نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافيين ويل كاثكارت ونينو بورتشولادزي، حول احتمال مقتل أبي عمر
الشيشاني، الذي يعد وزير الحربية لدى
تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى إعلان
البنتاغون في بيان في 8 آذار/ مارس بأنه تم استهداف
الشيشاني في بلدة الشدادي شرق
سوريا، حيث أرسل لرفع معنويات المقاتلين في البلدة، التي تهاجمها القوات الموالية لأمريكا.
ويورد الموقع نقلا عن البنتاغون قوله إنه لا يزال يقيّم النتائج، لكن المسؤولين يقولون للإعلاميين بطريقة غير مباشرة إنهم يرجحون مقتل الشيشاني مع حوالي 12 مقاتلا من التنظيم، مشيرا إلى أن تقارير جاءت بعد ذلك تقول إن الشيشاني ميت موتا سريريا.
ويستدرك الكاتبان بأن المصادر المقربة من "ديلي بيست" في سوريا تقول بأنه لا يزال حيا، وإن الرجل ذا اللحية الحمراء، الذي كان اسمه طرخان باتيراشفيلي في بانكيسي غورج من جورجيا، مصاب، لكن الجروج لا تشكل خطرا على حياته، مشيرين إلى أن هذه هي المرة الخامسة منذ أيلول/ سبتمبر 2014، التي يعلن فيها عن مقتل أبي عمر الشيشاني.
ويذهب التقرير إلى أن "المفارقة هي أن شأن الشيشاني يعلو كلما أعلن عن مقتله وتبين أنه لم يقتل، ويساعد ذلك في عملية تجنيد الشباب المتطرفين، فما يميزه، بالإضافة إلى شعره الأحمر ولحيته الحمراء، هو عدم إخفائه لوجهه في الصور كغيره من قيادات التنظيم، لكن نجاته عدة مرات من الموت تركت المحللين في حيرة من أمرهم، فهل هناك أكثر من مجرد حظ أو صدفة؟".
ويذكر الموقع أن وجه الشيشاني أصبح مرتبطا بالإدارة العليا لتنظيم الدولة، بل أصبح وجهه ذو المعالم
القوقازية رمزا للتنظيم، ووجها محمسا في تجنيد المقاتلين الأوروبيين الشباب.
ويجد الكاتبان أنه رغم أن التنظيم يقوم على مزيج من القيادات العسكرية العنيفة ذوي الولاءات الملتبسة والتحالفات المتغيرة، فإنه كان ناجحا جدا في الحفاظ على صورة ورسالة معينه في حملات الدعاية، مستدركين بأنه مع ذلك، فإن هذه الواجهة فتحت علامات تصدع، وقد يكون عام 2016 هو عام تنظيم دولة اعتراه الضعف، وتصدع من الداخل، مع أنه إن انهار تنظيم الدولة فإن ما سيتبعه قد يكون بالمستوى ذاته من الترويع.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه قبل شهر من الإعلان الأخير عن مقتل الشيشاني، كانت قوات برية أمريكية في العراق قامت باعتقال رئيس قسم الأسلحة الكيماوية في تنظيم الدولة سليمان داود العفاري، مشيرا إلى أن الخبير العراقي يتهم بارتباطه ببرنامج العراق الكيماوي أثناء حكم صدام حسين، ويقال إنه طور أسلحة كيماوية سهلة الاستخدام، يتم إطلاقها من مدافع الهاون، بما في ذلك غازات الخردل والكلورين، وهذه أسلحة يستخدمها التنظيم ضد المدنيين العراقيين والسوريين بما في ذلك النساء والأطفال، وتبين بعد اعتقال العفاري أنه يملك معلومات ثمينة تتعلق بالعمليات، وبعضها يشير إلى الشيشاني.
ويقول الموقع لإنه في بداية آذار/ مارس، قامت الطائرات الأمريكية دون طيار بتكثيف ضرب مواقع تنظيم الدولة في شمال العراق وشرق سوريا، بما في ذلك موقعان للأسلحة النووية حول الموصل، غالبا ما دلهم عليهما العفاري، لافتا إلى أنه في الأسبوع ذاته أطلقت غارات ضد الشيشاني في موكب على الطريق بين عاصمة تنظيم الدولة الرقة في سوريا وبلدة الشدادي، التي تقع على الطريق للموصل.
ويورد الكاتبان نقلا عن مصادر الموقع قولها إن ثلاثة من حرس الشيشاني، وهم أيضا من الشيشان، قتلوا في الغارات، وجرح 17 آحرين، بمن فيهم الشيشاني ذاته، لكن جراحه لا تهدد حياته، بحسب تلك المصادر.
وينقل التقرير عن السكرتير الإعلامي في البنتاغون بيتر كوك، قوله إن "إزالة الشيشاني المحتملة من ساحة المعركة ستؤثر سبلبا على إمكانات تنظيم الدولة في تجنيد المقاتلين الأجانب، خاصة من الشيشان والقوقاز، وتضعف من إمكانيات التنظيم بتنسيق هجمات، أو الدفاع عن معاقله، مثل الرقة في سوريا والموصل في العراق".
ويستدرك الموقع بأن التقارير على الأرض تظهر عكس ذلك، فبحسب مصادر "ديلي بيست" وعدد من المحللين الإقليميين، فإن المقاتلين من خلفيات شيشانية ملتفون حول أبي عمر الشيشاني الجريح.
وينوه الكاتبان إلى أنه كانت هناك نظرية سابقا، تقول إن المقاتلين من جورجيا هم من منطقة بنكيسي، لكن وصل قريبا مقاتلون من منطقة أجاريا، وهي جمهورية مستقلة بالقرب من تركيا ومن أذربيجان، وقد قتل عدد من الجورجيين من أجاريا.
ويفيد التقرير بأن مصادر الموقع المقربة من قائد التنظيم الجورجي في الرقة، أعطت صورة موثوقة عن الوضع على الأرض، وجدولا زمنيا للأحداث، مشيرا إلى أن صحيفة "جورجيا اليوم" في أواخر شباط/ فبراير، قالت إن الشيشاني قتل بمعدل مرة كل أربعة أشهر منذ تسلمه قيادة الشمال في التنظيم.
ويورد الموقع نقلا عن مصدر له في شمال سوريا، قوله: "يعاملون الشيشاني كأنه إله؛ لأنه لم ينجح أحد في قتله"، لافتا إلى أن خلفية الشيشاني متواضعة، حيث ولد لأب جورجي مسيحي أرثودوكسي وأم شيشانية مسلمة من الخست، وعمل ترخان وهو صغير راعيا في الجبال على الحدود الجورجية الشيشانية، حيث رأى أخاه الأكبر تاماز يقاتل في الحرب الشيشانية الثانية، ونشأ ليخدم بلده بكل شجاعة في وحدة النخبة (سبتسناز) التي كان يدربها مستشارون أمريكيون.
ويبين الكاتبان أن الشيشاني مر بفترة صعبة، حيث تم سجنه، وفي السجن اعتنق الإسلام، وبعد خروجه من السجن توجه مباشرة إلى سوريا، وبدأ بتجنيد الشباب من بانكيسي، حيث يرى معظم الجورجيين أن تضحيته بشباب أبرياء هو أكبر خيانة لبلده، ويتمنون موته أكثر من البنتاغون.
وبحسب التقرير، فإن جورجيا بالرغم من عدم كونها عضوا في الناتو، فإنها قضت عقدا تبرعت خلاله بعدد من الجنود لعمليات الناتو في العراق وأفغانستان أكثر من أعضاء الناتو أنفسهم، وأصبحت جورجيا تعرف في العالم الخارجي بمنطقة بانكيسي غورج، وهي منطقة جبال ووديان نائية تبعد 400 كم عن عاصمة الشيشان غروزني، وسكانها من الشيشان أو الخست، لا يزيد عددهم على بضعة آلاف، مستدركا بأن بانكيسي حازت على الانتباه لكونها جيبا إسلاميا انتشر فيه التطرف بشكل سريع في بلد مسيحي صغير.
ويذكر الموقع أن هناك تاريخ للمقاتلين من الخست، الذين انضموا للشيشان في قتالهم ضد روسيا في تسعينيات القرن الماضي، وجاء السعوديون ونشروا الوهابية في بدايات العقد الماضي.
ويكشف الكاتبان عن اعتقاد البنتاغون بأن مقتل الشيشاني سيؤثر بشكل كبير على عمليات تنظيم الدولة، حيث يعد قائدا عسكريا مجربا وذا خبرة، كما أن إزالته من المشهد ستضعف إمكانية التنظيم في تجنيد المقاتلين من الشيشان والقوقاز، وتقلل من إمكانيات التنظيم في تنسيق هجماته وعملياته الدفاعية.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالقول إنه "حتى لو قتل الشيشاني، فإن من المشكوك فيه أن ذلك سيكون له الأثر الاستراتيجي الذي يتحدث عنه البنتاغون، وفي الواقع هناك أدلة على أن الشيشاني ليس هو العقل الاستراتيجي، ولكنه الرجل الظاهر جدا في التنظيم، أظهره التنظيم بشكل واضح، بينما يبقى أخوه الأكبر منه والأكثر خبرة والذي خاض حروبا ضد الروس، مختفيا عن الأنظار، ويقاتل تحت اسم عبد الرحمن، ومن باب أولى أن يكون هو وزير الحربية الحقيقي للتنظيم".