كتب سركيس نعوم: قالت أيضاً الشخصية السورية الأميركية، صاحبة الدور البعيد عن الإعلام بين
سوريا حافظ
الأسد وإسرائيل في أثناء "عملية السلام" الذي سلّط عليه "الموقف هذا النهار" الضوء قبل سنوات بعد الزيارة السنوية للولايات المتحدة، قالت: "ما طالع في يد بشار شيء. قبل سنتين حاول إخراج زوجته وأولاده من سوريا عبر
مطار المزّة.
لم تنجح المحاولة وأعيدوا إلى القصر. طبعاً أراد من ذلك تأمين سلامتهم وليس الإعداد لأي أمر آخر.
لا أعتقد أنه سيبقى في الحكم إذا حصل تفاهم. قال لي ذلك قبل سنتين، قبل الإنتخابات الرئاسية التي أجريت واستعمل جملة: لن أرشِّح نفسي في هذه الحال. أنا على اتصال مع الرئيس الأسد ومع المعارضة السورية الداخلية وليس الخارجية، ومع الجيش السوري الحرّ. معارضة الخارج زار واحد منها إسرائيل وطلب المساعدة، لكنها أبلغت إليه أنها لا تتدخَّل في ما يجري داخل سوريا ولن تتدخَّل.
معارضة الداخل والجيش الحرّ وبشار مستعدون للتفاوض حتى التوصُّل إلى حل، لكن هناك جهات كثيرة لا تريد حلاً. هناك حرب عالمية ثالثة دائرة، وهي دمَّرت سوريا وفتّتتها وتخرِّب لبنان من جديد وتدفعه على طريق التفتيت. السوريون الذين لجأوا إليه لن يعودوا إلى بلادهم، لا إمكان للعودة؛ فالحرب فيها مستمرة وإذا انتهت فإن الدمار فيها شبه شامل".
أنت اعترفت خلال الحديث أن إيران وروسيا تساعدان الأسد وبأنه كان سقط أو أُسقِط لولاهما. اشرح لي إذا كانت لهما مصلحة في التهدئة وأين هما منها؟ سألتُ. أجابت الشخصية نفسها: "لذلك وصفت ما يجري بالحرب العالمية؛ روسيا تبيع أسلحة لسوريا النظام وإيران تساعدها. صارت كلمة إيران و"حزب الله" هي النافذة عند بشار والمسموعة منه، وذلك بعكس والده الرئيس حافظ الأسد الذي كان شريكاً حقيقياً لإيران وكلمته عندها لا تصير اثنتين كما يقال. هناك لجنة حول بشار تدير الأمور وتتخذ القرارات.
من أعضائها: بثينة شعبان ورئيس الأركان وشقيقه ماهر وجنرالات آخرون من كل الأطياف. الجيش الذي يحارب الآن كله علوي أو معظمه. واللجنة المذكورة تقول إذا تساهلنا لا يسقط الأسد فقط بل العلويون كلهم، وسيهجم السنّة عليهم ويذبحونهم مع
الأكراد والأقليات الأخرى".
هل حاولت تركيا أن تقوم بشيء في سوريا حسب معرفتك؟ سألتُ. أجابت الشخصية نفسها: "حاولت أن تقوم بشيء فاتصلت بي وأعطتني اسم الشخص الذي يجب أن يرافقني إلى سوريا للبحث مع بشار الأسد. ووضعت لذلك في تصرُّفنا نحن الاثنين طائرة خاصة تنطلق من قبرص إلى دمشق وتعود بنا منها. طُرِح الأمر على الأسد فوافق، لكن الأميركيين ضغطوا على الأتراك لوقف المحاولة، وهذا ما حصل.
ليست في أميركا سياسة لسوريا أو لغيرها. يقول وزير الخارجية جون كيري إنه يجب البحث مع الأسد لإنهاء الأزمة السورية. ثم يقول مساعدون له وأحياناً مسؤولون في البيت الأبيض أن لا مكان له في التسوية أو في المفاوضات المؤدية إليها. ثم يطلبون كلهم تسوية سياسية. كيف ذلك؟ لا أعرف. كل ما يهم أوباما هو إيران.
نحن نريد إخراج إيران من سوريا، وبذلك يعود "حزب الله" إلى لبنان، ويصبح طرفاً لبنانياً. نريد وقف الدمار. روسيا مستمرة في جهودها. وفي النهاية فإن المقابل الذي ستحصل عليه أو واحد من الأمور التي قد تحصل عليها هو إبقاء مرفأ طرطوس في خدمتها. وهذا ما تريده".
قلتُ: أخبرتني في السنتين السابقتين أنك بعثت برسالة إلى الرئيس بشار الأسد من أوتاوا بالبريد الديبلوماسي السوري لكنها لم تصل إليه. هل وصلت على حد علمك؟ أجاب: "كما أخبرتك ذهبت منذ سنتين ونصف إلى أوتاوا وكتبت مع سفير سوريا لدى كندا رسالة للرئيس وأرسلناها إليه في الحقيبة الديبلوماسية.
طلبنا منه في حينه الذهاب وعائلته إلى درعا والاعتذار علناً أمام الناس ومن على شاشة التلفزيون عن الاعتداء الذي حصل فيها على أبنائها بواسطة القوى الأمنية، والوعد بمحاسبة المسؤولين عن ذلك، وتأكيد استعداد الحكومة لدفع تعويضات. لكن الرسالة "ضاعت" على ما قيل لنا أي لم تصل إلى مقصدها.
أحدٌ ما في الخارجية أضاعها عمداً. بعد سنة عرّبنا الرسالة التي كانت بالإنكليزية ونشرناها تسريباً في صحيفة سورية. قرأها بشار فقال: لم تصل إليّ. في رأيي ستأخذ إيران كل شيء في النهاية وتسيطر".
(عن صحيفة النهار اللبنانية، 11 نيسان/ أبريل 2015)