كتبت مراسلة صحيفة "ديلي تلغراف" في بيروت روث شيرلوك، عن سيطرة
تنظيم الدولة على مناجم
الفوسفات القريبة من
تدمر، مشيرة إلى أن هذا الأمر يعد آخر ضربة للنظام الذي لم يعد يسيطر على مصادر طبيعية تدر عليه دخلا.
وتقول الكاتبة في تقريرها، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن المؤيدين لتنظيم الدولة تبادلوا على "تويتر" صورا لمنجم الخنيفس، الذي يبعد 45 ميلا جنوب مدينة تدمر، حيث زعم بعضهم بنشوة بأن السيطرة على المنجم ستجلب ملايين الدولارات على خزينة "الدولة".
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي لن يكون فيه الجهاديون قادرين على استخدام الفوسفات الخام في المنجم وبيعه، إلا أن النظام لم تعد لديه مصادر دخل. وبحسب "سيريا ريبورت"، وهي مجلة على الإنترنت، فإنه "بتعليق تصدير
النفط أصبح الفوسفات آخر مصادر الدخل للدولة".
وتذكر الصحيفة أن التقارير حول سيطرة التنظيم على المناجم، جاءت في وقت ذكر فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان في بريطانيا، أن التنظيم قام بإعدام 20 رجلا أمام حشد من الناس في المسرح الروماني في تدمر.
وتبين شيرلوك أن التنظيم بنقله المعركة إلى حمص، وسيطرته على تدمر، فقد قام بضرب ما تبقى للنظام من مصادر طاقة من نفط وغاز طبيعي.
ويلفت التقرير إلى أنه في عام 2013 فقدت دمشق السيطرة على حقول النفط كلها في دير الزور والرقة في شمال البلاد، ولكنها استطاعت الحفاظ على العديد من حقول الغاز الطبيعي، وهو ما ساعد الحكومة على تزويد محطات الطاقة الكهربائية. وعليه فقد أصبحت الآن في خطر بسبب الحملة الجديدة للتنظيم.
وتورد الصحيفة أن تنظيم الدولة وهو في طريقه من سهول دير الزور إلى تدمر، توقف للسيطرة على حقلي غاز كبيرين، وقتل 56 جنديا من جنود النظام، وسيطر على حقلي الهيل وأرك.
وتنوه الكاتبة إلى أن حقل الهيل يعد من أكبر حقول الغاز الطبيعي في حمص، حيث لا تزال حقول الغاز في يد النظام، وتقع بعد حقل الشاعر الضخم، الذي لا يزال في يد النظام، ولكنه في وضع خطر بعد النكسات التي تعرض لها النظام، حيث قام التنظيم بقتل وذبح عدد من الجنود السوريين، بعد سيطرته على الحقل لمدة قصيرة العام الماضي.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن تنظيم الدولة دفع بقواته الإثنين الماضي نحو حقل الخنيفس للفوسفات. وقد كان هذا المنجم مهما للنظام، خاصة في ظل زيادة التضخم، وحاجة الحكومة الماسة للعملة الأجنبية. ولهذا فإن المنجم يمثل آخر مصادر الدخل لها.
وترى الصحيفة أنه في ظل ترنح الاقتصاد، فإن الفوسفات يعد المصدر المهم للدخل، وفي الربع الأول من هذا العام تم تصدير 345 ألف طن منه بقيمة 35.3 مليون دولار أمريكي، أي بزيادة نسبية عن 18.2 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتجد شيرلوك أن استمرار ارتفاع الأسعار، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وزيادة فترات قطع التيار الكهربائي، بدأت تؤثر على استمرار النظام، وأدت إلى حدوث حالات من الاحتجاجات الشعبية في المناطق التي تعد مهمة له.
ويشير التقرير إلى أن الأقليتين العلوية والدرزية بدأتا بتقليل الاعتماد على الحكومة السورية من أجل البقاء، حيث تتركز السلطة في يد القادة المحليين وليست في يد دمشق.
وتتطرق الصحيفة إلى أن الحكومة السورية حاولت مواجهة الخسائر بدعوة الشركات الدولية إلى استخدام الطاقة الاحتياطية المتوفرة في مصفاتي النفط في حمص وبانياس. وتنتج مصفاة بانياس 60 ألف برميل نفط في اليوم، أما حمص فلديها قدرة على إنتاج 50 ألف برميل، بحسب الإعلانات التي صدرت عن الحكومة هذا الشهر.
وتذهب الكاتبة إلى أن هذه الدعوة جاءت مصممة للشركات الروسية، التي تعد الدولة المهمة والداعمة للنظام، ولكن الأحداث الأخيرة في حمص قد تردع أكثر المستثمرين جرأة.
ويكشف التقرير أن تنظيم الدولة استطاع السيطرة على منجم الفوسفات، بعدما تحرك على الطريق السريع من تدمر، وتوغل 45 ميلا في أراضي النظام في يوم واحد، ثم تقدم بعمق لضرب القاعدة الجوية "تي4". واستطاع الجهاديون التقدم بسبب غياب القصف الجوي من قوات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي شن فيه التحالف غارات جوية على مناطق الشمال، إلا أنه ضرب الجهاديين في عمق مناطق النظام، ما يمثل مشكلة، وسيكون بمثابة تقديم غطاء جوي لرئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي تدعو واشنطن إلى رحيله.