تخلو مدينة
حماة من كل مظاهر المعارضة لحكم نظام بشار الأسد، لا سيما بعد خروج شبابها المطلوبين منها، لكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة لقوات النظام التي تقوم بحملات جديدة لتفريغ المدينة من سكانها، بالتضييق عليهم بين حين وآخر، فمرة يساق شبابها إلى الخدمة الاحتياطية، أو تعتقلهم الشبيحة بشكل عشوائي، وآخر أساليب الضغط كانت
اعتقال النساء.
يقول الناشط أبو فاروق الحموي لـ"عربي21"، واصفا الحال الذي تعيشه مدينة حماة اليوم: "تمشي في ساحة العاصي وسط المدينة، فترى عناصر الأمن تحيط بك من كل حدب وصوب، تلتفت فترى عنصر أمن يهين أحد المواطنين، أو دورية تنتشر في حي لتفتش البيوت وتسرق ممتلكات الناس".
ويضيف أن قوات النظام تقوم بتفريغ مدينة حماة من شبابها عن طريق أخذهم للخدمة الإلزامية، أو الاحتفاظ بمن أنهى الخدمة العسكرية من أجل خدمة الاحتياط، وهذه الأسباب أدت لهروب من تبقى من الشباب إلى خارج البلاد، حسب قوله.
واستمرارا من النظام بسياسة التهجير ومحاصرة الأهالي، انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة اعتقال النساء بشكل متكرر على
الحواجز الأمنية، وتزايدت حالات الخطف بشكل ملحوظ.
ويقول أبو فاروق: "تقوم أغلب حواجز المدينة بإيقاف السيارات وطلب هويات النساء بشكل خاص على غير العادة، كما فعل حاجز منطقة الشريعة منذ أيام، حيث أوقف أكثر من ثلاثين امرأة في الشارع وأخذ هوياتهن، وفي الوقت نفسه كان حاجز في ساحة العاصي في وسط المدينة يقوم بإيقاف السيارات وطلب هويات النساء".
وحسب وصف أبو فاروق لحاجز الشريعة، فهو يقع في حيٍ راقٍ من أحياء المدينة، و كان معروفا بتساهله في تفتيش السيارات والمدنيين من الرجال فضلا عن النساء، لذلك شكَّل قيام هذا الحاجز بتفتيش المارّة بشكل دقيق مفاجأة للناس، لا سيما أنه أصبح يفتش النساء بدقة ويعتقلهن أيضا.
وأفاد ناشطون عن مصادر في الحواجز أنه تم تعميم قائمة بأسماء النساء المطلوبات للاعتقال، وفي الغالب يعود السبب لأنهن من أهالي الشباب المطلوبين للنظام.
وأفاد أبو فيصل الحموي، وهو ناشط من حي طريق حلب، أن الحواجز المتمركزة على مداخل المدينة، وخاصة المدخل الشمالي، تقوم باعتقال النساء المسافرات إلى خارج حماة، بحجة أنهن ذاهبات للتواصل مع أبنائهن في الريف الشمالي المحرر، ويشترطون للإفراج عنهن أن يسلم أبناؤهن أنفسهم.
وترافقت حالات الاعتقال مع حوادث خطف للنساء، فقد اختطفت قوات الأمن فتيات من حي القصور وحي غرب المشتل، مطالبة ذويهن بفدية وصلت إلى حد 8 ملايين ليرة سورية مقابل الإفراج عنهن، حسب ما أفاد به أبو معتصم، وهو رجل كبير في العمر يسكن في مدينة حماة بالقرب من أحد الحواجز، لـ"عربي21".
ويضيف أبو المعتصم: "سجلت حالة اختطاف لامرأة مع ابنها في ساحة العاصي وسط المدينة في ظروف مجهولة، حيث اعترضت طريقها سيارة يركبها ملثمون وقامت باختطافها على مرأى من الناس الذين لم يتجرأوا على فعل شيء، لعلمهم أن لا شيء يحصل في حماة دون علم قوات النظام".
ويشرح أبو معتصم الحال بقوله: "أصبحنا نتعجب حين نرى بعض الشباب يسيرون في الشوارع دون أن يتم اعتقالهم، فلم يبق في المدينة غير كبار السن الذين يشكون همومهم بعضهم لبعض، وكل أحاديثهم عن أبنائهم الذين تتنوع مصائبهم بين من قتلوا أو هُجروا أو يقبعون في معتقلات النظام".
ويقول أبو معتصم إن هذا الحال يذكره بحال حماة بعد مجزرة الثمانينيات، حيث لم يبق فيها سوى العجائز والنساء بعد أن قتل النظام معظم شبابها وهجر البقية منهم.