مر عام على إحكام تنظيم القاعدة قبضته على مدينة
المكلا، كبرى مدن حضرموت شرق اليمن، في أحاديث عن إنجازات حققها التنظيم يقابلها
خسائر فادحة تلقاها، لاسيما نجاح عمليات الاستهداف، التي طالت قيادات الصف الأول فيه، بغارات طائرات أمريكية من دون طيار خلال فترات متقاربة من العام 2015.
ففي 2 نيسان/ أبريل من العام الماضي، دخل التنظيم مدينة المكلا عاصمة حضرموت وسيطر بسهولة فائقة ودون مقاومة على الأحياء الرئيسية والمقار العسكرية والأمنية، وتمكن من تحرير 300 معتقل نصفهم من التنظيم وفي مقدمتهم القيادي خالد باطرفي، الحاكم الفعلي لمدينة المكلا في الوقت الراهن.
تجربة فريدة
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نبيل البكيري، إن تجربة
قاعدة اليمن في مدينة المكلا خلال عام من سيطرتها على المدينة، لاشك أنها "فريدة من نوعها".
وأوضح في حديث خاص لـ"
عربي21" أن هناك حاجة إلى التأمل والدراسة لهذه الحالة التي ظهر بها التنظيم من حيث قدرته على السيطرة في تلك المناطق، وتعاطيه بشكل جيد مع الملف الأمني، وحقوق وممتلكات الناس".
واستدرك قائلا: "ورغم كل ذلك، كانت هناك أشياء سلبية، أقدم عليها التنظيم، أبرزها عمليات نهب البنوك في المكلا، وهذه تعد نقطة ضعف في السجل الأمني للقاعدة".
ولفت الباحث اليمني إلى أنه يمكن البناء من خلال هذه التجربة لحلول سياسية مع قاعدة اليمن، بل وإمكانية الوصول معها إلى حلول فيما يتعلق بالصراع الجاري مع الدولة اليمنية.
من جانب آخر، وفي سياق خسائر التنظيم خلال فترة سيطرته على مدينة المكلا، فقد تلقى ضربات موجعة عقب فقدانه عددا كبيرا من قياداته، فضلا عن أن وجوده في هذه المدينة أدى إلى نشوء صراع بينه وبين
تنظيم الدولة، وهو ما فاقم من وضعية هذا الصراع.
ظهور مغاير
من جهته، قال الصحفي المتخصص في شؤون القاعدة، مصطفى حسان، إن تنظيم القاعدة استطاع الظهور في حضرموت بصورة مغايرة عما هو عليه في السابق، فالكثير كان يعتقد أنه مجرد أداة للقتل، ولكنه أثبت على مدى عام إدارة ناجحة للمدينة الخاضعة لسيطرته.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن القاعدة وفرت خدمات مهمة للسكان المحليين في المكلا، منها "المشتقات النفطية، والتيار الكهربائي على مدار 24 ساعة"، وهذه الخدمات تكاد تكون منعدمة في مدينة عدن، عاصمة الشرعية المؤقتة، التي تعاني من انطفاءات متكررة للكهرباء.
وسرد حسان أهم إنجازات التنظيم الخدمية في المكلا، وهي القيام بحفر آبار للمياه، وإعادة بناء الجسور والطرقات بعد تضررها من إعصار "ميغ" الذي ضرب المدينة الساحلية نهاية العام 2015، إضافة إلى إعادة فتح قسم الأشعة المقطعية في مستشفى "ابن سيناء"، أكبر مستشفى حكومي في المدينة، الذي يغطي خدمات لأكثر من ثلاث محافظات، حيث وفر التنظيم الأجهزة والمستلزمات على نفقته الخاصة.
وقال الصحفي اليمني المتخصص في شؤون القاعدة إن التنظيم أعاد أكثر من 200 مليون ريال (800 ألف دولار أمريكي)، كانت تأخذها بعض الشرطات كضرائب على الموظفين، بينما انخفضت الجريمة في المكلا التي كانت تعاني من انفلات أمني قبل سقوطها بيد القاعدة في 2 من نيسان/ أبريل من العام 2015.
خسائر التنظيم
وخسرت قاعدة اليمن قيادات الصف الأول عقب سيطرتها على مدينة المكلا، حيث نجح الطيران الأمريكي دون طيار باغتيال "أمير التنظيم في جزيرة العرب، ناصر الوحيشي، والمسؤول الشرعي، إبراهيم الربيش، والقيادي الدعوي، مأمون حاتم، ونصر الإنسي، وحارث النظاري"، وهو ما مثل خسارة فادحة للتنظيم الذي يقوده حاليا "قاسم الريمي" المكنى بـ"أبي هريرة".