ما بين اشتعال الأسعار وانعكاستها على معدلات التضخم، والبطالة التي تتفاقم، يواجه ملايين
المصريين تحديات كبيرة، لتوفير قوت يومهم، الذي أصبح أكثر من حلم لدى غالبية الأسر الفقيرة، أو محدودة الدخل، التي تحوّلت مؤخرا إلى معدومة الدخل، بفعل انعدام فرص العمل وانتشار
البطالة.
وبدأت الأزمة الحقيقية تتفاقم مع تصدر أزمة
الدولار للساحة المصرية، رغم أن غالبية المصريين لم يشاهدوا العملة الأمريكية طيلة حياتهم، لكنها بالتأكيد أصبحت مثار حديثهم خلال الفترات الأخيرة، خاصة بعد توجيه اتهامات بأنها السبب الرئيس في تحويل حياتهم إلى جحيم.
قد يكون الحال أكثر سوءا في محافظات الصعيد التي ينتشر فيها
الفقر المدقع على نطاق واسع، ومع انعدام الرقابة على الأسواق ووجود شريحة من التجار والمنتفعين تحاول استغلال الظروف وتحدد الأسعار وفقا لما يحلو لها، تبدو الصورة أكثر من قاتمة.
ووفقا للأرقام الرسمية، فقد أعلنت شعبة المستوردين بالغرفة التجارية في القاهرة، أن أزمة الدولار تسببت في رفع أسعار السلع والخدمات بنسب تصل في بعض المنتجات إلى 40 في المئة.
أما معدلات البطالة، فإن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري (حكومي)، أكد أنها سجلت نحو 12.8 في المئة، وهي أرقام رسمية بعيدة تماما عن الواقع، وعن الأرقام غير الرسمية التي في الغالب تكون أقرب إلى الصواب، وفق محللين.
أما معدلات الفقر، فإن البيانات الرسمية تقول إن 26.3 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى، أي المدقع، حيث إنه من المعروف أن أكثر من 50 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر بشكل عام.
وبما أن عدد سكان المصريين قد تجاوز الـ90 مليون نسمة، فإن ذلك يعني أن نحو 30 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، وأصبحوا يواجهون أزمات كبيرة في توفير قوت يومهم.
وارتفعت نسبة الفقر في مصر من 16.7 في المئة عام 1999، لتسجل نحو 19.6 في المئة في عام 2000، ثم قفزت في 2012 لتسجل نحو 25.2 في المئة، ثم ارتفعت لتسجل نحو 26.3 في المئة في كانون الأول/ ديسمبر 2015.
وقال مدحت محمود، وهو موظف يقيم في محافظة القاهرة، إن "الأسعار لا ترتفع، لكنها تقفز، ولم يعد هناك أي بدائل سوى محاولة ترشيد الإنفاق، ومقاطعة اللحوم، كذلك بالنسبة لمتطلبات الأسرة، ونكتفي فقط بتوفير مستلزمات ومصروفات المدارس والتعليم".
وأشار في حديثه لـ "
عربي21"، إلى أن جميع الأسعار ارتفعت بنسب كبيرة جدا، حتى إن الأدوية ارتفعت بنسب مبالغ فيها، فقد ارتفع سعر أحد أصناف الدواء من خمس جنيهات ليسجل 50 جنيها خلال أسبوع واحد، أما اللحوم فقد ارتفعت أسعارها بنسب لا تقل عن 25 في المئة، وأيضا سجلت السلع ارتفاعات لا تقل عن 30 في المئة.
وفي المقابل، قال إنه "لا يوجد أي زيادات في إجمالي الدخل، بل على العكس، فخلال الفترة الأخيرة تم استقطاع مبالغ إضافية من مرتباتنا".
من جانبها، أشارت عزة جابر، وهي موظفة في إحدى الجهات الحكومية في القاهرة، إلى أن الحكومة تحدثت أكثر من مرة عن ضبط الأسعار، "ولكن في النهاية نجد أن الأسعار ترتفع، ولا تكفي السيارات التي تسير في الشوارع وتبيع بعض السلع لحل الأزمة، لأن جميع ما تحتاجه الأسرة ارتفع سعره بنسب كبيرة لا تتحملها الأسرة البسيطة، أو شريحة الموظفين".
وأوضحت لـ"
عربي21"، أن الأزمة زادت بسبب عدم وجود فرص عمل إضافية، حيث كان زوجي يعمل في شركة سياحة بعد انتهاء دوامه الحكومي، ولكن مع استمرار أزمة السياحة تم تسريحه من العمل، وبالتالي أصبحنا نعتمد أكثر على ترشيد الإنفاق، وتوفير مستلزمات الأبناء من مقاطعة اللحوم، والتخلي عن أي وسائل ترفيه كانت موجودة قبل ذلك.
وتسعى الحكومة المصرية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، للسيطرة على أسعار 10 سلع غذائية أساسية، وذكرت أنها ستكلف الهيئة العامة للسلع التموينية باستيراد مجموعة واسعة النطاق من السلع، في محاولة للسيطرة على التضخم مع ارتفاع أسعار الغذاء.