أثار هجوم
تنظيم الدولة ردات فعل مختلفة من قبل النشطاء
العرب والأكراد السوريين، بالإضافة إلى مواقف مختلفة لإعلاميين سوريين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية. وقد تباينت ردود الفعل بين الهجوم الأول لتنظيم الدولة على كوباني في نهاية العام الماضي، وبين الهجوم الحالي الذي بدأ التنظيم بعملية انتحارية مباغتة استطاع من خلالها إرباك خطوط الدفاع للوحدات الكردية، والخطوط الخلفية للوحدات المقاتلة للأكراد في المدينة وما حولها.
ناشطون يظهرون عدم التعاطف
يقول الناشط الإعلامي في مدينة حلب حارث عبد الحق؛ إن "من رأى حال المهجرين العرب والتركمان من تل أبيض ومحيطها، الذين هجرتهم غارات التحالف وقوات
وحدات حماية الشعب الكردي، لا يمكن أن يتعاطف مع هذه الوحدات، فهذه المجاميع المسلحة التي تسمي نفسها وحدات حماية الشعب الكردي أكبر من يسيء إلى الشعب الكردي"، حسب تعبيره.
وأضاف عبد الحق في حديثه لـ"عربي21": "وحدات حماية الشعب بنظرنا تهدف بشتى الوسائل لتعميق الشرخ القائم بين الكرد والقوميات الأخرى في المنطقة، وبين الكرد ودينهم الإسلامي، فهي ببساطة تريد سلخ الكرد كشعب عن محيطهم، وعن دينهم قبل سلخ أجزاء من
سوريا لجعلها وطنا قوميا لهم، وإن كان ذلك على حساب تهجير العرب وغيرهم من أرضهم واضطهادهم"، كما يقول.
تغير في مواقف الناشطين
عدنان حسين، ناشط إعلامي من إحدى القرى التي سيطر عليها تنظيم الدولة مؤخرا، وقد كان من ضمن الأشخاص الذين أطلقوا حملات ضد ممارسات الوحدات الكردية في قريته وما حولها من القرى العربية، وهو أيضا أحد الإعلاميين الذين نقلوا معارضتهم لاقتحام تنظيم الدولة لكوباني، كما أنه من النازحين من قريته بعد دخول تنظيم الدولة إليها.
وقال الحسين لـ"عربي21": "في بداية حرب تنظيم الدولة على المدينة، فعلنا ما بوسعنا لأجل نقل حقائق انتهاكات تنظيم الدولة ضد الكورد، وكان موقفنا إيجابي مع
الأكراد والقضية التي اعتبرناها واحدة، لكن بعد ما رأينا من تهجير وتدمير للمنازل على يد الوحدات الكردية بعد شعورها بالقوة والغلبة على تنظيم الدولة؛ فقد تغير مستوى تعاطفنا عن السابق، مع التذكير على أن المدنيين أهلنا وأخوتنا"، وفق قوله.
وتابع عدنان الحسين: "التصرفات الجائرة للوحدات الكردية، وتطبيل الإعلاميين الكرد لها من المحسوبين على الثورة السورية، أحدث شرخا كبيرا في مسألة تغيّر الموقف والتعاطف العربي للأحداث في كوباني الآن".
الواقع العربي الكردي مختلف
لم تكن جميع الآراء والمواقف متغيرة بالنسبة لحرب تنظيم الدولة على مدينة عين العرب (كوباني) ذات الغالبية الكردية، فقد تغيرت نظرة النشطاء العرب إلى موقف رمادي، وبات جزء كبير منهم يرى أن المعارك التي تجري "لا ناقة للعرب السوريين بها ولا جمل". لكن لم يكن هذا الموقف معمما على جميع الناشطين العرب، فالبعض حمل القضية الكردية ضد التنظيم على أنها قضيته، وأنها جزء لا يتجزأ من الثورة السورية".
من جهته، أكد الناشط محمد بدر الدين بأن جهات مجهولة، إعلامية أو عسكرية، تعمل على إحداث شرخ بين العرب والكرد، كما أن الشعب السوري بكل مكوناته سيكون الخاسر الوحيد من أي انقسامات أخرى تضاف على الواقع المأساوي السوري، حسب تقديره.
ونفى بدر الدين حدوث أي تهجير عرقي أو ممارسات غير إنسانية ضد العرب من قبل وحدات حماية الشعب الكردية، وقال إن الموقف مع الأكراد في محاربة تنظيم الدولة ثابت ولم يتغير.
واختتم قائلا: "أنا كناشط سوري عربي أؤكد أن كل الشهداء الذين سقطو في كوباني هم أبرياء وسوريون، لا ذنب لهم"، مضيفا: "أنا شخصيا لم أشهد موقفا كرديا رماديا، أو متغنيا بهجوم التنظيم على ريف حلب الشمالي، وكان دائما موقف الكرد مؤيد لحربنا ضد التنظيم والنظام على حد سواء"، حسب تعبيره.
اتهامات متبادلة
لم تكن الاتهامات بممارسة تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب؛ انتهاكات بحق المدنيين سببا منفردا للخلافات العربية الكردية، حسب ناشطين، فإن سيطرة تنظيم الدولة على بعض القرى وانسحابه منها ثم سيطرة الوحدات الكردية عليها، وانتقال هذه القرى إلى سيطرة تنظيم الدولة مرة أخرى كعملية تشبه المد والجزر أدت لتذمر السكان العرب والأكراد الواقعة قراهم على مناطق التماس بين التنظيم والوحدات الكردية.
ويقول الناشطون أن الأطراف المتصارعة قامت بممارسات عسكرية قمعية تحت تأثير "نشوة النصر" عند الدخول إلى أي منطقة، فيما تم تقاذف الاتهامات، مثل الانتماء لتنظيم الدولة والتطرف تجاه السكان العرب الذين تسيطر الوحدات الكردية على قراهم، أو الإلحاد والكفر للسكان الأكراد في القرى التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.