نشرت مجلة "سلايت" الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول اعتماد موسكو على
المليشيات غير النظامية، التي تسميها مجموعات متطوعة، لخوض الحرب إلى جانب نظام الأسد، انتقدت فيه الأسلوب الروسي الذي يتلاعب بالمفاهيم، ويهدف إلى مغالطة الرأي العام الدولي.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن العالم يشهد تغيرا في المفاهيم، وتفريغا للعديد من العبارات من معناها، وعجزا من المؤسسات المحلية والدولية عن الاضطلاع بمهامها في حفظ السلم والدفاع عن الشعوب.
وأضافت أن ظاهرة فقدان الكلمات لمعناها؛ بدأت خلال فترة الثمانينيات في الأرجنتين، عندما أصبحت كلمات مثل "فنان، وصحفي، وأستاذ، ومدير، وباحث" ليس لديها أي قيمة، وأصبحت توضع بين قوسين دلالة على التحفظ على معناها، بسبب انتشار المغالطات وتفشي الفساد.
وأوضحت أن بعض المؤسسات أصبحت تضطلع بمهام غير المهام الأساسية التي أنشأت من أجلها، وأصبحت المغالطة هي الأسلوب الطاغي على العلاقات الدولية، وهو ما تفعله
روسيا من خلال الاعتماد على المليشيات بدل الجيش النظامي، لتحقيق أهدافها، وتقليل الخسائر والتبعات القانونية والدبلوماسية لتصرفها.
وأشار التقرير إلى أنه في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أعلنت الحكومة الروسية عن إرسال مجموعات من "المتطوعين" للقتال في
سوريا، وقد بدا هؤلاء المتطوعون الروس الذين تم إرسالهم للدفاع عن النظام، مشابهين للمتطوعين الذين كانوا يحاربون لحماية المصالح الروسية، عندما قامت موسكو بضم شبه جزيرة القرم، وكذلك عندما شاركت بشكل غير مباشر في الحرب ضد أكرانيا، ما يعني أن هؤلاء المتطوعين ليسوا إلا عسكريين روسا، أو مرتزقة يتقاضون أجورهم من الكرملين.
وأضاف: "ظهرت منذ عام 2013 تسجيلات فيديو بثتها بعض فصائل المعارضة، تبين وجود مليشيات روسية تقاتل إلى جانب نظام الأسد، كما أجرت قناة روسية في نفس السنة حوارات مع مرتزقة روس، استقدمهم
بشار الأسد لحماية المنشآت الحيوية، وسرعان ما وجدوا أنفسهم يحاربون في الصفوف الأولى".
واعتبر التقرير أن الكرملين طور نظرة جديدة خاصة به لمفهوم المنظمات غير الحكومية، من أجل تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، على غرار منظمة "حركة ناشي"، التي تضم مجموعة من الشباب الروس الذين يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين، ومعادين للفاشية، ومكافحين ضد الرأسمالية والبرجوازية، "ولكن الواقع هو أن هذه المنظمة غير الحكومية؛ ليست إلا مليشيا منظمة وممولة من قبل الحكومة الروسية"، وبالتالي فإن الأصح أن يطلق عليها لفظ "منظمة غير حكومية تحركها الحكومة".
وأشار إلى أن الدول الدكتاتورية، أو حتى الديمقراطية التي لا تتمتع بالحرية، على غرار روسيا، تشهد أيضا انتشارا لما يسمى بـ"وسائل الإعلام الخاصة والمستقلة"، التي لا تملك شيئا من الخصوصية والاستقلالية في حقيقة الأمر، "حيث إن هذه القنوات والإذاعات والصحف والمجلات، يتم إطلاقها أو الاستحواذ عليها من قبل مستثمرين خواص، يكونون مستقلين بالأقوال فقط وليس بالأفعال، حيث إنهم ليسوا إلا حلفاء أو شركاء مع الحكومات التي تمولهم وتحافظ على مصالحهم في الكواليس.
واعتبر التقرير أن هذه الظاهرة؛ تبين لماذا يجب في دول مثل روسيا وإيران؛ أن تكون كلمات مثل "ديمقراطية" و"تفريق بين السلطات"، و"انتخابات"، منصوصا عليها بين ظفرين، للتأكيد على أن هذه الكلمات تم إفراغها من معناها، تماما مثل "المتطوعين الذين يذهبون لمحاربة الإرهاب في سوريا".