تشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة
العنف الأسري بين
اللاجئين السوريين في تركيا، حيث تتكرر حوادث القتل في
الأسرة على خلفية الخلافات العائلية.
وفي أحدث حالة، قتل سوري زوجته في مدينة أنطاليا التركية طعنا بالسكين بدافع "الغيرة"، بحسب وكالة "دوغان" التي قالت إن إسماعيل (22 عاما) يعاني من انفصام في الشخصية، ويعيش حالة من الجدال المستمر مع زوجته علا محمد (18 عاما) بسبب غيرته عليها.
وفي صباح الثاني من حزيران/ يونيو الجاري اشتد الجدال بين الزوجين، فتناول الزوج سكينا وطعن زوجته في خمسة مواضع مختلفة من جسدها، ثم فر هاربا.
وعثر سوريون على جسد الزوجة الشابة في غرفة الزوجين في حي فقير داخل بلدة "كي بيز" في مدينة أنطاليا، عند ساعات الظهيرة من يوم الجريمة، وقاموا بإبلاغ الشرطة التي قدمت على الفور وعاينت المكان، ثم نقلت جثة علا إلى معهد الطب الشرعي.
وبحسب الوكالة، فقد تمكنت السلطات التركية من القبض على الزوج الفار، واعترف لدى استجوابه بقتل زوجته بدافع الغيرة عليها.
وفي في نيسان/ أبريل الماضي لقيت السورية وردة حسان (33 عاما) مصرعها؛ إثر تعرضها لضرب مبرح من زوجها في منزلهما الكائن في غازي عنتاب التركية.
وكما في الحادثة سالفة الذكر، فقد أرجعت الجريمة إلى تصاعد الجدل بين الزوجين، ثم تعدى الزوج على الزوجة بالضرب والعنف الذي وصل إلى حد الضرب الشديد على الرأس والجسم، ما أسفر عن وفاة الزوجة.
وكان الزوجان أيضا يعيشان مع أبنائهما الأربعة في أحد الأحياء الفقيرة في غازي عنتاب، وقد انتقلا إليها قبل شهر من الحادثة.
ورغم أن الظروف التي تمر فيها
سوريا أعاقت إعداد إحصاءات رسمية حول التعنيف الجسدي والنفسي ضد
المرأة داخل الأسرة، فإن الظاهرة تصاعدت في ظل الأوضاع التي دفعت بالعائلات السورية للتشتت والتشرد داخل وخارج سوريا، وما ولده ذلك من ضغوط متزايدة على كيان الأسرة قد تصل إلى حد الانفجار، كما حدث في حوادث القتل التي وقعت حتى الآن.
وفي آخر دراسة أجريت في سوريا قبل الثورة عام 2011، ظهر أن نسبة 45 في المئة من النساء قد تعرضن للصفع واللكم والضرب، وأن أكثر من نصف النساء اللواتي شملتهن الدراسة أفدن بتعرضهن لأسلوب أو لآخر من العنف الجسدي. وبحسب الدراسة ذاتها التي أجريت بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2011، فإن 68 في المئة من حالات العنف الواقع على النساء كانت من قبل أزواجهن. وكما جرت العادة فإن حوادث الاعتداء هذه لم ينتج عنها التقدم بشكاوى، بل كانت المصالحة هي طريقهن لحل الأزمة.
وإذا كانت هذه الأرقام تعود إلى آخر الدراسات ما قبل الثورة، فإنه من المتوقع أن هذه الأرقام قد ارتفعت بشكل كبير جدا، إثر تصاعد العنف في سوريا عموما بسبب القمع الوحشي الذي مارسه النظام السوري على معارضيه، وبينهم النساء اللاتي يتعرضن للاعتقال، والتعذيب الجسدي، والاغتصاب، ثم يتعرضن بعد انتهاء تجربة الاعتقال للمشكلات الأسرية، والتي تشمل بشكل أساسي النبذ من قبل أسرهن، والطلاق، والهجر، والشعور بالعار.
وحتى النسوة اللاتي سلمن من تجربة الاعتقال، فإنهن قد تعرضن إلى ضغوط أسرية كبيرة بسبب اللجوء والنزوح وظروف إعالة الأسرة الصعبة، والضغوط المادية والنفسية الكبيرة، واحتياج المرأة للعمل غالبا لإعالة الأسرة، وصعوبة الاندماج في بلاد اللجوء، والضغوط التي يتركها هذا الوضع على كلا الزوجين، ما يوتر العلاقة الزوجية ويدفع بالخلافات الزوجية إلى مرحلة لا يرجى إصلاحها.
وقد تكون النتيجة هي الطلاق والانفصال كما يحدث في العديد من الأسر السورية، أو حتى الهجر وإلقاء حمل إعالة الأسرة كاملا على المرأة، وأحيانا يصل الخلاف إلى حدود مدمرة تماما، فيصل العنف الزوجي إلى حد الإجرام والقتل كما حدث في قصة علا التي قتلها زوجها في أنطاليا باستخدام سكين، و وردة التي قتلها زوجها ضربا في غازي عنتاب التركية.