نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للكاتب مبين أزهر، حول الخدمة التي يقدمها الإمام إلياس كرماني من مدينة برادفورد للمجتمع الإسلامي، مشيرة إلى إحدى المكالمات التي يستقبلها الإمام في منزله على "سكايب" من فتاة مغربية في العشرينيات من عمرها تشكره على مساعدتها، وتقول إنها تخشى أن يسمع والداها المكالمة، مبينة كيف كانت "تشعر بالذنب من سلوكها لدرجة أنها كادت أن تجرح نفسها".
وتعلق الصحيفة: "كان هذا جزءا من عدد من جلسات المشورة مع (نادية)، وهي على اتصال بالإمام لعدة أشهر، وهو يطمئنها بأن (الاستمناء ليس محرما)".
ويشير الكاتب إلى أنه قضى أسبوعا مع الإمام في جلسات المشورة في الأمور الجنسية، التي يقدمها الإمام للرجال والنساء، ومن وجهة النظر الإسلامية. ويقول إنه حصل على معلومات قيمة حول هذا الموضوع في
مجتمع يتجنب عادة الحديث حول الجنس. لافتا إلى أن قبول الحديث في هذا الموضوع يتفاوت من شخص إلى آخر ممن ينشأون في مجتمع بين ثقافتين، مسلمة وغربية، وقد يترك الكثير، خاصة الذين لديهم قيمة لدينهم، في حالة من القلق.
ويقول أزهر إننا "كوننا مجتمعا يجب أن نفهم هذه المعضلة بشكل أكبر، ولذلك حاولت أن أفهم لماذا في
بريطانيا الحديثة يأتي عملاؤه لأخد الاستشارة منه في سياق إسلامي بالذات. وقد تكون الصراحة التي يتحدث فيها الإمام مع عملائه في الإجابة على أسئلتهم مقلقة لكثير من الناس، الذين ينظرون إلى أن أي نقاش في الأمور الجنسية يجب أن يكون محصورا في مجال الحمل والإنجاب. ولذلك كسب هذا الإمام سمعة عالمية لتطبيق تعاليم القرآن والسنة على الحياة الجنسية للمسلمين".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الإمام يقول إنه "نشأ في منطقة توتنغ، وكانت القاعدة العامة هي أنه عليه ألا يظهر مع أنثى، وألا يتحدث عن مشاعره الجنسية، فالمسلمون في بريطانيا وفي كثير من أنحاء العالم في حالة من الإنكار الجنسي".
ويعلق الكاتب بالقول: "حتى لو وضعنا جانبا مجموعة القبعات المسطحة التي يحتفظ بها، فإن إلياس ليس بالإمام العادي، فقد درس علم النفس في جامعة غلاسكو، وهو يحضر لدرجة الدكتوراة في علم النفس، هو في الأربعينيات من عمره، ويناقش معك أي جانب من الجوانب الثقافية بالسهولة ذاتها التي يقوم فيها بتقديم خطبة الجمعة في مسجد المحمدية في برادفورد. وتمكن الإمام إلياس من الثقافتين يجعله نعمة للمسلمين في بريطانيا، الذين يقصدونه للاستشارة في أمورهم الجنسية الخاصة، التي لا يستطيعون الحديث فيها مع أئمة آخرين أو مع عائلاتهم أو أصدقائهم".
ويضيف أزهر: "قال لي الإمام إلياس إن أسلوبه والمنطق الذي يتبعه في التوصل إلى استنتاجاته يقوم على قاعدة أن الأصل في الأمور الإباحة، وهذا ما يجعل قاصدي الإمام للاستشارة يتقبلون نصحه أكثر من قبوله من مصدر علماني؛ وذلك لاعتماده على مصادر التشريع من قرآن وسنة للقول بإباحة أو حرمة أمر ما".
ويورد التقرير أن "طالب جامعة جاء ليسأل عن الاستمناء، وقال إنه قرأ حديثا يقول (يجيء الناكح يده يوم القيامة ويده حبلى)، وشرح للإمام كيف يقلقه هذا الحديث، فبين له الإمام أن الحديث ضعيف".
وتعلق الصحيفة: "يتذكر الإمام إلياس تجربته الشخصية في محاولة سؤال الإمام أسئلة تتعلق بالجنس؛ كونه مسلما ولد في بريطانيا. وقال إنه عندما كان في الخامسة عشرة من عمره في بلده هدرسفيلد، وذهب إلى أحد الأئمة ليسأله عن رغبته الجنسية الجامحة، وكيف يمكنه السيطرة عليها، فقال له الإمام تجنب أكل (التمر والزبيب). ويعتقد أن تسعة من كل عشرة أئمة يعملون في بريطانيا اليوم ولدوا خارج بريطانيا، ولذلك لا يمكنهم تلبية حاجات المجتمع الذي من المفروض أن يخدموه".
وينقل الكاتب عن الإمام إلياس قوله إن عمل الإمام في نظره يجب أن يكون 80% منه رعاية و20% إمامة، ولكن معظم الأئمة في بريطانيا ينسون هذه النسبة. ويضيف أن "الإسلام متقدم جدا في مجال الجنس، حيث إنه جعل من حق المرأة بلوغ الذروة في الجماع قبل 1400 سنة، وجعل من حقها طلب الطلاق من زوجها إن كان لا يلبي حاجتها الجنسية. مستدركا بأن المفاهيم الثقافية والعادات والتقاليد شوهت هذا كله لتجعل الحديث في حاجة إنسانية عادية أمرا يدعو للخجل".
وينوه التقرير إلى أن الإمام إلياس يقول إن هذه المفاهيم الثقافية تترتب عليها أحيانا أمور مدمرة، فكان أحد قاصديه شابا مقدما على الزواج، وكان خائفا من ليلة الزفاف، وتبين له بعد فترة من العلاج أن الشاب كان قد اعتدي عليه جنسيا عندما كان في العاشرة من عمره من ذكر أكبر منه، ما ترك أثرا مدمرا يلازمه طيلة حياته.
ويقول أزهر إن "الإمام يحاول نقل عمله إلى الحيز العام، فقد حضرت له خطبة جمعة تحدث فيها عن انتشار الإباحية في المجتمع، والموضوع جعل كثيرا من الحاضرين في حالة توتر واضح، فهذا ليس مكان الحديث في مثل هذا الموضوع في نظرهم".
وتبين الصحيفة أن الإمام يقول إن المجتمع المسلم يسيء فهمه، وبعضهم يشعر أنه يحاول تقويض القيم الإسلامية بعمله هذا، ويعدونه إنسانا قليل الحياء، أما الطرف الآخر فيتهمونه بأنه يحاول مصالحة الثقافة الإسلامية مع الثقافة الغربية، ويقولون إن تعاليم الإسلام هي المشكلة، وبدلا من أن يحاول تطويعها لتناسب الثقافة الغربية عليه التخلي عنها. ولكنه يقول إن هذا سوء فهم للإسلام والمسلمين.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول الإمام: "الحقيقة أننا جزء من المجتمع البريطاني، ونحاول الوصول إلى توازن مع هذا المجتمع".