كتب عماد الدين حسين: هل هناك خلاف بين الفريق
أحمد شفيق وبين الدولة الجديدة في
مصر؟!.
الإجابة هي نعم، لكنه خلاف من نوع آخر مختلف تماما عن الخلاف بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين، بل ومع بعض الأحزاب المدنية الأخرى.
أي كلام غير ذلك فهو للاستهلاك المحلي والعلاقات العامة ودفن الرؤوس في الرمال.
البعض تشكك في القصة، التي نشرتها «الشروق» للزميلة دينا عزت في عدد الاثنين الماضي، وخلاصتها أن بعض الجهات الحكومة رفضت عودة شفيق للقاهرة، ومستاءة من ممارسات بعض أنصاره.
لمن لا يزال يتشكك في صحة هذه المعلومات نضيف أن المشكلة موجودة منذ سقطت جماعة الإخوان. شفيق تصور بداهة أنه يجب أن يعود لمصر عودة الظافرين المنتصرين، وينبغي استقباله كبطل، لكن ذلك تكسر على نصال الدعاوى القضائية التي طاردته.
كان الرجل -وهذا حقه الطبيعي- يعتقد أنه مع نهاية الدعاوى القضائية سيعود، لكن «شيطان التفاصيل» كان يظهر له كل مرة ويعطل العودة، وحتى هذه اللحظة فإن اسمه لا يزال موجودا على قوائم ترقب الوصول، وليس معلوما بالضبط سبب هذا الإجراء.
قبل أيام ظهرت ملصقات وبوسترات غريبة في شوارع القاهرة، تتبناها حملة «أنت الرئيس» تطالب بعودة شفيق. الرسالة التي وصلت لبعض أهل الحكم، أن هذه الحملة تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء من أول اسم الحملة نهاية بتحركاتها.
المعلومات شبه المؤكدة تقول إن حزب الحركة الوطنية الذي يتزعمه شفيق، غير راض عن هذه الحملة، وطلب بوضوح من شفيق أكثر من مرة بأن يصدر بيانا يتبرأ فيه من ممارساتها، لأنها تسيء إليه وتدخله في صدام غير مطلوب مع بعض أهل الحكم.
لكن شفيق رفض بإصرار إصدار هذا النفي. وأرسل الحزب رسائل واضحة لكل من يهمه الأمر بأنه غير مسؤول عن الملصقات. وكان ملفتا تلميح رئيس الحزب يحيى قدري لأحمد موسى في «صدى البلد» أنه يرفض أي عودة لشفيق، بعيدا عن الطرق الشرعية.
قبل ذلك بذل الحزب جهودا مكثفة لينهي أزمة عودة شفيق، وتواصلوا مع بعض المسؤولين، وطلبوا وساطات آخرين.
قبل نحو شهر فاتحت شخصية مهمة أهل الحكم لإنهاء الأزمة، لكنها تلقت إجابة، خلاصتها أن الموضوع في يد القضاء أولا، وأنهم غير متحمسين للملف ثانيا. الرسالة التي وصلت إلى الفريق وحزبه هي أن عودة الفريق غير مستحبة حتى تنتهي الانتخابات النيابية.
مصدر مطلع على تفاصيل القضية ومصنف كمحب للفريق شفيق، قال لي إن حقيقة الأزمة تكمن في أن شفيق لا يزال يتعامل مع الوضع المصري وكأنه مجمد عند اليوم الذي غادر فيه البلاد عقب إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة عام 2012 وحصوله على نحو 48 في المئة من أصوات الناخبين.
يعتقد الرجل أن نصف الشعب لايزال معه، لكنه ينسى أن كل الذين انتخبوه وفوقهم كثيرون قد انتخبوا
السيسي، وأعطوه من الشعبية ما لم يحصل عليه أحد من قبل ربما باستثناء عبدالناصر.
يضيف هذا المصدر أن بعض الشخصيات التي تتواصل مع شفيق لعبت دورا سلبيا في الحالة التي وصل إليها الرجل، حيث تصور له الأمور على أساس أن الملايين ستنتظره في المطار، وبالتالي فإن أقرب وصف لحالة شفيق بالتعبير الكروي أنه فقد حساسية المباريات السياسية، بسبب وجوده خارج المشهد السياسي المصري منذ نحو ثلاث سنوات.
المرجح أن الحكومة الحالية لا تود أن ترى شفيق رمزا انتخابيا في البرلمان، لأنه في هذه الحالة سيعزز الفكرة القائلة بأن عصر مبارك قد عاد فعليا، وهو الأمر الذي ينطبق تماما على حكاية أحمد عز، رغم الفوارق الكثيرة بين الشخصين سواء على صعيد السمعة، أو الشعبية حيث لايزال شقيق يتمتع بشعبية أكبر كثيرا مقارنة بعز.
الخلاصة سواء عاد شفيق بعد أسبوع أو شهر أو سنة، فالقضية ليست متى بل ماذا سيفعل عندما يعود؟!.
(عن الشروق المصرية)