صنف معهد واشنطن، في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، الطائفة الدرزية في السويداء إلى ثلاثة معسكرات، فأولئك الذين يؤيدون النظام، وأولئك الذين رفضوا الخدمة في الجيش، واختاروا أن يدافعوا عن المحافظة بأنفسهم، وأولئك الذين لا يزالون على الحياد.
ولفت التقرير الذي كتبته الباحثة في المعهد نعوم ريدان والباحث ماثيو ليفيت، إلى أن
الدروز اللبنانيين والإسرائيليين يشعرون بأنهم مجبرون على الانضمام إلى القتال بأنفسهم إذا ازداد الوضع سوءا في
سوريا، في ظل ظروف من المحتمل أن تسبب زعزعة الاستقرار.
ورأى التقرير أنه في الحالة الأولى، يمكن أن يواجه الدروز اللبنانيون اتهامات بالسير على خطى «
حزب الله» إذا ما تدخلوا في الحرب السورية المجاورة.
في غضون ذلك، لخص عضو الكنيست
الإسرائيلي والزعيم الدرزي أيوب قرا مخاوف جمهوره بقوله: "إسرائيل ليست جزءا من هذا القتال، ولا تريد أن تكون جزءا منه، لأنه إذا قلنا إننا سنكون جزءا من القتال، فإن ذلك سيجعل الأمور أكثر سوءا لأهلنا الدروز في سوريا".
وأضاف قائلا: "ولكنني كوني رجلا درزيا سأفعل كل ما هو ممكن لدعم شعبي. أنا مخلص جدا لشعبي".
وطبقا للتقرير، يشعر الدروز الإسرائيليون بالتوتر بسبب تطورين: التهديد للدروز السوريين، وتجنيد الشبان الدروز في خلايا إرهابية تعمل بإيعاز من إيران وحزب الله.
فهذا الأسبوع، تظاهر الآلاف من الدروز الإسرائيليين في القرى الشمالية عسفيا ومجدل شمس، داعين إلى لفت الانتباه إلى التهديد المباشر الذي يواجه نظراءهم السوريين من جبهة النصرة. إلى جانب ذلك، أرسلوا أكثر من 2.6 مليون دولار للدروز السوريين عن طريق الأردن لشراء الأسلحة وغيرها من المستلزمات.
هذه الأحداث، وفقا لما جاء في التقرير، تشير إلى ضعف المجتمعات الدرزية المتواجدة على جانبي حدود لبنان وسوريا وإسرائيل، إذ لم يعد الدروز في سوريا، الذي يقارب عددهم 800 ألف شخص، يحصلون على الحماية الكافية مما تبقى من النظام، ويُعَدّون زنادقة من قبل جبهة النصرة وجماعات إسلامية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي حدوث المزيد من التصعيد إلى دفع إسرائيل إلى التدخل، ويبقى ذلك بالتالي خطرا من بين مخاطر أخرى.
إضافة إلى ذلك، ففي 16 حزيران/ يونيو، قال الشيخ وحيد البلعوس، أحد الدروز المنتقدين للنظام، أنه وأنصاره -المعروفين باسم "مشايخ الكرامة"- مع وقف إطلاق النار بين محافظتي درعا والسويداء. والأهم من ذلك، أفادت التقارير بأنه قال إن جماعته تنسق بشكل غير مباشر مع الثوار من الجيش السوري الحر، الذي يحظى بدور مؤثر في درعا.
وفي 10 حزيران/ يونيو قتل تنظيم جبهة النصرة ما لا يقل عن عشرين من الدروز في قرية قلب لوزة، في ريف إدلب شمال غرب سوريا.
وبعد ستة أيام، قَتَل جنديان من جنود نظام الأسد الذين يؤدون خدمتهم في قرية الخضر الدرزية على الحدود مع إسرائيل قائدهما الدرزي، قبل أن ينشقا وينضما إلى جبهة النصرة. وفي اليوم التالي، استولى مسلحون إسلاميون وقوات أخرى على تلة استراتيجية شمال الخضر، وحاصروا القرية بعد خوضهم معارك عنيفة مع قوات النظام.
بدوره، سارع السياسي اللبناني الدرزي، وليد
جنبلاط، إلى إدانة عمليات القتل، وإلى تهدئة جمهوره الغاضب.
وجاء في التقرير أن جنبلاط كان قد دعا في وقت سابق الدروز في سوريا، لا سيما في محافظة السويداء الجنوبية الغربية، إلى التخلي عن النظام، والمصالحة مع الثوار في محافظة درعا التي يسيطر عليها السنة.
أما السياسي الدرزي الموالي للأسد وئام وهاب، الذي يرأس "حزب التوحيد"، فانتقد موقف جنبلاط المتحفظ حول قلب لوزة، ودعا الدروز في لبنان إلى مساعدة إخوانهم في الدين في سوريا.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخرا، أشار إلى أن "الدروز قادرون على إنشاء جيش يضم أكثر من 200 ألف شخص من دروز سوريا ولبنان والعالم للدفاع عن السويداء".
من ناحيتها، طلبت الحكومة الإسرائيلية من الولايات المتحدة زيادة المساعدات لدروز سوريا، وحثت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" والأمم المتحدة على إنشاء منطقة إنسانية آمنة للدروز على الجانب السوري من مرتفعات الجولان، ومع ذلك، رفضت حتى الآن التدخل عسكريا نيابة عن الدروز داخل سوريا، خوفا من أن يُنظر إليها على أنها تقحم نفسها مباشرة في الحرب.
وذكر التقرير، أن حزب الله كان قد استخدم الدرزي اللبناني سمير القنطار الذي أُدين بتهمة قتل عائلة إسرائيلية في عام 1979، وأُفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2008 لتجنيد الشبان الدروز بصورة نشطة لشن هجمات إرهابية.
ورأى التقرير أن تجنيد الدروز، ناهيك عن دروز إسرائيل، جعل المجتمع كله في وضع متزعزع. وما يزيد الأمر سوءا أن خلية القنطار نفذت هجوما بعبوة ناسفة في 27 نيسان/ أبريل، خلال عيد الدروز الأبرز، وهو زيارة مقام النبي شعيب. وفي هذا الإطار، ورد أن أحد قادة الدروز البارزين كان غاضبا، وأجبر أحد الشباب أن ينفي علنا تورطه في مجموعة القنطار بينما كان واقفا أمام قريته بأكملها.
وفي الوقت الراهن، تسعى دعوة جنبلاط لضبط النفس إلى الحفاظ على التوازن الطائفي الدقيق بين الدروز والسنة، الذين يعيشون معا في جميع أنحاء البلاد. فهو في وضع دقيق جدا، إلا أن تصريحه بأن جبهة النصرة جزء من المعارضة السورية، وليست منظمة إرهابية، كان عبارة عن محاولة للحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة مع الجماعة، التي ما زالت تحتجز عددا من الجنود ورجال الشرطة اللبنانيين-سبعة منهم من الدروز- رهائن.
وأنهى التقرير رؤيته في هذا الموضوع قائلا: "أما بالنسبة إلى دروز إسرائيل، فإن إنشاء منطقة إنسانية آمنة لحماية أقاربهم والمنتمين إلى الطائفة نفسها عبر الحدود سيصبح احتمالا أكثر صعوبة إذا استكملت جبهة النصرة وغيرها من الجماعات سيطرتها على الجولان السوري".