أظهرت أرقام حصلت عليها صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن رد الحكومة البريطانية على
الأزمة السورية لم يكن مناسبا. وفي رسالة وقعت عليها ثلاثون منظمة حقوقية وخيرية هاجمت فيها الحكومة استقبال مئة من اللاجئين السوريين رغم تعهداتها باستقبال المزيد. وتطالب المنظمات الخيرية الحكومة باستقبال 10.000 من اللاجئين السوريين.
وتشير الصحيفة إلى دعوة المنظمات في رسالة مفتوحة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بقيادة جهود مساعدة السوريين، الذين هم بحاجة ماسة للتأهيل في
بريطانيا. وبعد أكثر من ثلاث سنوات وفر ما يزيد على 3.2 مليون سوري من ويلات
الحرب، فيما تصفه منظمات الإغاثة الإنسانية بأنه "أسوأ كارثة إنسانية يشهدها جيلنا".
ويبين التقرير أن الأمم المتحدة طلبت من الحكومات الغربية استقبال 100.000 سوري ممن هم في حاجة ماسة للمساعدة. ورفضت بريطانيا في البداية الفكرة، وقالت إنها ستقدم الدعم لدول الجوار التي لجأ إليها السوريون، في الأردن ولبنان وتركيا والعراق.
ولكن الحكومة غيرت من موقفها بعد حملة قادتها صحيفة "إندبندنت"، حيث تعهدت في بداية العام الحالي باستقبال 500 عائلة. ومنذ ذلك الوقت تراجعت عن التعهد، وقالت إنها ستقوم باستقبال "مئات" من أكثر السوريين حاجة للمساعدة.
ويلفت التقرير إلى أن الأرقام التي صدرت اليوم عن حجم المهاجرين إلى بريطانيا أظهرت أن 100 شخص حضر ضمن برنامج الحكومة لإعادة إسكان الأشخاص الضعفاء، الذين يحتاجون لدعم كبير.
وتنقل الصحيفة عن يوفيت كوبر، وزيرة الظل في حكومة العمال، قولها إن أرقام الحكومة "مخجلة"، مبينة "وعدت تيريزا مي (وزيرة الداخلية) بمساعدة 500 لاجئ، وفي الوقت الذي قدمت فيه بلدان أخرى الكثير لم تفعل بريطانيا".
ويذكر التقرير أن العدد القليل الذي تم استقباله ضمن برنامج الحكومة يمثل تناقضا مع ما قامت به دول أخرى مثل ألمانيا التي وافقت على إعادة توطين 20.000 سوري، ومع الولايات المتحدة التي منحت حتى الآن تأشيرات سفر لـ 9.100 سوري ضمن سياسة مفتوحة لإعادة التوطين.
وتقول الصحيفة إن الرسالة غير المسبوقة هي الأولى التي تقوم فيها منظمات مثل أوكسفام وأنقذوا الأطفال وأمنستي إنترناشونال ومجلس اللاجئين وكريستيان إيد وكافود، وتقوم بمهاجمة سياسة الحكومة المتعلقة بإعادة تأهيل السوريين. ووضعت رقما أمام الحكومة قالت إنه من واجبها الوفاء به.
وتجد الصحيفة أن الرسالة تعكس حالة من الغضب بين منظمات الإغاثة البريطانية على بطء قبول الحكومة البريطانية للاجئين، فيما تواجه دول المنطقة مثل لبنان والأردن صعوبات في توفير احتياجات اللاجئين السوريين، خاصة أن الشتاء قد حل وتصل درجات الحرارة أحيانا إلى تحت الصفر في هذه البلدان.
وينقل التقرير عن موريس رين من مجلس اللاجئين الذي نظم الرسالة، قوله إن "القصة السورية هي عن الموت والدمار والتشرد. وفي الوقت الذي تبدو فيه فرص تحقيق السلام بعيدة أكثر من أي وقت مضى، إلا أن منظور اللاجئين السوريين هو قاتم، فهم لا يستطيعون العودة إلى بلادهم، كما أن حياة هؤلاء الناس تعتمد على تعاطف وكرم الدول مثل بلدنا، ويجب ألا ندير ظهورنا للاجئين السوريين".
وتفيد الصحيفة أنه يعيش في البقاع اللبناني وحده أكثر من 140.000 لاجئ في ملاجئ مؤقتة، وعلى ارتفاع 900 متر فوق البحر. وقالت مصادر حقوقية بداية هذا الأسبوع إن الأردن يجبر اللاجئين السوريين على العودة لبلادهم.
ويقول جاستن فورسايث، المدير التنفيذي لمنظمة أنقذوا الأطفال، إن دول الجوار السوري تكافح لتحمل أعباء اللاجئين فيما "تمنح بريطانيا ملجأ لعدد قليل".
وتعرض الصحيفة لرأي أنطونيو غاتيرز، المفوض السامي للاجئين، الذي يعتقد أن أزمة اللاجئين تمثل "تحديا كبيرا لبريطانيا كي تقدم المزيد"، مضيفا أن الأزمة "تحتاج إلى رد فعل دولي أفضل من الحالي، وأن تزايد أعداد اللاجئين السوريين المعرضين للأخطار في المنطقة يحتاج إلى برامج جديدة لإعادة التوطين ونقلهم إلى مناطق جديدة الآن وفي الأشهر المقبلة".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن تدخل غاتيرز يأتي قبل أقل من أسبوع من اجتماع على مستوى الوزراء سيعقد في جنيف، والذي سيطالب الدول الغربية المساعدة في إعادة توطين 100.000 لاجئ سوري في العام المقبل وعام 2016. ورغم ذلك رفضت بريطانيا إرسال وزير ليقود الوفد، حيث سيمثلها دبلوماسي في وزارة الخارجية.