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، يُحاكم منذ ثلاثة أعوام بسبب أفعاله في المكتبة، ويديرها في الوقت ذاته، وكان قد أحيل إلى النيابة فى 107 قضايا، جرى التصالح في بعضها، وذهب بعضها الآخر إلى المحكمة، وظلت الجلسات تؤجّل حتى كان التأجيل رقم 15 منذ أسبوع، إلى جلسة شهر ديسمبر القادم! وهو في الوقت ذاته يدير المكتبة".
وتابع زيدان: "ومعروف أن الدكتور جابر عصفور، وزير ثقافة مصر حاليا، كان قد قال منذ عامين ما نشرته الجرائد، و كان نصُّه بالحرف الواحد: "إسماعيل سراج الدين كذّاب" ومع ذلك، أصدر قرارا فور تولّيه وزارة الثقافة بضمِّ هذا الذى وصفه بالكذّاب، لعضوية المجلس الأعلى للثقافة.. والآن، يصدر رئيس الوزراء قراره هذا المنشور في كل الصحف، لتكريم الدكتور المذكور بمنصب "المستشار" الثقافي لرئاسة مجلس الوزراء".
وأضافت: "على ذلك، ولأن السيل قد بلغ الزُّبى، و لأنني تأكدتُ من أنني كنت حتى اليوم أحارب طواحين الهواء اعتبارا من هذه الليلة، سأتوقّف عن أي فعل و تفاعلٍ ثقافي في مصر والبلاد العربية، وسأنقطع عن الكتابة الأسبوعية في جريدتي الأهرام والوطن".
جدل بين النشطاء
وقد نال قرار الاعتزال اهتمام نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض له، وأرجعه بعضهم إلى تطلع زيدان شخصيا إلى أن يتبوأ منصب مدير مكتبة الإسكندرية، وانتقدوا "تزلفه" قادة الانقلاب، والسيسي شخصيا، كي ينال المنصب دون جدوى.
ومن جهته، هاجم الفقيه الدستوري، محمد نور فرحات، يوسف زيدان، في تدوينة له عبر حسابه الشخصي على "فيس بوك"، قال فيها: "أفهم أن يعتزل لاعب كرة ممارسة الرياضة التى يحترفها.. أما أن يعتزل مثقف إنتاج الثقافة احتجاجا على موقف أو قرار لا يرضيه فهذه أول مرة أسمع به، وهذا لا يعنى إلا أن صاحبنا كان يمن على قومه بثقافته، وقرر حرمانهم منها، فعجبا".