نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا لكولين فريمان، قال فيه إن رئيس أساقفة حلب للروم الملكيين جان-كليمان جانبرت يرى أن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين جلب الأمل للكثير من مسيحيي
سوريا، داعيا الغرب إلى الاقتداء ببوتين ودعم بشار
الأسد، بدلا من دعم مجموعات الثوار، التي يغلب عليها "التطرف الإسلامي"، حسب قوله. ويعتقد رئيس الأساقفة أن تدخل بوتين سيدفع بالأطراف المتناحرة إلى طاولة المفاوضات.
وحث رئيس الأساقفة، في مقابلة له مع الصحيفة، خلال زيارته إلى لندن،
بريطانيا وأمريكا، على إعادة تقييمهما لرئيس النظام السوري، الذي قال إنه ليس "الشيطان" الذي يحاولون تصويره.
وينقل التقرير عن المطران جانبرت، قوله: "طلبت من زملائي الأساقفة والكهنة والعامة رأيهم في التدخل الروسي، فقالوا إنهم يجدون أملا فيه؛ لأنهم بحاجة ماسة إلى وقف هذه الحرب، ومنذ أن تدخلت أوروبا وأمريكا لم نر أي نتائج، بالرغم من غارات التحالف، ولكن مع التدخل الروسي قد تتغير الأمور، ربما يساعد على تدمير (داعش)، ويدفع المعارضة لإيجاد حل".
وتذكر الصحيفة أن تعليقات الأسقف تأتي قبل زيارته إلى مجلس اللوردات مساء الثلاثاء، حيث كان من المقرر أن يلقي خطابا في المجلس، ضمن النشاط الذي أقيم بمناسبة إطلاق تقرير جديد حول قمع المسيحيين على مستوى العالم.
ويشير فريمان إلى أن التقرير، الذي أعدته مؤسسة "إيد تو ذي تشيرتش إن نيد" (مساعدة للكنيسة المحتاجة)، يحذر من مخاطر الهجرة الجماعية لمسيحيي الشرق الأوسط في وجه تهديدات المتطرفين الإسلاميين. ويقول التقرير إنه إن استمرت هجرة المسيحيين من العراق على الوتيرة ذاتها فستخلو البلد من المسيحيين خلال خمسة أعوام.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن رئيس الأساقفة جانبرت قوله أن الطبيعة الإسلامية المتزايدة لمعارضي الأسد قادت الأقلية المسيحية إلى الانحياز بشكل عام إلى جانب نظام الأسد العلماني. لافتا إلى أن المسيحيين في سوريا يشكلون حوالي 10% من عدد سكانها البالغ 22 مليون نسمة، ومن لم يهرب منهم إلى الخارج يعيش الآن في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
ويضيف المطران أن وضع المسيحيين في المدينة "يائس"، حيث تقصف الكنائس، وليس هناك عمل. ويتابع: "فبل أيام قليلة اختطف
تنظيم الدولة عددا من رعايانا، وطالب بفدى ضخمة، وحاولنا إيجاد طريق لإطلاق سراحهم، ولكن دون جدوى، فقاموا بقطع رؤوسهم.
المسيحيون في حلب في حالة يأس ويريدون المغادرة، مع أن الوضع سيئ للمسلمين المعتدلين أيضا".
ويرى الكاتب أن أقوال رجل الكنيسة جانبرت فيها تحد مباشر لبريطانيا وأمريكا، اللتين تقولان إن حملة الكرملين الجوية استهدفت بشكل رئيس مجموعات الثوار المعارضة للأسد، وليس بالتحديد تنظيم الدولة.
ويقول المطران جانبرت: "لا أدعي أني أعرف من الذي استهدفته الغارات الروسية بالضبط في سوريا، ولكن الذي أراه أن الكثير من مجموعات الثوار هي سيئة مثل تنظيم الدولة على أي حال. الثوار المعتدلون الذين يقاتلون قليلون جدا في العدد، وأنا متأكد أن المعتدلين قادرون على التوصل إلى تفاهم مع الحكومة السورية. فما يحصل في سوريا اليوم ليس هو ما أرادوه، فهم أرادوا تغيير الحكومة، والآن عندهم (داعش) بدلا من ذلك".
وتفيد الصحيفة بأن رئيس الأساقفة دافع عن الأسد قائلا إنه يجب بقاء الزعيم السوري في الحكم، وعلى الأقل لفترة قصيرة، حتى يبدأ التفاوض على حكومة انتقالية. ويقول عن الأسد: "قد لا يكون ملاكا، ولكنه ليس بالسوء الذي يحاول الغرب إظهاره به. أنا ضد القتل بأي شكل، ولكن الحرب هي الحرب وعندما تمت مواجهة الأسد من أناس مسلحين، كان عليه رفع السلاح في وجوههم، إضافة إلى ذلك فإن ترك (الأسد) يعني قيام حرب أهلية أشرس. هناك جزء كبير من البلاد موحد خلفه، فإن ذهب ستذهب وحدتهم، وسيكون هناك المزيد من الفصائل المتناحرة".
ويلفت التقرير إلى أن المطران جانبرت (72 عاما) يرأس كنيسة الروم الملكيين في حلب، التي يتركز أتباعها في سوريا ولبنان. ومنذ أن اشتعلت الحرب قل عدد رعاياه بحوالي الثلث؛ بسبب القتل والتهديد والهجرة. كما تم إطلاق النار على سيارة المطران نفسه، بينما كان في طريقه إلى لبنان.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن جانبرت قال إن أحد أسباب زيارته إلى لندن هو إقناع البريطانيينن بإعادة نظرتهم إلى الصراع في سوريا، وأضاف أن "كثيرا مما يرونه يعود مصدره إلى معلومات مقدمة من جانب الثوار، وهذا لا يعطي صورة عادلة".