لخص المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأمريكية دونالد
ترامب، الأربعاء، سياسته الخارجية بجملة واحدة "أمريكا أولا".
وأعلن ترامب، في خطاب حول سياسته الخارجية، أنها ستكون قائمة على أن "أمريكا أولا" وأن "مصالح الأمريكيين والأمن الأمريكي فوق كل شيء".
وانتقد ترامب
السياسة الخارجية للولايات المتحدة، قائلا إن "أفعالنا في العراق وسوريا وليبيا ساعدت في انطلاق
داعش، ونحن في حرب مع الإسلام الراديكالي.. لكن الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون يرفضان الاعتراف بذلك".
وأضاف: "لقد جعلنا الشرق الأوسط فوضويا ومضطربا بدرجة أكبر، وتركنا المسيحيين عرضة للانتقام الشديد وحتى المذابح". وتابع بأن "احتواء انتشار الإسلام الراديكالي يجب أن يكون هدفا رئيسيا للولايات المتحدة والعالم". ووجه حديثه إلى عناصر تنظيم "داعش"، قائلا: "أيامكم باتت معدودة".
وأعرب ترامب عن استعداده للتعاون مع الحلفاء الإسلاميين لمواجهة "الإسلام الراديكالي"، قائلا إنهم أيضا عرضة للعنف والهجمات، وأضاف: "يجب أن نعمل مع أي دولة في المنطقة مهددة من تصاعد الإسلام الراديكالي.
لكن ترامب أكد أن يكون ذلك من خلال علاقة "ذات اتجاهين"، وقال: "عليهم أن يكونوا جيدين معنا.. لا مزيد من علاقة في اتجاه واحد.. يجب أن يتذكروا ما نفعله ويقدرون ما نفعله لهم.. سوف نساعدهم، ولكن يجب أن يقدروا ذلك".
وأضاف أن على حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا أن يتحملوا جانبا أكبر من العبء المالي للدفاع عن دولهم، وإلا سيتركون ليدافعوا عن أنفسهم.
وتحدث الملياردير ترامب غداة انتصاره في الانتخابات التمهيدية للحزب بخمس ولايات بالشمال الشرقي ليصبح أقرب لانتزاع ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات المقررة في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال ترامب في خطاب وصف خلاله السياسة الخارجية للرئيس الديمقراطي باراك أوباما بأنها كارثية: "حان الوقت لتغيير شامل في السياسة الخارجية لأمريكا. حان الوقت لوجوه جديدة وأصوات جديدة".
لكن رسالة ترامب حملت بعض التناقضات، وتجنب خلالها لحد بعيد الخوض في التفاصيل.
فالرجل تحدث عن بناء العسكرية الأمريكية كقوة ردع لخصوم الولايات المتحدة، لكنه قال إن حلفاء أمريكا في أوروبا وآسيا سيتعين عليهم دفع المزيد من المال مقابل حماية أمريكا لهم.
وانتقد كذلك رؤساء سابقين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإشراك الولايات المتحدة في صراعات عسكرية بالخارج، لكنه قال إن الولايات المتحدة ربما تحتاج لاستخدام القوة لدحر تنظيم الدولة.
وأضاف: "سياستي الخارجية ستضع دائما مصالح الشعب الأمريكي وأمن الأمريكيين فوق كل شيء. سيكون هذا أساسا لأي قرار أتخذه. "أمريكا أولا" سيكون شعارا رئيسيا ومسيطرا في إدارتي".
ووصف تيد كروز المنافس الرئيسي لترامب على بطاقة ترشيح الحزب إن "خطاب ترامب دليل واضح جدا على فشله في الاختبار الرئاسي".
"يبيع حلما"
وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن إن خطاب ترامب لم يشمل تفاصيل كافية لوصفه بخطاب استراتيجي.
وأضاف: "إنه في النهاية يبيع حلما، ولا يقدم خطة. إنه يمثل مكتب المبيعات، لكنه لم يطرح أي شيء عمن سيقوم بدور المهندس ومن سيقوم بدور عامل البناء".
وقال ترامب إنه سيعزز الجيش الأمريكي لمجاراة البرامج العسكرية للصين وروسيا، لكنه لن يستعين بالقوات المسلحة الأمريكية إلا حين تقتضي الضرورة.
وأضاف: "لن أتردد في نشر قوة عسكرية حين لا يكون هناك بديل. لكن إذا حاربت أمريكا فيجب أن تحارب لتنتصر. لن أرسل أبدا أفضل من لدينا إلى المعركة ما لم يكن هذا ضروريا، ولن أفعل هذا إلا حين تكون لدينا خطة للانتصار".
وفي ظل التوتر الحالي في العلاقات الأمريكية الروسية بسبب قضايا عديدة -بينها دعم موسكو للرئيس السوري بشار الأسد- قال ترامب إن من الممكن "تخفيف التوتر مع روسيا من موضع قوة".
وقال أيضا إنه سيستخدم النفوذ الاقتصادي لأمريكا، ليقنع الصين بكبح جماح برنامج كوريا الشمالية النووي.
وتابع "الصين تحترم القوة.. ونحن فقدنا احترامهم بالسماح لهم باستغلال الولايات المتحدة اقتصاديا".
وقال ترامب إنه سيدعو لعقد قمتين منفصلتين، واحدة مع حلف شمال الأطلسي، والأخرى مع حلفاء أمريكا الآسيويين لمناقشة "إعادة التوازن" لالتزامات الولايات المتحدة المالية إزاء الدفاع عنهم.
وتحدث ترامب بصرامة وهو يقول إن حلفاء الولايات المتحدة استفادوا من مظلتها الدفاعية، لكنهم لم يتحملوا نصيبا عادلا من التكلفة.
وقال: "الدول التي ندافع عنها يجب أن تدفع نظير ذلك. إذا لم يحدث هذا فعلى الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لترك هذه الدول تدافع عن نفسها. لا نملك خيارا آخر".
ولم يسبق أن انتخب ترامب لمنصب رسمي، لكنه بنى شعبيته، خاصة بين الأمريكيين البيض من أبناء الطبقة العاملة بتعهدات براقة عن "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ووعد بإلغاء اتفاقات التجارة وإعادة هيكلة حلف شمال الأطلسي، بحيث يقف في وجه الهجرة و"التطرف الإسلامي".
وكان يتوقع أن تمنح هذه الكلمة ترامب، الذي يتصدر المرشحين الجمهوريين في سباق الرئاسة، فرصة كسب مؤسسة السياسة الخارجية التي تشكك فيه.
إلا أن العديد سارعوا إلى التنبيه إلى التناقضات في استراتيجيته لاستعادة قوة الولايات المتحدة والقضاء على تنظيم الدولة، وفي الوقت ذاته التخلي عن الحلفاء.
"هذا ليس جيدا"
ورغم ذلك، سارع ترامب إلى مهاجمة أوباما، متهما إياه بالتخلي عن حلفاء بلاده، مثل إسرائيل، ومد يده لإيران بدلا من ذلك.
وقال: "لقد اخترنا أن نتشاجر مع أقدم أصدقائنا، والآن بدأوا يبحثون عن المساعدة من جهات أخرى. تذكروا ذلك. هذا ليس جيدا".
وشدد أن "احتواء انتشار التطرف الإسلامي يجب أن يكون أهم أهداف السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، بل وفي العالم".
ولاحظ ديفيد بولوك، المستشار السابق في وزارة الخارجية والخبير حاليا في معهد واشنطن، أن الخطاب ترك العديد من الأسئلة أمام خبراء المعهد.
وقال: "الخطاب بدا كأنه عرض لأفكار ترامب بطريقة أكثر ذكاء، إلا أنه ترك العديد من الأسئلة دون إجابات".
وأضاف أن "الاختبار الحقيقي هو نوع المستشارين الذين يمكن أن يعثر عليهم ترامب، والمستعدين للاصطفاف معه علنا والانضمام إلى فريقه".
ويرتجل ترامب خطبه عادة، لكنه اليوم تحدث من نص مكتوب على شاشة أمامه، محاولا التقرب أكثر للناخبين الجمهوريين.