أحدثت موافقة الحكومة
المصرية على استيراد شحنات القمح "المسرطن" حالة من الجدل في المجتمع المصري، إذ إن وزارة الزراعة التي أصدرت موافقة على الاستيراد متمسكة بموقفها، بينما يواصل خبراء الاقتصاد الزراعة والصحة حربهم على الوزارة والحكومة التي تواصل السير على نهج الحكومات السابقة التي تسببت بقرارات "مشبوهة" في تحويل المجتمع المصري إلى حقل تجارب للمنتجات والزارعات المستوردة من الخارج.
وسبق أن حذر عدد كبير من أساتذة الاقتصاد الزراعي، من استمرار الحكومة المصرية في استيراد القمح الذي يرفع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية بين المصريين.. لكن قبل يومين أسدلت وزارة الزراعة الستار وقررت "منفردة"، أن يواصل المصريون التهام
القمح المسرطن.
وكان النائب محمد أنور السادات، وهو رئيس حزب الإصلاح والتنمية، تقدم ببيان عاجل داخل البرلمان المصري، إلى وزاراء "الصحة والزراعة والتموين"، تساءل فيه عن موافقة حكومة بلاده على شحنات القمح المستورد التي لا تزيد فيها نسبة طفيل الإرغوت على 0.05 في المئة، وذلك نظرا لخطورته على صحة المواطنين.
ورغم علم الوزارات الثلاث بأن طفيل "الإرغوت" يسبب الصداع، وإجهاض المرأة الحامل، ويؤثر على الكبد، ومن الممكن أن يصيب الشخص بالسرطان على المدى البعيد إذا تناوله على نحو متكرر، فإن الحكومة المصرية وافقت على استلام تلك الشحنات.
وقررت وزارة التموين الإبقاء على النسبة دون تغيير، بعد مشاورات أجرتها مع وزارة الزراعة، بالإضافة إلى أن إدارة الحجر الزراعي، كانت قد صرحت هي الأخرى في السابق بأنه لن يسمح بدخول شحنات القمح التي تحوي أي نسبة من "الإرغوت"، حرصا على صحة المواطنين.
وقال خبير الاقتصاد الزراعي الدكتور حمدي البيطاري، إن هذه النسب غير مسموح بها عالميا، وثبت أكثر من خلال أكثر من تجربة أن تناول القمح الذي ترتفع فيه نسبة "الإرغوت" يسبب الأمراض السرطانية.
وأوضح في حديثه لـ "
عربي21"، أن الحكومة الحالية تسير على نهج الحكومات السابقة، ولا يمكن أن نتجاهل الفترة التي كان يوسف والي وزيرا للزراعة فيها، حيث تسبب في دخول العديد من المنتجات الزراعية التي تسبب الأمراض السرطانية، حتى تحولت الأغذية التي يتناولها المصريون كلها تسبب أمراضا عديدة، على رأسها السرطان والكبد والفشل الكلوي.
وأشار إلى أنه كان يجب على الحكومة أن تراعي التجارب ونتائج تحاليل العينات التي أجريت بمعرفة خبراء ومختصين بالزراعة والصحة، وأن تضع هذه النتائج في اعتبارها، خاصة وأن هناك أكثر من بديل لاستخدام القمح المسرطن الذي يهدد حياة ملايين المصريين.
وفي محاولة لمسؤولي وزارة الزراعة المصرية لتبرير موقفها تجاه الموافقة على استيراد القمح المسرطن، أكدت قيادات الوزارة، في بيان صحفي التزامها بالمعايير والمواصفات المصرية، ومن ثم فإن هذا يعني أننا نقبل ما يصل إلى 0.05 بالمئة" في إشارة إلى نسبة الإصابة بطفيل "الإرغوت".
وأحدث القرار حالة من الارتباك بين التجار في الأسابيع الأخيرة، حيث أكدت وزارة الزراعة لهم أنه سيتم السماح بشحنات القمح التي تصل نسبة الإصابة بطفيل "الإرغوت" فيها إلى 0.05 في المئة وقالت إنه معيار دولي شائع، علما بأن وزارة الزراعة سبق لها أن رفضت جميع الشحنات التي تحتوي على أي نسبة من الطفيل من قبل، حيث إن الطفيل يصيب حياة المواطنين والحيوانات بأمراض مزمنة قد تودي بحياتهم، الأمر الذي دفع المسؤولين لعدم استقبال أي شحنات مماثلة من قبل.