كتب حسين شبكشي: خرج
لبنان نماذج مميزة وناجحة ولافتة ومهمة من الكوميديانات والشخصيات الساخرة.. شخصيات تمكنت من نقش وحفر أسمائها في الوجدان والذاكرة وزرعت الضحكة وانتزعت الابتسامة من الملايين من المتابعين. والأسماء تتحدث عن نفسها، فمن الأسطورة الساخرة نجيب حنكش المعروف بشكله المميز وقفشاته اللاذعة، إلى صلاح التيزاني الذي اشتهر باسم "أبو سليم" وكان رمزا للفكاهة البيروتية، ومحمود مبسوط ابن طرابلس المعروف باسم "فهمان"، وطبعا كان معه زميله عبد الله الحمصي المشهور بـ"أسعد" وكّونا ثنائيا رائعا. ولا يمكن نسيان الفنان الكوميدي الاستثنائي أسطورة الكوميديا المسرحية اللبنانية حسن علاء الدين المعروف بـ"شوشو" صاحب الشوارب الكبيرة والجسد النحيل، وهناك فيلمون وهبي ووسيم طبارة وضاحك الليل المونولوغيست إيلي أيوب وماريو باسيل الكوميديان المتألق.. كل هؤلاء وغيرهم بطبيعة الحال ساهموا في أن ينشروا الضحك والسخرية بشكل حرفي مميز.
ولكن لبنان لا يزال مصدرا مهما لإنتاج المواهب والكوادر الكوميدية الاستثنائية، ولعل الأبرز على الساحة هو
حسن نصر الله المعروف باسم "مهرج الضاحية"، وهو شخصية في الحقيقة لها دور آخر وهو زعامة تنظيم إرهابي مجرم اسمه "حزب الله"، ولكنه تحول مع الوقت إلى كوميديان لبنان، بل العالم العربي، الأول وله جمهوره الذي يشاهده على شاشة التلفزيون الذي يملكه (وهي ميزة مهمة تجعله في محل منافسة أهم وأكثر تميزا لأن منافسيه في الكوميديا لا يملكون هذه الميزة)، وتمكن الجمهور من معرفة "ستايل" مهرج الضاحية واندمجوا معه، فهو عاشق للبلازما والشاشات العملاقة التي تنقل اسكتشاته من أحد الكهوف في منطقة الضاحية الجنوبية ويكون واضعا خلفه لوحة تحمل شعار إحدى المناسبات (لزوم تحميس الجمهور)، والجمهور الذي يشاهده لا يصفق ولا يضحك (فهذه موضة قديمة، استبدل بها مهرج الضاحية أسلوبا مغايرا هو الهتاف ورفع القبضات في الهواء) وينفعل ويقسم خلال الاسكتشات ويحتسي من عصيره المفضل.
مع كثرة الظهور لمهرج الضاحية سقط في دائرة النمطية والتكرار الممل في نفس المواضيع، ولكنه استمر في انتزاع الضحكات من كل المتابعين، لا فرق بينهم في العمر وبلد المنشأ لأن مهرج الضاحية ابتكر كوميديا عابرة للحدود بامتياز وأصبح لمتابعيه "اسكتشات" مفضلة له مثل "نحن نقاوم" و"النصر لنا في
الزبداني" و"إيران لا تتدخل في الشأن اللبناني" و"لا توجد ثورة في
سوريا" و"الأسد نظام ديمقراطي"، وهو بحنكة ومهارة الكوميديان المتمرس يعلم تماما أن هذه النوعية من الاسكتشات تلقى رواجا لدى الجمهور فيستمر في تكرارها بشكل دوري.
لقد حفر اسمه اليوم كأهم كوميديان في المنطقة، وخصوصا مع كبر سن سمير غانم وعادل إمام وحسين عبد الرضا، فبالتالي لم يعد في الساحة سواه، وهذا حس فني لمهرج الضاحية يحسب له ولا شك.
برافو حسن نصر الله.. استمر، فلقد أوجدت لنفسك مهنة أنت بارع فيها وأثبّت حضورا غير عادي. سبحان من فضحك وجعلك كوميديانا!
(عن صحيفة الشرق الأوسط 4 تشرين الأول/ أكتوبر)