بعد غياب طويل يعود "أ.م" لقريته التي انقطعت أخباره عنها لمدة أربعة أشهر، ليمكث قليلاً في القرية، وليعود ثانية للحرب، لكن هذه المرّة لن يقاتل مع قوات النظام ولا مع حزب الله، بل مع "صقور الصحراء"، الميليشيا التي بدأت بأعداد قليلة وتنمو الآن ببطء مع الكثير من الاختلافات عن التجارب التي سبقتها من
ميليشيات الساحل السوري، التي قاتل في صفوفها جميعاً دون استثناء (الدفاع الوطني، واللجان الشعبيّة، وحزب الله السوري).
قبل التحاق "أ.م" بالميليشيا الجديدة، أجرت "عربي21" لقاء معه، بيّن فيه أسباب انتقاله لهذه الميليشيا، وما هي ظروف القتال معها.
ويقول: "الراتب هناك جيّد، فلكل مقاتل خمسون ألف ليرة سوريّة، لم تنقطع ولا ليوم واحد منذ بدء الأزمة في سورية" على حد تعبيره. والمهمّة واضحة وغير معقّدة، حماية خطوط النفط والمنشآت النفطيّة. والعمليات المنوطة بهذه الميليشيا تتم بالتعاون مع قوات النظام والقوات المساندة له.
وبيّن أن تعويضات هذه الميليشيا للجرحى والمعاقين تفوق المليون ليرة سوريّة للفرد الواحد، وفي حال موت مقاتل تابعٍ لها، فإنّ عائلته ستتلقى راتبا مقداره خمسة وعشرون ألف ليرة سورية، وبالتالي فهي أفضل جهة يمكن لأحد أن يقاتل معها، كما يقول.
وقبل انتماء "أ.م" لهذه الميليشيا تنقل بين مختلف الميليشيات، وحول السبب يجيب: "بدأت مع اللجان الشعبيّة (كتائب البعث)، وبقينا لشهور دون رواتب، وانتقلت بعدها للدفاع الوطني، وكانت أياماً رائعة، فقد كنا نراكم المال مهمّةً إثر أخرى، إلى أن استشرى الفساد في هذه المجموعات، وأصبح القتال معها خطيراً للغاية، فمعظم مقاتليها غير مدرّبين، ويقاتلون بطريقة همجيّة وغير منظّمة، ومن ثم التحقت بحزب الله السوري. رواتبهم جيّدة والقتال معهم جيّد، رغم خطورته، فهم لا يتواجدون إلا على خطوط التماس، إلّا أنّهم لا يخاطرون بأرواح مقاتليهم ولا يستهينون بهم. لكن الأسوأ هم الإيرانيون، فهم يكنّون الكره الشديد للعلويين، حيث يعدّونهم الولد العاق لهم" وفق قوله.
ويضيف: "مع مرور الأيام رحت أشعر بالذل أثناء قتالي معهم"، فـ"الحجاج الإيرانيون" (كما يسميهم) وضبّاط
الحرس الثوري الإيراني "يعتقدون بأنّهم مالكو الحق والحقيقة، ويعتقدون بأننا -
العلويين- بلا كرامة، وجياع، ونرضى بالذل مقابل مالهم، لذا تركتهم وعدت للقرية غاضباً من هذا القتال الذي لا ينتهي. ومن هؤلاء الحجاج الذين باتوا كابوسا يلاحقني حتى في منامي، كانوا يأمرون الضباط السوريين، نعم ضبّاط الجيش، ومن لا يمتثل لأوامرهم يُقتل على الفور"، كما يقول.
ويبيّن "أ.م" أن ميليشيا "أحمد جابر" خالية تماماً من الإيرانيين ومن
الشيعة، وأنّ جميع مقاتليها تمّ انتقاؤهم بعناية من أولئك المتمرسين بالأعمال القتالية، وأنّ الميليشيا الآن تسعى لتكبير أعداد المقاتلين لديها، لكن ليس على حساب النوعيّة، فهم لا يقبلون سوى المحترفين.
وفيما إذا تدخل الإيرانيون بعمل ميليشيا "أحمد جابر"، يقول "أ.م": "أتمنى عدم حصول هذا، فقد أقتل أي "حاج" أراه أمامي هناك، فهم كالوباء ينتشرون أينما كان، وهم أشدّ قذارةً من داعش التي نقاتلها".
يعرف "أ.م" جيّداً أن عناصر وضبّاط الحرس الثوري هم حلفاء للنظام الذي ما زال يواليه إلى حد ما، لكنّ الاحتكاك معهم، وعلى مدى أشهر، جعله يعرف تماماً أنّ هذا الحليف ليس سوى محتلٍّ سيأخذ ما تبقى من كرامة للشعب السوري.