نشرت وسائل إعلام موالية للنظام السوري، خلال الأسبوع الفائت، تقارير تتحدث عن عقد لقاءات "مصالحة وطنية" داخل محافظة
حماة، لكن ناشطي المحافظة ردوا على هذه التقارير بأن المناطق التي تحدث عنها إعلام النظام هي بالأصل خاضعة لسيطرته.
وزعم إعلام النظام السوري أن مسؤولين في النظام، ووجهاء وشيوخ عشائر في أكثر من مئة بلدة وقرية في محافظة حماة، وقعوا على
هدنة لإيقاف القتال، ما اعتبره موالو النظام "إنجازا وطنيا وسياسيا في وجه التكفيرين"، على حد وصفهم.
لكن ناشطي حماة ردوا على هذه التقارير بدلائل وتسجيلات فيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لتوضيح أن كل تلك المناطق المشمولة بـ"
المصالحات" هي بالأساس مناطق تحت سيطرة نظام الأسد والمليشيات الموالية، ولم تكن خاضعة لسيطرة الثوار.
من جانبه، قال الناشط الإعلامي حسن العمري، المقيم في ريف حماة، إن النظام روج بشكل كبير للمصالحات وتسوية أوضاع المدنيين في مناطق مثل معردس والقبير والعشارنة وصوران وقلعة المضيق، "وهي بالأساس مناطق محتلة وخاضعة لسيطرة النظام باستثناء قلعة المضيق التي أصدر أهلها فيديوهات كذّبوا خلالها وسائل إعلام النظام وأكدوا وقوفهم المستمر مع الثورة والجيش الحر".
ورأى العمري، في حديث لـ"
عربي21"؛ أن "هذه الأكاذيب الإعلامية هدفها إظهار النظام كصاحب نفوذ على قسم كبير من الأراضي السورية، إضافة لبث التطمينات في صفوف الموالين له من الطائفة العلوية بأنه لا يزال يسيطر على مناطق ريف حماة المتاخمة للقرى العلوية باتجاه الساحل"، بحسب قوله.
وتابع الناشط: "لا بد أن توحّد صفوف الجيش الحر في ريف حماة وجملة الانتصارات الأخيرة وكسر شوكة قوات النظام هناك؛ قد أخاف (النظام) ودفعه لإيجاد طرق أخرى للالتفاف على الثوار، وفض الحاضنة الشعبية عنهم من خلال الترويج لفكرة المصالحات والتطمينات للمدنيين".
ومن جهته، يرى الإعلامي أحمد الشريقي، وهو من أبناء مدينة حماة، أن تركيز النظام على المصالحات في هذه الآونة يرمي لغايات سياسية مرتبطة بأحداث الثمانينيات من القرن الماضي، "حيث لا يكاد يخلو بيت حموي من شهيد على يد قوات الجيش السوري" بقيادة رفعت الأسد آنذاك.
ويضيف الشريقي لـ"
عربي21": "من خلال ما يسمى بمصالحة النظام مع ألد أعدائه داخل حماة، يستطيع أن يقنع الدول الغربية والرأي العام بأنه قادر على الاستمرار في حكم البلاد، ما يضفي عليه الشرعية مجددا، ويسمح للأسد بدخول الانتخابات المقبلة بقوة"، وفق تقديره.
وتعتبر محافظة حماة من أكثر المدن السورية التي شهدت أحداث دموية منذ تولي حافظ الأسد الحكم في
سوريا، حيث بقيت ذكرى مجزرة حماة عام 1982 بحق أهالي المدينة، وما تبعها من ملاحقات واعتقالات للشبان والرجال بتهمة الانضمام لحركة الإخوان المسلمين، ومنع الهاربين منهم من العودة إلى البلاد، حديث السوريين لسنين عديدة، كما فجرت المحافظة كبرى المظاهرات خلال الثورة السورية ضد حكم بشار الأسد، الأمر الذي دفع قوات النظام إلى اقتحام المدينة أول أيام شهر رمضان من عام 2011، وإحكام السيطرة عليها.