لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية، يعترف الرئيس السوري
بشار الأسد بعدم قدرته على القتال في جميع الجبهات على أراضي بلاده، وهو ما اعتبرته جريدة "لوموند" الفرنسية، اعترافا "نادرا" وسط كل الهزائم التي تلقاها جيش النظام على أراضي المعارك.
وفي تقريرها الذي ترجمه "
عربي 21"، تطرقت الصحيفة الفرنسية إلى خلفيات هذا الاعتراف، حيث لفتت في هذا السياق إلى ما اعتبرته "تعبا" ألم بالجيش السوري جراء النقص الكبير في كوادره البشرية، هذا إلى جانب ضرورة ترتيب أولوياته بالنظر إلى تعدد جبهات القتال على الأراضي السورية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن اعتراف الأسد يجد تفسيرا له في تعرض جيشه لسلسة من الانتكاسات على المستوى الميداني منذ فصل الربيع، في إدلب وتدمر، علاوة على اضطراره إلى الاصطفاف في مواقع دفاعية في عدد من المحاور الحيوية انطلاقا من إدلب شمالا وصولا إلى درعا جنوبا، مرورا بالعاصمة دمشق التي عرفت تعزيز دفاعات غير مسبوق.
وأكد التقرير على أن حديث الأسد عن عدم قدرة الجيش على القتال في جميع الجبهات لا يأتي فقط بعد ملاحظة حجم الخسائر التي مني بها، بل يأتي كذلك لمواجهة الإحباط الذي صار ينتشر في صفوف الموالين للنظام، والذي ولدته الهزائم المتوالية، وتدهور اقتصاد البلاد بفعل التضخم.
على الرغم من ذلك، أشار التقرير إلى أن جيش الأسد ما يزال محتفظا ببعض التماسك والقوة، خصوصا في ما يتعلق بالضربات الجوية في مواجهة الثوار ومقاتلي تنظيم الدولة. إلا أن هذا الجيش يعاني من "نزيف"، يضيف المصدر ذاته، ويتمثل في الانشقاقات المتكررة، وفرار الجنود أو مقتلهم في ساحات القتال، ما يجعل عدد جنود الجيش السوري ينخفض إلى النصف، مقارنة بما كان عليه خلال بداية الأزمة سنة 2011، حيث كان تعداده يقدر بـ300 ألف رجل دون احتساب جنود الاحتياط.
وفي السياق نفسه، تطرق التقرير إلى تحد آخر يبرز في مواجهة جيش النظام، وهو قلة إقبال المتطوعين للانضمام إلى صفوفه على الرغم من الحملات الواسعة التي يطلقها النظام في هذا الصدد، إضافة إلى أن بعض المتطوعين يختارون الانضمام إلى الثوار بمجرد تسلمهم أسلحة جيش الأسد.
وأورد التقرير أنه على الرغم من اعتراف الأسد غير المسبوق، إلا أنه لم يظهر بمظهر الرئيس الانهزامي، أو الذي تم إضعافه أو المستعد لأي حل وسط للأزمة التي تعرفها بلاده، مستبعدا في الوقت نفسه أي تقسيم لسوريا.
وتحدث التقرير ذاته عن "ما لم يعترف به" بشار الأسد، وهو "تبعيته العسكرية لطهران ولحزب الله اللبناني"، حسب ما جاء في التقرير ذاته، والذي أشار بهذا الخصوص إلى أن الاتفاق الذي تم بين
إيران والدول الغربية حول برنامجها النووي منتصف الشهر الجاري يتم النظر إليه في دمشق على أنه بمثابة وعد بتلقي دعم متزايد من طهران، في وقت أفرغت فيه الأزمة الاقتصادية، وانخفاض قيمة الليرة السورية، خزائن النظام.
كل هذا يأتي في وقت لا يعبر فيه أي طرف من الأطراف ذات العلاقة بالنزاع السوري، والتي أجملها التقرير في إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر، عن أي نية في رفع اليد عن هذا النزاع، في ما يوجه الأسد انتقادات جمة بسبب عدم تعبيره عن موقف واضح في ما يخص التحول الكبير الذي أعلنت عنه تركيا بمشاركتها الفعلية في الضربات الجوية على تنظيم الدولة، ما جعل منتقديه يرون بأنه يسعى فقط إلى الحفاظ على تواجده، دون التوفر على رؤية واضحة لذلك.