دعت مؤسسات ومنظمات
حقوقية محلية ودولية، السلطات
المصرية، إلى تحمل واجباتها الأخلاقية تجاه الاعتقال التعسفي للأطفال، الذي وصفه تقرير للفريق المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة بأنه "ممنهج، وواسع الانتشار".
وندد حقوقيون بـ"التجاوزات" التي يتعرض لها القاصرون، سواء في مراكز احتجاز الشرطة، أم السجون، أم المؤسسات العقابية، أم حتى أثناء عملية اعتقالهم، واعتبروا أن ما يتعرضون له يعد سابقة في تاريخ القضاء والشرطة المصرية.
3200 طفل معتقل
وقال مسؤول الملف المصري بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان -ومقرها جنيف بسويسرا- أحمد مفرح، إن عدد
الأطفال المعتقلين منذ أحداث 30 يونيو 2013 وحتى نهاية أيار/ مايو 2015، ممن هم تحت سن 18 عاما؛ وصل إلى 3200، ما زال 800 منهم معتقلين"، مؤكدا "تعرّض معظمهم للتعذيب، والضرب المبرح، والحرمان من أبسط الحقوق".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "وزارة الداخلية هي المسؤولة عن أماكن احتجاز الأطفال في مصر"، مشيرا إلى أن ذلك يُعد "مخالفة لقانون الطفل، الذي يجعل وزارة التضامن الاجتماعي هي المنوط بها تسيير وإدارة شؤون الأطفال المحتجزين في أماكن خاصة بهم".
وأشار مفرح إلى
الانتهاكات التي تحدث في معسكر الأمن المركزي ببنها جنوب القاهرة "الذي يتم التعامل معه باعتباره مكانا لاحتجاز الأطفال"، مقدّرا عدد الأطفال المحتجزين فيه "بأكثر من 300 طفل، يتم منع الزيارة عنهم، ومعاملتهم معاملة سيئة؛ تصل إلى حد
التعذيب البدني، والعنف الجنسي".
اتهامات كيدية للأطفال
بدوره؛ أكد المحامي في المؤسسة المصرية لأوضاع الطفولة، والائتلاف المصري لحقوق الطفل، فادي وجدي، أن الاتهامات الموجهة للأطفال المعتقلين "أقرب إلى الاتهامات الكيدية، فهي تتلخص في قطع الطرق، والانضمام إلى جماعة محظورة، والتعدي على قوات الأمن، واستخدام القوة والعنف، وهي بالقطع لا تتناسب مع بنية الأطفال الذين هم تحت سن 18 سنة".
وعن ملابسات وطرق اعتقال الأطفال؛ قال وجدي لـ"
عربي21" إن "
الاعتقالات تحدث بشكل عشوائي، أو أثناء مداهمات قوات الأمن لمنازل مطلوبين، أو أثناء تواجدهم بالقرب من مظاهرة، وتتم أحيانا أخرى نتيجة تحريات مكتبية للأمن الوطني لا صلة لها بالواقع، وبدون واقعة بعينها، أو أدلة قطعية".
سابقة قضائية
من جهته؛ اعتبر المتحدث باسم التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، محمد أبو هريرة، أن ما يحدث للأطفال المعتقلين "سابقة في تاريخ مصر القضائي، سواء من ناحية عدد المعتقلين، أم طبيعة الأحكام الموجهة إليهم، أو عدد الانتهاكات التي يتعرضون إليها".
وقال لـ"
عربي21": "لا يوجد فرق بين القاصرين والكبار في ما يتعلق بالانتهاكات التي يتعرضون له داخل السجون ومراكز الاحتجاز، أو حتى في الأحكام الجائرة الصادرة بحقهم، والتي وصل بعضها إلى حد الإعدام، بما يخالف الإجراءات الجنائية".
وأضاف: "يُحرم الأطفال المحبوسون، سواء في المؤسسة العقابية بالمرج في القاهرة، أم كوم الدكة في الإسكندرية؛ من أبسط حقوقهم، ويتعرضون لتجاوزات لفظية وبدنية، واعتداءات جنسية، وحرمان من الامتحانات، وعدم وجود رعاية طبية كافية، فضلا عن حبسهم مع أطفال جنائيين".
ووصف أبو هريرة بعض مراكز الاحتجاز بأنها "أقرب إلى المقابر الجماعية في شهور الصيف القائظ"، منتقدا "لجوء وزارة الداخلية إلى أسلوب الابتزاز؛ باعتقال أطفال بعض المطلوبين للضغط عليهم لتسليم أنفسهم، أو اعتقال الزوجة وطفلها أحيانا".
تزايد عدد الأطفال المعتقلين
أما المحامية في الشبكة العربية لحقوق المعلومات، نيرة السيد؛ فبينت أن "هناك تزايدا واضحا في أعداد الأطفال المعتقلين منذ 30 حزيران/ يوينو 2013"، مشيرة إلى أن "فرص هؤلاء الأطفال في الحصول على حقوقهم تراجعت".
وقالت لـ"
عربي21" إن النيابة العامة تقوم بتمديد فترات حبس الأطفال احتياطيا على ذمة التحقيقات، وتعامل الحدث كالبالغ، مؤكدة أن ذلك يُعد "انتهاكا واضحا لحقوق الطفل التي كفلها الدستور، يترتب عليه وقوع ضرر نفسي كبير للطفل".
وحذرت أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عزة كريم، من التمادي في احتجاز الأطفال "بتهم لا يمكن تصديقها".
وقالت لـ"
عربي21" إن تكوين الطفل النفسي والبيولوجي غير مكتمل، ويحتاج إلى رعاية الكبار، وأسوأ ما يمكن أن يتعرض له الحدث؛ سجنه، وتقييده، ووضعه في السجون، وامتهان كرامته، وتعرضه للتعذيب.
وطالبت بضرورة "إبعاد الأطفال عن عذاب السجون، وقسوة الأحكام، للحفاظ عليهم، وإخراجهم للحياة بشكل طبيعي وفعال ومنتج، بدلاً من تخريج كارهين لوطنهم، حاقدين على مجتمعهم".