عبر سياسيون ومحللون
مصريون عن اعتقادهم بأن النهج الأمريكي المستمر بدعم "الأنظمة المستبدة" في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها مصر، لن يفضي إلا لنتائج عكسية على المدى الطويل، كما حدث مع أنظمة سابقة، مشددين على أن الحرية والديمقراطية هما الكفيلان باستمرار مصالح الأمريكيين في المنطقة، مع التوافق مع الذات في الدعوة لأنظمة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.
البديل الجاهز
وقال رئيس حزب الأصالة، إيهاب شيحة، لـ"عربي21": "ابتداء، الولايات المتحدة لا يهمها إلا أمران: الأول، الحفاظ على أمان الكيان الصهيوني، والأمر الآخر، هو حماية مصالحها في المنطقة"، مضيفا: "في الوقت الحالي السيسي تحدث صراحة بأنه يعمل لتحقيق أمن الكيان الصهيوني، وأنه لن يسمح بوجود أي كيان يهدد".
ورأى شيحة أن الولايات المتحدة لن تنفض يدها من نظام عبد الفتاح السيسي، إلا "عندما تستشعر بوجود شعب قادر على إسقاطه، في تلك اللحظة تبدأ لغة المصالح تأخذ شكلا مختلفا، كالبحث عن بديل، كما حدث عقب ثورة يناير"، حسب تقديره.
ونبه شيحة إلى أنه "لا يمكن التعويل على دعم واشنطن، فهو غير أبدي، ومنذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش تعمل الإدارة الأمريكية على إيجاد البديل حتى لا يخرج الأمر من يدها".
أمريكا تصنع الديكتاتوريات
بدوره، قال عضو المكتب التنفيذي لـ"حركة قضاة من أجل مصر"، القاضي عماد أبو هاشم، إن "الولايات المتحدة هي من تصنع تلك الأنظمة الديكتاتورية، بعد تطوير مفهوم الاستعمار، من خلال السيطرة على الحكام وصناعتهم، بدلا من الدخول في حروب مكلفة بشريا وماديا"، حسب قوله.
وأضاف لـ"عربي21" أن السيطرة على الجيوش والحكام هي إحدى الطرق المختصرة "للقيام بدور جيش المحتل من خلال السيطرة على قيادتها، مثلما حدث في مصر، بواسطة زرع خلايا نائمة داخل مؤسسات الدولة للإطاحة بالحكام".
وفرّق أبو هاشم بين الحكام والأنظمة التي تسعى واشنطن إلى الحفاظ عليها في حالة الإطاحة برأسها، قائلا إن "الحاكم يقوم بدور مدير الشركة، يدير البلاد ولا يحكمها"، مشددا على أن "السيسي يعلم أن أمريكا ستظل داعمة له كشخص طالما استمرت مصالحها في وجوده، وهذا الذي يسعى له بقوة".
وقال إن "أمريكا وإسرائيل تعلمان جيدا أن أولى خطوات
الثورة القادمة هي القضاء على الدولة العميقة ورجالاتها، وليس رأسها فقط، وبالتالي إخراج مصر كمنطقة نفوذ لهما"، وفق تعبيره.
أمريكا تدعم الأقوى
أما النائب السابق بمجلس الشورى، طارق الملط، فقد رأى أن "السياسة الأمريكية في جميع دول العالم تدور مع المصلحة وجودا وعدما، ولا تضطر لمراجعتها إلا عندما تصطدم بخصم قوي مثل ما حدث مع إيران التي أجبرتها على الاتفاق معها".
وقال لـ"عربي21": "استغلت الولايات المتحدة الردة التي حدثت للربيع العربي، وإخفاق الأنظمة
الديمقراطية في الحفاظ على مكتسبات الثورة، وعادت إلى دعم الأنظمة المستبدة؛ لأنها بدت الأكثر استقرارا"، على حد قوله.
ورأى الملط أن محاولات مصر للتوجه شرقا لا تعني رغبتها أو قدرتها على التخلص من العلاقات الأمريكية، "فهي علاقات استراتيجية لكلا الطرفين، قد تتوتر ولكن لا تنقطع"، مشيرا إلى أن "سلاح الجيش المصري يصبح بلا قيمة في حال قررت واشنطن وقف قطع الغيار".
رسالة للعالم
أما المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية، إسلام الغمري، فقد استهجن السلوك الغربي والأمريكي في دعم "الأنظمة الديكتاتورية على حساب حرية الشعوب".
وقال لـ"عربي21": "هذا السلوك يلقي علينا المسؤولية كحركات سياسية وثورية في الشارع المصري، ويدفعنا للتماسك والاصطفاف من أجل إيصال رسالة للعالم مفادها أنه من أراد الاستقرار وضمان مصالحه، فعليه أن يسعى لقبول التغيير الذي يُرضي مكونات الشعب"، حسب تعبيره.
واعتبر أن رهان واشنطن على المؤسسة العسكرية -لأنها القوة الوحيدة القادرة على حماية مصالحة- "هو رهان خاسر؛ فهناك عملية اهتراء في الصف الانقلابي، ومصر تنزلق نحو الفوضى، ولا مناص من دعم الخيار الشعبي".
سياسة خاطئة
من جهته، عزا المحلل السياسي والباحث بجامعة مرسيليا، طارق المرسي، دعم الولايات المتحدة للأنظمة "الفاشية" إلى أن "ثقتها فيها؛ لأنها من صنعتها بالأساس بديلا عن الاستعمار التقليدي"، حسب تعبيره.
وقال لـ"عربي21": "الأنظمة الديمقراطية لن تكون في صالح الولايات المتحدة، فما تقدمه الأنظمة الاستبدادية في مصر يكون على حساب استقلالها وسيادتها، وأي نظام ديمقراطي لن يسمح بذلك".
ووصف السياسة الأمريكية في هذا السياق بأنها "خاطئة على المدى الطويل، قد ثبت فشلها في دعم نظام شاه إيران، والنظام الملكي في مصر"، مشيرا إلى أن "الغرب ما يزال يكرر سياساته الاستعمارية الفاشلة، ورهاناته القديمة، ولم يستطع بلورة منهج جديد للتعامل مع الشعوب"، حسب قوله.