عبرت وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرا عن ارتياحها لنجاحها في تصفية قادة في تنظيم
الدولة الإسلامية، لكن خبراء يرون أن الغارات الجوية والخيارات العسكرية لا تكفي وحدها لدحر تنظيم سبق أن برهن قدرته على الصمود.
ويقول بروس ريدل الباحث في معهد بروكينغز والمستشار السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما إن "القضاء على قادة كبار يؤدي إلى إضعاف القدرة على التحرك وإعاقة تنفيذ المخططات".
ويستدرك الموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية "لكن هذا الأمر لا يكفي لهزيمة منظمة إرهابية والقضاء عليها. قُتل زعيمان لتنظيم القاعدة في
العراق في السابق، إلا أن هذا الأمر لم يمنع ولادة تنظيم الدولة الإسلامية".
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية الخميس مقتل عدد من قادة تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق في ضربات جوية نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال الأميرال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع في بيان "أستطيع أن أؤكد أنه منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، نجحت ضربات هادفة نفذها التحالف في قتل عدد من كبار قادة ومسؤولين من مستوى أدنى في جماعة الدولة الإسلامية". ولم يحدد البيان هويات القتلى أو مواقع الضربات.
وأضاف "نعتقد أن خسارة هؤلاء القادة المهمين ستؤثر على قدرة التنظيم على قيادة وتوجيه عملياته الحالية ضد قوات الأمن العراقية، بما فيها القوات الكردية وغيرها من القوات المحلية".
ولا يزال تسلسل القيادة لدى تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسيطر على مناطق واسعة في
سوريا والعراق المجاور، مجهولا بنسبة كبيرة لدى وكالات الاستخبارات الغربية، خصوصا أن قياديي هذا التنظيم يحملون أكثر من هوية مزورة، ولا يكشفون إلا عن أسمائهم الحركية.
ويتخطى التسلسل القيادي في تنظيم الدولة الإسلامية النظرة الغربية التي غالبا ما تقوم على قيادة هرمية يقودها زعيم يحظى بمساندة مساعدين له، حيث إنها تشمل أيضا العلاقات العشائرية والإقليمية والتاريخية والثقافية والدينية.
ويقول دومينيك توماس الباحث المتخصص في الإسلام الراديكالي في باريس إن "الخيار العسكري، والضربات الجوية لن تضع حدا لهذا التنظيم، والجميع يدرك ذلك. في أحسن الأحوال، قد يؤدي هذا الأمر إلى جر التنظيم نحو فترة من التشتت".
ويتابع أن "التخلص من تنظيم الدولة الإسلامية لن يتحقق على المدى القصير، ولن يتم عبر الخيار العسكري" وحده، موضحا: "يجب أن يكون هناك حل سياسي في بغداد، بحيث يعيد زعماء العشائر السنة الذين انضموا إلى هذا التنظيم تغيير ولاءاتهم".
ويرى توماس أنه "إذا لم تعتمد بغداد استراتيجية (تقارب) تجاههم (زعماء العشائر السنة)، فإن هذا الأمر لن يتحقق".
وبحسب مايكل راين، الخبير في مؤسسة جيمس تاون في واشنطن، فحتى القضاء على زعيم هذا التنظيم الجهادي المتطرف المعروف بوحشيته، أبو بكر البغدادي، الذي نصب نفسه "خليفة" للمسلمين، لن يكفي لدفع التنظيم نحو الهاوية.
ويوضح أنه "إذا تم القضاء على البغدادي قبل اختيار خليفته، فإن التنظيم سيكون قد تلقى ضربة موجعة، إلا أنه لن ينتهي من دون جره نحو المزيد من المعارك القاسية".
وعلى مدى الأشهر الماضية، ردد المسؤولون في الإدارة الأمريكية هذا الأمر، وبدا كأنهم يحضرون الرأي العام الغربي لقبول معركة طويلة الأمد.
وقال قائد الجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي مؤخرا أمام لجنة من الكونغرس إن "هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية لن تتحقق دون القضاء على شرعيته الدينية وانقلاب مؤيديه عليه. عملياتنا كلها تنصبّ على هذه المسالة".