نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لروبرت فيسك، حول المدرسة الأفغانية زنيرة إسحاق، قال في بدايته إن حكومة رئيس الوزراء الكندي ستيفن
هاربر اختارت المرأة الخطأ، عندما قررت أن إسحاق لا تستطيع أداء قسم الجنسية، وهي مرتدية نقابها. مشيرا إلى أن
النقاب أصبح يمثل رمزا لهوس حزب المحافظين الحاكم في
كندا بعادات المسلمين.
ويشير التقرير إلى أن المحكمة الفيدرالية حكمت بأن المدرسة البالغة من العمر 29 عاما، والمولودة في باكستان، والأم لأربعة أبناء، يمكنها أن تلبس نقابها خلال تأديتها للقسم القانوني للتجنيس الشهر القادم.
وتذكر الصحيفة أن ما أدهش ملايين الكنديين أن حكومة هاربر استأنفت ضد القرار، وتم رفض الاستئناف أيضا. وكانت إسحاق تريد التصويت في الانتخابات العامة في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، علما بأن زوجها محمد هو مواطن كندي.
وينقل الكاتب عن إسحاق تأكيدها أنها لن تصوت لهاربر، مستدركا بأن السلطات الكندية أعلنت أنها ستذهب إلى المحكمة العليا لمنع إسحاق من أداء القسم وهي مرتدية نقابها.
ويستدرك التقرير بأنه ولسوء حظ هاربر، فقد قالت إسحاق للصحيفة إنها وقبل أن تتعرف على زوجها أو تحلم بالسفر إلى كندا، حاربت ضد أساتذة الجامعة لتستطيع ارتداء النقاب. وتضيف: "أنا من عائلة ليبرالية في لاهور، ولكني قررت لبس النقاب في سن مبكرة عندما كان عمري 15 عاما، وكنت في الصف الحادي عشر. وقال لي والدي وهو أستاذ في علم النفس: (بنيتى هل تعلمين ما تفعلين؟ إن كنت تريدين ارتداء النقاب عليك أن تعلمي ما تفعلين) وفهمت تماما ما قصده. فهذا شيء لم يطلبه مني زوجي، كما يظن الصحفيون، لم أكن أعرف زوجي في ذلك الوقت. وأخواتي اتخذن القرار ذاته، ولم يكرههن أحد على لبس النقاب، ولكن شعرن بالارتياح أكثر بارتدائه".
وتبين الصحيفة أن جون كيني، الذي كان وزيرا للهجرة عندما فرضت حكومة هاربر الحظر الأصلي عام 2011، لخص موقف الحكومة الكندية، حيث قال للمراسلين في بداية الشهر: "نظن أنه من المعقول جدا أن نقول إنه في لحظة واحدة عامة لإعلان عام عن ولاء الشخص لمواطنيه وبلده، بأن يقوم الشخص بهذا الإعلان بشكل منفتح وبافتخار وعلنيا دون أن يخبئ وجهه". ولكن، كما يشير الصحفيون الذين يدعمون إسحاق، فإن هويتها ليس مشكوكا فيها، وأنه ليس من حق وزير ذكر أن يحدد ما هو "معقول جدا" عندما يتعلق الأمر بالممارسات الدينية لامرأة مسلمة.
ويورد فيسك أن الصحفية مارشا لدرمان كتبت في تورونتو غلوب أند ميل ساخرة، تقول إنه إذا كانت إسحاق تزعج أحدا "فربما على الشخص المنزعج أن ينظر إلى وجهه في المرآة. وفي الواقع أرى أنه لا مكان أفضل لارتداء النقاب من حفلة قسم للجنسية، وفي أثناء أداء القسم بالولاء لبلد يدافع عن
حريات الفرد، مثل حرية الدين. وإن كانت إسحاق أو أي مسلمة أخرى تريد أن تقدم نفسها هكذا، فمن حقها هنا في كندا أن تفعل ذلك. هذا جزء مهم من تكوين هذا البلد".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن إسحاق حصلت على إقامتها الدائمة في كندا عام 2008، بعد مغادرتها باكستان، حيث تزوجت مهندسا كيميائيا عام 2006، وبعدها بفترة وجيزة رزقت بمولودها الأول، وولدت الرابع قبل ستة أسابيع. وتعتقد أن الأمر "لم يكن واضحا في أذهان" وزراء هاربر، عندما عارضوا قيامها بالقسم وهي مرتدية لنقابها.
وتكشف الصحيفة عن أن رسائل البريد الإلكتروني المسربة تشير إلى أن موظفين في وزارة كيني في أوتوا، حذروا من أن منع النقاب قد لا يكون له أساس قانوني، ولكن قيل لهم أن يستمروا في هذه السياسة، مشيرة إلى أن هذا يؤكد صحة ما قالته إسحاق. وتقول إسحاق: "حاول المحامون شرح هذه السياسة، ولكنها غير واضحة، أظن أنهم يستخدمون القضية لتحقيق نجاح سياسي. أنا ليست لي علاقة بذلك، وهناك كثير من المعلومات الخاطئة حول الموضوع".
وينقل الكاتب عن بعض الصحف قولها إن محمد البالغ من العمر 44 عاما، أجبر زوجته على النقاب، ويقول فيسك إنه من الواضح أن هذا غير صحيح، مع أنها تقر بأن زوجها وعائلته كانوا يفضلون بقاءها في البيت، على أن تزاول عملها مدرسة في كندا، وتقول إن زوجها قبل بقرارها وإنهما قررا معا أن تستمر في التعليم وتدرس في الجامعة.
ويجد فيسك أنه "من السذاجة أن تعد هذه القضية عاصفة محافظين في كأس إسلامية. فلو نظرنا إلى القضية على خلفية رد الفعل المتعنت والقاسي لحكومة هاربر تجاه مشكلة اللاجئين في أوروبا، الذين في غالبيتهم من المسلمين، فإنه تفوح من الحملة ضد إسحاق رائحة محاولة ربط كلمة (أمن) بالإسلام؛ فقد أشارت الحكومة إلى أن المرأة التي تغطي وجهها جزئيا لا يمكن التعرف عليها، ولذلك فهي تشكل خطرا أمنيا، ولكن هذه الحجة لم تعد تستخدم الآن، ولكن ما لا يمكن فهمه هو لماذا لم يقم هاربر، الذي عرف عنه دعمه الشديد للحكومة الإسرائيلية أكثر من دعمه لحقوق الإنسان، بالاستجابة لمطالبات شعبه بمساعدة اللاجئين، بدلا من إضاعة وقته في محاولة منع أم شابة من الحصول على الجنسية بعد أن تأهلت لها".
ويفيد التقرير بأن إسحاق لا تزال تذكر صراعها مع أساتذتها في الكلية في باكستان، حيث كانت تدرس الأدب الإنجليزي، فتقول إنه "عندما سألني أحدهم: (كيف بإمكانك التعريف بنفسك عندما تلبسين هذا النقاب على وجهك؟) فقلت له علي أن ألبسه، وأن الأمر لا يعنيه"، ونجحت في دراستها عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن إسحاق تقول إن "الأديب العالمي شكسبير ساعدني"، وتجد نفسها تحب "هاملت"؛ لأن شخصية أوفيليا فيها تعامل بكراهية، وتقول إنها وجدت أن النساء في الأدب الإنجليزي يعاملن معاملة سيئة.