دافعت صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها عن دعوة حكومة
بريطانيا عبد الفتاح
السيسي إلى
زيارة بريطانيا. وكتبت تحت عنوان "حليف مستبد"، أنه لسوء الحظ فإن المشاعر الديمقراطية التي انتشرت في فترة الربيع العربي كانت قصيرة وعابرة.
ودافعت الصحيفة عن الاستبداد باعتباره الحقيقة الواقعة في العالم العربي، وتقول: "تريد الدول الغربية الآن العمل مع النظام القائم في العالم العربي كما هو موجود، وليس كما تتمنى وجوده. وعليه فإنه من المناسب كليا دعوة حكومة بريطانيا عبد الفتاح السيسي، حاكم
مصر العسكري، لإجراء محادثات في 10 داونينغ ستريت، رغم سجله القمعي ضد المعارضة المحلية".
وترى الافتتاحية في الزيارة مناسبة لرئيس الوزراء البريطاني للضغط على السيسي حول قضايا حقوق الإنسان، وتقول: "ليس أفضل لديفيد كاميرون من الضغط على السيسي من مقابلته وجها لوجه، ومن الضروري أن يفعل رئيس الوزراء هذا لئلا يستنتج الإصلاحيون في مصر وبقية العالم العربي أنهم أصبحوا وحدهم. ومع ذلك فهم لن يكونوا موجودين في اللقاء، ولكن السيسي سيكون موجودا. ورغم وجود الحقيقة الدبلوماسية الغاشمة، إلا أن بريطانيا لديها الكثير من القضايا المشتركة التي يجب أن تبحثها مع مصر".
وتمضي الصحيفة في تبريرها بالقول: "صحيح أن السيسي قام بالإطاحة برئيس منتخب، ولكنه فعل هذا وبلا جدال عبر دعم شعبي هائل ضد نظام أساء استخدام سلطاته، ودفع مصر نحو حافة الانهيار. فقد فاز محمد مرسي، وهو من الإخوان المسلمين، بأغلبية ضئيلة في الانتخابات الرئاسية لغام 2012. وبدلا من تبني الدستورية قام مرسي وبشكل ثابت بتعزيز سلطاته المطلقة في تعديل دستوري".
وتواصل الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، لعبة التبرير قائلة: "كان الأحرى بمرسي التفاوض من أجل تنازلات أو الدعوة إلى انتخابات جديدة، ووسط السخط والاحتجاجات الضخمة قام السيسي والجيش بالإطاحة بحكومة فاشلة، إن إلغاءه للحريات المدنية، واستخدامه القضاء لحكم الإعدام (ضد مرسي نفسه) فيه تطرف. ولكن بلا شك فإنه مع ذلك، هناك قطاع كبير من المصريين يعتقد أن السيسي حمى البلاد من الحرب الأهلية والاضطهاد الديني".
وتضيف "التايمز" أنه بناء عليه فإن "هذا هو السياق الذي سيلتقي فيه كاميرون بالزعيم المصري، فدبلوماسية الديمقراطيات الغربية ظلت مع مصر متقلبة، وتتسم بقصر النظر، منذ نصرها غير المتوقع عندما قام أنور السادات بالتخلي عن تحالف بلاده مع الاتحاد السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي، فيما دفع الدعم الأمريكي للسادات وخلفه حسني مبارك بالقلق الأمريكي لحماية معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم يلتفت الأمريكيون للقيادة المصرية المستبدة".
وتشير الافتتاحية إلى الموقف الأمريكي، وتقول: "عندما وصل السيسي إلى السلطة، قررت إدارة أوباما حجب جزء من المعونة العسكرية السنوية لمصر، وهي 1.3 مليار دولار أمريكي. وكانت هذه لفتة لا معنى لها، ولم تترك أي أثر على مصر، ولم تؤد إلى نشوء ديمقراطية تشاركية. ونظر كاميرون إلى هذا الأمر، واستخلص الدرس المناسب منه".
وتجد الصحيفة أن سبب الدعوة مرتبط بكون مصر حليفا، وتقول: "مصر هي بلد مهم لهذا البلد (بريطانيا). أولا لأنها، أي مصر، تقاتل في حرب عادلة وضرورية ومباشرة ضد الجهاديين، ولم تعد شبه صحراء سيناء منطقة آمنة لجماعة ترغب بإقامة خلافة ثيوقراطية، وتلغي الحضارة الغربية. ثانيا لم تعد حركة حماس في عدوانها ضد إسرائيل تحظى بدعم من مصر، كما كان الوضع في عهد مرسي. ثالثا تعد مصر قوة إقليمية تعارض التوسع الإيراني النووي".
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول إن هذا كله يجعل من دعوة كاميرون للسيسي مبررة، وتضيف أن "هذه هي مظاهر قلق بريطانيا وحلفائها. فمصر تعد من آكثر الدول سكانا في المنطقة، ولو لم تكن لبريطانيا علاقة استراتيجية مع السيسي، فلن تكون لها فرصة لممارسة الضغط عليه؛ من أجل إعادة الديمقراطية، وفتح مؤسسات الدولة. وستكون قد تخلت عن حاكم تشاركه في المصالح، وأعداؤه يمثلون تهديدا أبديا".