ساد جو من الرعب بين سكان مدينتي الرباط وسلا منذ شباط/فبراير الماضي، خصوصا النساء منهم، بعد انتشار واسع لأخبار تفيد أن امرأة منقبة تستهدف الفتيات في أبواب المدارس وفي الطرقات، وتجرح وجوههن جروحا غائرة بشفرة حلاقة، وهو الزعم الذي رأت فيه أكثر من جهة أن الأمر يتعلق بحملة منظمة تستهدف سمعة
المنقبات.
في السياق ذاته، نقلت بعض المصادر الإعلامية حالات متفرقة لنساء اعترض سبيلهن رجل يرتدي
النقاب الخاص بالنساء، وجرحهن بآلة حادة، في العاصمة الرباط ومدينة سلا المجاورة لها.
على وقع هذه الشائعات، تعرضت بعض النساء المنقبات في مدينة سلا إلى مضايقات واعتداءات جسدية من طرف بعض المارة الذين أجبروهن على كشف وجوههن، كما تعرضت أخريات للتحرش والاتهام بالإرهاب.
من جهتها نفت ولاية أمن الرباط، في بلاغ لها، الأخبار المتداولة على نطاق واسع، مؤكدة أنه لا يعدو أن يكون مجرد مزاعم وادعاءات عارية من الصحة.
وأشار البلاغ إلى أن مصالح الأمن فتحت تحقيقا في الموضوع لتحديد ملابسات "هذه الشائعة". ونفت أن تكون وقفت على أحداث من هذا القبيل، باستثناء حالة وحيدة، تورطت فيها سيدة اعتدت على بعض الفتيات.
وفي تصريح لـ "
عربي21" قال الشيخ محمد الفزازي (أحد أبرز رموز السلفية بالمغرب): "إن الحديث عن منقبة تعتدي على النساء، خبر كاذب وشائعة نشرت الشعور بعدم الأمن، وهو ما نتج عنه الخوف من المنقبات".
وأشار الفزازي في التصريح ذاته، إلى أن جهات تقف وراء نشر هذه الشائعة، مستدلا: "وخير دليل على ذلك هو انتشارها إلى هذا الحد وفي هذا الوقت الوجيز"، وأوضح الشيخ السلفي أن الأمن
المغربي لا يمكن أن تعجزه منقبة.
وأضاف الخطيب بمسجد طارق بن زياد بمدينة طنجة شمال المغرب: "هذه الشائعة تمس حرية اللباس في البلاد، فللمرأة الحرية الكاملة في أن تلبس النقاب أم لا"، مفسرا أن المذهب المالكي الذي يعتمده المغرب لا يفرض النقاب كما هو الشأن عند الحنابلة لكن ذلك لا يلغي حرية اللباس.
في الاتجاه نفسه اعتبر بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأمر مجرد شائعة تستهدف المنقبات خصوصا، واللباس المحتشم على وجه العموم، وفي هذا الإطار قال الشيخ زكريا بن عبد العظيم، الخطيب بأحد المساجد بمدينة سلا (قرب الرباط) في تسجيل له على موقع "يوتوب": "هذه دسيسة من دسائس الخبثاء الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين".
وأضاف الخطيب بن عبد العظيم أن الواقفين وراء نشر هذه الشائعة يسعون إلى تشويه سمعة المنقبات. داعيا المواطنين ووسائل الإعلام المغربية إلى الترفع عن نشر مثل هذه الأخبار ما لم يتأكدوا منها.
من جهة أخرى، منعت السلطات المغربية يوم الأحد 29 آذار/مارس الجاري وقفة احتجاجية بالرباط لعدد من المواطنين والمواطنات، بينهم عدد من المنقبات، حاولوا الاحتجاج ضد تشويه صورة المرأة المنقبة.
وكان ناشطون قد أطلقوا مبادرة لرد الاعتبار للمرأة المنقبة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في الوقت الذي تناسلت فيه الأخبار عن وجود منقبة تستهدف الفتيات.