تعيش بلدات سورية عدة محاصرة أوضاعا مأساوية إنسانيا وإداريا، منذ سقوط البلاد في دوامة العنف والحرب الأهلية، وتجسيدا لمقولة "لا تهزم الأمم ويتشتت شملها إلا حين تقطع أكفها بأكفها" فإن هذا ما تعيشه البلدات السورية التي تحاصرها قوات الأسد أو المعارضة، بسبب تسلط فئة مخابراتية وجدت ضالتها في سحق من بقي من المدنيين على قيد الحياة.
وفي لقاء أجرته "
عربي 21" مع قائد عسكري من أهالي بلدة "حفير الفوقا" في ريف دمشق، فضل عدم كشف هويته لدواع أمنية، قال: "يتمتع رئيس بلدية البلدة "وليد الجبة" الملقب بـ "الدباك" بصلاحيات مطلقة من قبل النظام السوري، فضلاً عن علاقاته الوثيقة مع فروع وشعب المخابرات، وضباط رفيعي المستوى تابعين لقوات النظام، مما جعله ذراعهم الوثيق في البلدة، والآمر الناهي المتحكم بقوات أهلها، ويجند حوالي خمسين شاباً مسلحا تحت اسم "كتائب البعث" لحمايته وحماية منزله فقط".
ويجبر "الدباك" ضباط "اللواء 63" - أحد الفرق العسكرية المقاتلة ضمن
قوات النظام - وقادته إحكام حصارهم لبلدة "حفير الفوقا" ويهددهم بقطع السلاح عنهم، في حال لم يتقيدوا بأوامره، وذلك حفاظاً منه على تجارته الرابحة بلقمة الأهالي.
وأضاف المتحدث: "كانت تصل مخصصات الدقيق بمعدل ثلاثة أطنان ونصف الطن يوميا إلى بلدة الحفير، حيث يتم تسليم طنين منه إلى المخبزة الوحيدة في البلدة، بينما يختفي طن من هذه المادة في مستودعات رئيس البلدية، الذي يبيع الخبز للأهالي بضعف ثمنها تماما".
وفيما يخص محطة المحروقات الوحيدة في بلدة "حفير الفوقا" الخاضعة لسلطة "الدباك" يتم توزيع مادة المازوت "الديزل" بحسب مزاجية وأرباح رئيس البلدية، بأسعار مضاعفة، وقال المصدر "تمنع مادة الديزل" في الشتاء عن العائلات والمدنيين، مهما قست الظروف الجوية، ويتم بيع هذه المادة إلى أصحاب المتاجر أو التجار بخمسة أضعاف على الأقل من سعرها في العاصمة دمشق، وفي حال خالف عاملوا المحطة كميات البيع والتوزيع على قوائم الأشخاص المحددين من قبل "الدباك" فسينتهي بهم المطاف بما لا يحمد عقباه، فضلا عن إغلاق محطة المحروقات وترك المدينة بلا ظروف للحياة".
فيما يعمل "الدباك" على بيع الوجبات الغذائية الموزعة مجانا على الأهالي، من قبل منظمة الهلال الأحمر السوري، والصليب الأحمر، ويشترط على المدنيين الذين يتسلمونها الولاء الكامل، بينما يخصص قسم منها، لبيعها لأفراد وعائلات
الجيش الحر - وهي فئة يمنع عنها المساعدات بكونها مسلحة،- وذلك بعد استجواب المضطر منهم، وسحب معلومات عن فصائل المعارضة ومجموعاتها المقاتلة، وأنواع السلاح وتوزعه.