نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، تقريرا عرضت فيه قصة فراس، وهو طفل فلسطيني يبلغ من العمر سنة واحدة، ويعيش بقطاع
غزة، مشيرة إلى الوضع المتردي الذي يعيشه هذا الطفل، على غرار آلاف الأطفال الآخرين الذين يعانون من تبعات
الحرب الأخيرة التي شهدها القطاع في السنة الماضية، حيث لا يزال العديد منهم يعيشون في العراء، ولا يجدون الطعام الكافي لسد رمقهم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
الطفل فراس ذا العينين السوداوين، لسانه لا يزال يتلعثم في نطق الكلمات، لكنه في يوم ذكرى ميلاده، في الثامن من تموز/ يوليو، يحمل معه ذكرى أليمة تتمثل في بداية العدوان
الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف 2014.
وأفادت بأن الجميع يأمل في أن لا يتذكر فراس ما حصل خلال الـ51 يوما الأولى من حياته، حيث لقي 2132 فلسطينيا حتفهم خلال تلك المدة، منهم 501 من الأطفال، وتم تدمير 12 ألفا و400 منزل، منهم منزل عائلته. كما أن الجميع يتمنى أن لا يحمل هذا الطفل الصغير في ذاكرته صورا عن خوف أمه وكوابيس إخوته تحت وابل من الصواريخ، وإحباط والده الذي لم يعد يدري كيف يحمي عائلته.
وأشارت إلى أن منزل فراس لا يزال مدمرا بعد مرور عام بأكمله على العدوان، وأنه يتشارك في هذا المصير مع 17 ألفا و600 عائلة اضطرت إلى السكن في عربات مقطورة، وتحت الخيام.
وأكدت الصحيفة أن الطفل الصغير لا يعي ما يحصل حوله، وأن كلمة "
حصار" لا تعني له أي شيء، ولكنها تصف كافة أوجه الحياة في قطاع غزة، حيث تعني هذه الكلمة أنه لا يمكن إدخال معدات البناء حتى بعد مرور عام على العدوان، ما يعيق عملية إصلاح وإعادة بناء الحضانات والمدارس والمستشفيات.
وتعني كلمة "حصار" - بحسب الصحيفة - أن الماء غير نظيف، وأنه لا يمكنه استعمال الكهرباء إلا ثماني ساعات في اليوم، وأنه من الصعب الحصول على الدواء عند الحاجة. كما أنه يمكن ترجمة هذه الكلمة إلا أنه لا يمكن زيارة الأقارب في الضفة الغربية التي تبعد 60 كيلومترا فقط، ولا يمكن للأطفال أن يلعبوا بالقرب من الحدود مخافة أن يتعرضوا لإطلاق النار، ولا أن يلعبوا في المباني المدمرة خوفا من العثور على قنبلة، أو الدوس على لغم.
وقالت إن سنوات الحصار الثمانية قد رفعت نسبة البطالة في القطاع إلى 44 بالمائة، لتكون بذلك النسبة الأعلى في العالم، مشيرة إلى أن الناتج الداخلي الخام قد تراجع بنسبة 50 بالمائة، وأن 80 بالمائة من سكان القطاع يعتمدون في عيشهم على المساعدات الإنسانية، وأن 39 بالمائة من الغزيين يعيشون تحت خط الفقر، وأن 70 بالمائة من سكان غزة يعانون من سوء التغذية.
ونقلت الصحيفة حالة الاحتقان واليأس في صفوف موظفي المنظمات غير الحكومية، الذين يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة فراس وعائلته وأمثالهم من العائلات المنكوبة، والذين لا يخفون في الوقت نفسه إعجابهم بقدرة الغزيين العجيبة على الاحتمال، التي توارثوها أبا عن جد خلال عقود من مقاومة
الاحتلال.
وأدانت نفاق المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية، حيث أشارت إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تعتبر "إسرائيل" دولة حليفة لها، رغم أنها تقر بأن ممارساتها في حق الشعب الفلسطيني غير قانونية، مضيفة أنه من غير المقبول أن تسعى باريس لإقامة محادثات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تتضمن في جزء منها غض النظر عن معاناة ثلث الفلسطينيين الذين تمت محاصرتهم عسكريا، دون احترام لحقوقهم الإنسانية.
وفي الختام؛ خلصت "لاكروا" إلى أن وجود الطفل فراس ماديا ليس له أهمية كبرى، ولكنه يختزل معاناة آلاف الأطفال المحاصرين في غزة، ويمثل نموذج إنسان يتحكم في مصيره القادة السياسيون الغربيون.