يعد معبر
اليمضية، في ريف
اللاذقية الشمالي في
سوريا، آخر المعابر الواصلة مع
تركيا بعد أن أغلقت السلطات التركية جميع المعابر التي توصل إلى حلب وإدلب ومناطق الشمال السوري عموما. ويقصد قرية اليمضية بجبل التركمان، بشكل يومي مئات العائلات التي تريد الدخول إلى تركيا من هذه المناطق.
لكن مصاعب كبيرة تواجهها هذه العائلات أثناء محاولة عبورها إلى الأراضي التركية من معبر اليمضية، حيث لا يعمل المعبر كما كان سابقا، وإنما يقتصر العبور على الحالات الخاصة، ما يجبر العائلات على عبور طرق تهريب، أقصرها طريق تمتد بطول أربعة كيلومترات عبر الجبال، لتصل إلى قرية ييلاداغ التركية.
ولم يكن هناك معبر
حدودي في اليمضية قبل الثورة، ولكن بعد تحرير المنطقة من قبل الجيش الحر أغلقت تركيا معبر كسب الذي يقع تحت سيطرة النظام السوري، وفتحت هذا المعبر لإدخال المساعدات إلى ريف اللاذقية المحرر.
ويقول أبو أحمد، القادم من حلب، لـ"
عربي21": حاولت الدخول إلى تركيا من معبر باب السلام، ولكن التشديد الكبير من الجانب التركي حال دون ذلك".
ويتابع أبو أحمد موضحا: "لقد ألقت القوات التركية القبض علي في محاولتي الأولى، حيث كانت معي زوجتي وأولادي، وبعد سبع ساعات أعادونا إلى سوريا، الأمر الذي أجبرني على البحث عن منفذ ثان للوصول إلى الأراضي التركية، هربا من قصف طيران النظام لمدينة حلب بالبراميل المتفجرة والتي كثفها موخرا".
ويشرح أبو أحمد قائلا لـ"
عربي21": "وصلت إلى قرية اليمضية بريف اللاذقية مع عدد من العائلات الأخرى، قبل يومين، بهدف الدخول إلى تركيا"، مضيفا: "وجدنا هنا شباب القرية الذين يعملون كمهربين بين الأراضي السورية والتركية؛ يقومون بإيصال العائلات إلى تركيا مقابل مبالغ مادية يتقاضونها أجرة عملهم".
ويضيف: "لكن كثرة الناس الذين يحاولون الدخول إلى تركيا، وهو ما صعب أمر الدخول، حيث ننام في الغابات منتظرين أي خبر من المهرب الذي اتفقنا معه ليخبرنا أن الطريق سالك".
وفي المقابل، يقول حسن، وهو أحد الشباب الذين يعملون بتهريب الأشخاص إلى تركيا: "يجب أن نعمل بكامل قدرتنا لنجمع مبلغا جيدا من المال"، مضيفا: "من الممكن أن تعود المعابر إلى العمل في أي يوم، لذلك يجب علينا أن نستغل الإقبال الكبير على المعبر من قبل أبناء إدلب وحلب"، بحسب قوله لـ"
عربي21".
وبحسب أحمد، فإن عملهم في بداية الثورة كان "لخدمة من يريد الدخول إلى تركيا دون التفكير في المقابل المادي، ولكن الآن، وبعد أربع سنوات من الثورة، نحن مجبرون على العمل مقابل مبلغ مالي جيد، لأنه لا يوجد أي عمل ممكن أن نكسب منه المال بهذه المبالغ التي نحصل عليها بشكل يومي، بالإضافة إلى أننا نعمل في مجال نساعد به الثوار، وهو خدمة العائلات التي تحاول عبور الحدود إلى تركيا"، حسب تعبيره.
وأضاف: "نحن من أبناء جبل التركمان ونتقن اللغة التركية، وهذا ما يساعدنا في التعامل مع العسكري التركي، على عكس باقي المناطق الحدودية، كما نمنع أي شخص من تهريب البضائع عبر هذا المعبر كي لا تغلقه تركيا بشكل كامل".
وعن مصاعب عملهم، يقول أحمد لـ"
عربي21": "نتعرض بعض الأحيان إلى الاعتقال من الجيش التركي إذا استطاع العسكر التركي القبض علينا ونحن نحاول عبور الحدود، ويقومون بحبسنا بالقرب من المعبر من الجانب التركي أكثر من 10 ساعات ثم يعيدوننا إلى سوريا".
ويتابع: "لكن لم يحدث أن أطلق الجيش التركي النار على العائلات السورية هنا كما حصل في إدلب وحلب، ومن تتم إعادته إلى سوريا يحاول عبور الحدود إلى تركيا مرة أخر على أمل النجاح".
ولقي أكثر من ثلاثة أشخاص، على الأقل، مصرعهم وهم يحاولون الدخول إلى تركيا من معبر اليمضية في فترات مختلفة، حيث أصيب الأول بجلطة قلبية أثناء محاولته عبور الطريق بسبب صعوبته ووعورته وطبيعة المنطقة الجبلية، وتوفي شخص في الشتاء الماضي بسبب البرد الشديد على الحدود، بالإضافة إلى فقدان بعض الأسر لأطفالهم، وهم يحاولون الدخول إلى تركيا في الغابات.
يذكر أن لواء السلطان عبد الحميد، التابع للجيش السوري الحر، هو المسؤول عن المعبر من الجانب السوري، وجميع عناصر اللواء هم من أبناء جبل التركمان ويتكلمون اللغة التركية، ويتبع اللواء للفرقة الثانية الساحلية.
ومهمة عناصر اللواء الموجودين على الحدود منع أي إشكاليات قد تحصل في الجانب السوري، كم يقومون بالتنسيق مع الجيش التركي لتنظيم المعبر بشكل جيد، حيث أكد أبو خالد، وهو أحد عناصر اللواء المتواجدين على الحدود، أن مهمتهم "مساعدة المدنيين، ولكن الآن الوضع صعب جدا بسبب التشديد من قبل الجيش التركي، ويقتصر عمل المعبر حاليا على إدخال الجرحى إلى تركيا وإدخال وإخراج الكوادر العاملة في المجال الطبي بريف اللاذقية، حيت تقوم تركيا بنقلهم إلى الحدود بشكل يومي عبر سيارات وساعات محددة"، حسب قوله لـ"
عربي21".
ويذكر أبو خالد أنه "قبل حوالي العام كان يمكن لأي شخص الدخول إلى تركيا عبر المعبر بشكل نظامي، ونحن نحاول الآن تنظيم الوضع من الجانب السوري لنعيد المعبر إلى العمل كما السابق"، حسب تعبيره.
ونقلت مديرية صحة الساحل، التابعة للثوار، منذ أيام، أكثر من 400 طفل إلى تركيا عبر معبر اليمضية بالتنسيق مع المشفى التركي بقرية ييلاداغ التركية ليتلقوا اللقاحات اللازمة لهم ثم أعيدوا بعدها إلى سوريا.