نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول
الجدل الذي رافق التحضيرات التي أجرتها السلطات الفرنسية المحلية، في قرية فالوريس، التي يقضي فيها
الملك سلمان عطلته الصيفية، حيث أثارت شروطه المتعددة استغراب وغضب بعض الفرنسيين وأهالي المنطقة، الذين عبروا عن رفضهم لهذه الاستعدادات، رغم تمسك السلطات بهذه
الزيارة نظرا لعوائدها المالية الضخمة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الملك سلمان طلب بشكل غير رسمي من الأجهزة الأمنية المكلفة بحمايته؛ إبعاد امرأة كانت ضمن طاقم حراسة الفيلا الخاصة به، حتى لا تتواجد في مكان واحد مع الرجال في الفضاء الملكي أثناء ساعات السباحة.
وأضافت أنه رغم أن هذه المرأة تم الإبقاء عليها ضمن أطقم الحراسة، فإن المزيد من الطلبات والشروط "الغريبة" التي قدمها الجانب السعودي؛ أثارت غضب السكان والمصطافين في هذه القرية التي يقضي فيها الملك عطلاته، على بعد 5 كيلومترات فقط من مدينة "كان" في الريفيرا الفرنسية.
وبحسب الصحيفة؛ فإن الوفد السعودي لم يظهر أي رضا عن ظروف الإقامة، رغم المساعي الحثيثة للسلطات للاستجابة لطلباته، واحتواء سخط الأهالي، نظرا لأن هذه الزيارة التي تضم عددا كبيرا من أعضاء العائلة المالكة؛ ستدر على الخزينة الفرنسية مبالغ مالية ضخمة سيتم صرفها خلال هذه الفترة.
وقالت "لوموند" إن السكان المحليين اكتشفوا أمر الزيارة المرتقبة للملك السعودي، عندما تم الشروع في إنجاز "أشغال مخالفة للقانون" في
شاطئ ميراندول، الواقع أمام الفيلا التي اشتراها الملك فهد في 1979. ففي بداية شهر تموز/ يوليو الجاري، وفي غضون أسبوعين فقط، قامت المصالح البلدية في "فالوريس" ببدء أشغال البناء في ثلاثة مواقع.
وتم أولا تركيب سياج حديدي لمنع المرور عبر الشاطئ الذي يفترض أنه ملك للعموم؛ حيث سيكون مخصصا للملك فقط، ولكن هذه الأشغال تم إيقافها من قبل سلطات المحافظة. ثم تم تشييد أعمدة ضخمة على الرمال من أجل تركيب مصعد آلي، لتسهيل النزول مباشرة من الفيلا نحو الشاطئ، وهذه الأشغال أيضا تعطلت في البداية، قبل أن تتحصل على ترخيص من الدولة؛ بشرط إزالة المصعد فوق مغادرة الملك. وفي المرة الثالثة؛ تم تشييد جسر حديدي يمر فوق منطقة صخرية، لتمكين الزوار من المرور فوق الصخور، ومواصلة جولتهم على الممر الساحلي.
وقالت الصحيفة إن عمدة المدينة ميشال سالوكي، واصل تنديده بهذه الإجراءات بداعي مخالفتها الصريحة للقوانين والنظام، وأبلغ اعتراضاته لمسؤولي المحافظة. ورغم أن نائب المحافظ فيليب كاستانيه؛ نجح في إيقاف بعض الإجراءات، إلا أن ذلك كان فقط بحجة أنها سابقة لوقتها وليس لأنها غير قانونية، حيث إن مبعوثي الملك لم ينتظروا عقد اجتماعات ثنائية بين الطرفين لتقرير الإجراءات اللازمة، وبادروا بإدخال التغييرات على المنطقة التي سيزورها دون التنسيق مع السلطات المحلية.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الفرنسيين قوله: "في الظروف الحالية؛ يصعب كثيرا السماح بوجود حاكم دولة مشاركة بصفة مباشرة في الصراعات والحروب الدائرة، في نفس المكان إلى جانب المصطافين والسكان المحليين. وفرنسا مطالبة بحماية هذا الزائر؛ لأنه يحكم دولة هي من أهم حلفائها".
وأضافت أن هذه الدواعي الأمنية والسياسية؛ دفعت سلطات المحافظة إلى إصدار قرار بمنع ارتياد السكان المحليين لشاطئ ميراندول، ابتداء من صباح يوم السبت 25 تموز/ يوليو، أي قبل ساعات من وصول الوفد الملكي السعودي، "ولكن تم غلق الشاطئ قبل الموعد المقرر، استباقا للاعتصامات التي كان سيتم تنظيمها في الشاطئ؛ احتجاجا على الإجراءات المرافقة للزيارة".
وبينت أنه تم نشر عدد كبير من أفراد الشرطة، من بينهم الشرطية غير المرغوب فيها، وتم نشر مجموعات من سبعة أو ثمانية حراس عند كل نقطة في محيط الجناح الملكي، دون اعتبار الدوريات المتحركة والعدد غير المعلوم من السفن والزوارق المتمركزة قبالة الشاطئ، مضيفة أنه "تم أيضا منع الإبحار في مسافة 300 متر من الشاطئ".
وبحسب الصحيفة؛ فقد رد الأهالي على هذه الإجراءات بالدخول في حرب عرائض، حيث تم وضع عريضة في منتصف الشهر الجاري، ليمضي عليها المعترضون على "خصخصة الشاطئ"، بالاستناد لقانون السواحل الصادر في 1986، والذي يمنع كل أشكال الاستغلال الفردي للشواطئ، رغم أن السلطات بررت هذه الإجراءات بأنها فرضت عليها لأسباب أمنية.
ونقلت الصحيفة عن أحد السكان المحليين قوله: "نحن نرحب بالسعوديين في
فرنسا، بشرط احترامهم للقانون الفرنسي"، متسائلا: "كيف سيكون الوضع إذا واصل الأغنياء والمتنفذون الضرب بالقانون عرض الحائط؛ لأنهم يملكون المال؟".
وفي المقابل؛ قام مواطن آخر من سكان الريفيرا الفرنسية بإطلاق عريضة، السبت الماضي، تدعو "للترحيب بالسعوديين، واحترام الإجراءات المتخذة؛ لأسباب تتعلق بالأمن، ولأغراض اقتصادية أيضا"، وقال هذا المواطن إنه يجب على المصطافين البحث عن مكان آخر للسباحة خلال هذه الفترة، وفسح المجال للاستفادة من "الخزينة الممتلئة التي أحضرها الوفد الملكي معه".
وأشارت صحيفة "لوموند" إلى أن الوفد السعودي سيضم في مجمله حوالي ألف شخص، مقسمين بين الجناح الملكي وبعض النزل والإقامات القريبة، وستكون هذه الزيارة فرصة أيضا لبائعي الورود وسائقي سيارات الليموزين، والماركات المعروفة في عالم العطور والملابس، كما أنها ستكون فرصة للنساء العاملات في مجال النقل؛ للعمل كسائقات مع النساء السعوديات.