كتب خير الدين كارامان: قال ممثل
الإخوان المسلمين في تركيا: "نحن نُقتل، ورغم هذا اخترنا السلام 19 شهرًا! وأعتقد أن زمن القصاص قد حان!".
الآن "الإخوان المسلمون" الذين صبروا 19 شهرًا على الظلم والقتل والهوان، وانتظروا أن يتوقف الظلم ليحموا أرواحهم فقط، ولم يلجأوا للعنف كي لا يعطوا الورقة الرابحة لعدوهم، وانتظروا أن يستيقظ الضمير العالمي أمام كل هذا الظلم والغدر، أخيراً نفد صبرهم وقالوا: "هذا يكفي، لا فائدة من أن نُذبح كالغنم، آن أوان استخدام حقنا المشروع للدفاع عن أنفسنا، نحن أيضاً سنواجه السلاح بالسلاح!".
هذا ما حدث في
سوريا أيضاً؛ فقد استمرت جيوش الأسد بإطلاق النار على الشعب الذي كان يطالب بالحقوق والحرية دون اللجوء للعنف، وقامت بقتل المدنيين وسجنهم وتعذيبهم. في هذه الأثناء وجهت تركيا النصائح للأسد بكل صدق، ودون أن يكون لها مصلحة، ولكن النصائح لم تأت بنتيجة، واستمر الظلم. وفي النهاية لجأ الشعب أيضاً إلى السلاح. قبل هذا كان الوضع سيئاً أيضاً، ولكنه ازداد سوءاً بالطبع!
من المسؤول عن هذا؟
البعض سيقول لكم إن المسؤول هو الشعب. كان عليهم أن يصبروا قليلاً، وأن يحنوا رقابهم للظلم، وأن يتنازلوا عن طلب الحرية، وأن يعلموا أنهم سيتركون وحدهم.
المدافعون عن الديمقراطية والحقوق والحرية من أصحاب هذا الرأي يتحدثون عن وجوب المقاومة ودفع الثمن رغم كل شيء. لو أن نظريتهم في الصبر والتحمل انتشرت في العالم، لما استطاعت الشعوب التخلص من الظلم والدكتاتورية.
أقول دائماً: النار تحرق المكان الذي تسقط عليه؛ فقبل أن يثور الشعب السوري كان جزاء الانتساب إلى "الإخوان" هو حكم الإعدام. واليوم "إخوان"
مصر في الموقف نفسه. والديمقراطيون (أو بتعبير أصح مستثمرو الديمقراطية/ الذين يستعملونها وفق مصالحهم/ المستعدون للاتفاق مع الدكتاتوريين إن لزم الأمر) الذين يعارضون "الإخوان"، والذين وصلوا الى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع لم يعارضوا السيسي الذي وصل إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري، بل إن بعضهم دعموه بشكل مباشر وغير مباشر، وبالتالي واصل هو ظلمه. وقبل أسبوع قامت قوات السيسي بإطلاق النار على المصريين الذين يحتفلون بالذكرى الرابعة لثورتهم في 25 كانون الثاني/ يناير، وقتلوا 28 مواطناً مصرياً، وجرحوا العشرات.
نعم، لقد تعرض "الإخوان" الذين يمثلون الشرعية في مصر إلى الموت والظلم 19 شهراً، وتم سجنهم وتعذيبهم، ولكنهم لم يلجأوا إلى السلاح. والآن إن لجأوا إلى السلاح فأنا لن ألومهم، بل سألوم الانقلابيين وداعمي الانقلاب.
هناك مثل يقول "دينكم ديناركم"، فإن لم يكن يخضع للأيديولوجية الرسمية للولايات المتحدة وأوروبا، فلا شك أنها ذات قيمة اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً.
اليوم حيثما وجد الفقر والجوع والتشرد والدم والحرب والفرقة، فإن المسؤول عن ذلك هو دول الغرب الظالمة.
وهؤلاء الظلام الذين أعمتهم المصالح المادية يرون أن المصالح المادية هي الدين، والإيمان والأخلاق، والطاقة، والغاز، والبترول، واليورانيوم، والمناطق الاستراتيجية. وبإمكانهم التغاضي عن القيم والدين أمام مصالحهم! ثم وبلا خجل يتحدثون للناس عن السلام، والعدالة، وقيمة الإنسان، والمساواة، والحقوق، والحريات!
ولأني قطعت الأمل من هؤلاء، أناشد العالم الإسلامي وعلى رأسه تركيا والسعودية (بنظامها الجديد) وإيران: إن لم يكن هناك أحد أبداً فقِفوا أنتم بجانب الشعب المصري، وقدموا الدعم اللازم.
(عن صحيفة يني شفق التركية – ترجمة وتحرير: عربي21)