لم تفلح محاولات رئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي في كسب الدعم
العربي لمعركة
الفلوجة، وتسويقها عبر وسائل الإعلام العربية على أنها معركة الغرض منها تخليص أهالي المدينة من سيطرة تنظيم الدولة لأسباب عدة، بحسب مراقبين.
وكان العبادي قد بعث برسائل خاصة عبر وفود دبلوماسية عراقية، في الأيام القليلة الماضية إلى زعماء دول كل من مصر والأردن والكويت وقطر وسلطنة عُمان والبحرين والسعودية لوضعهم في صورة الأحداث الجارية في المعارك الجارية بالفلوجة.
وأفصح وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري عن أن الرسائل: "تضمنت شرحا لبعض القضايا الميدانيّة، ومنها إنقاذ المدنيِّين الأبرياء بالفلوجة، وكيف راعت القوات العراقـيّة الحقوق المدنيّة، مع الأخذ بنظر الاعتبار إصرار تنظيم الدولة على جعل المواطنين المدنيين دروعا بشرية"، على حد تعبيره.
وأتبعه المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي بالقول إن الرسائل أكدت أهمية "دعم هذه الدول للعراق في إغاثة النازحين وإعادة الاستقرار لمدنهم بعد تحريرها وتوضيح الموقف بشكل كامل فيما يتعلق بما يثار من وجود تجاوزات أو انتهاكات في معركة الفلوجة".
غير أن محللين سياسيين رأوا أن العبادي بات اليوم في ورطة حقيقية حفزت المجتمع الدولي والعربي على أخذ مواقف سلبية تجاهه شخصيا فضلا عن المعركة التي يخوضها، وأن فشل العبادي في تحسين صورة المعركة يتلخص في سببين رئيسيين هما:
أولا: الحشد الشعبي
يقول الباحث في الشأن السياسي العراقي عدنان التكريتي، إن جرائم الحشد الشعبي وتجاوزاته جاءت بعد هستيريا الفشل التي واجهوها، وما ينقله الإعلام شيء، وما يحصل على الأرض شيء آخر".
وأوضح التكريتي في حديث لـ"
عربي21"، أن "الشيعة أرادوا التوحد ضد مقتدى الصدر من خلال الفلوجة، فوجدوا أنفسهم في ورطة كبيرة".
من جانبه يرى المحلل السياسي العراقي عمر المشهداني، أن "الانتهاكات لم تعد جديدة وليست خافية على أحد وتكلمت بها المنظمات الدولية والمحلية والإعلام العربي والعالمي بشكل خاص، وكلها جاءت كردة فعل للتصعيد الطائفي للحشد الشعبي قبل بداية المعركة أصلا".
وأضاف المشهداني في اتصال مع "
عربي21" أن "هذا التصعيد لم نواجهه في معركة تحرير الرمادي أو الرطبة أو غير ذلك، مما تسبب بتوليد ردة فعل جاءت عكسية على العبادي أكثر مما هي في صالحه كعملية عسكرية، لكن الآن حتى إذا حصل أي تحرير للمدينة أو نجاح، فإنه سيكون نصر بطعم الهزيمة".
وارتكبت مليشيات الحشد الشعبي انتهاكا بحق مدنيين فروا من معارك الفلوجة، شملت حالات تعذيب بشعة توفي البعض منهم متأثرا بجراحه، فيما قتلت آخرين نحرا ودفنا لهم وهم أحياء، حسبما أفادت شهادات ناجون عبر مقاطع فيديو تداولتها مواقع التواصل السبت الماضي.
وقبل بدء معركة الفلوجة دعا أوس الخفاجي زعيم مليشيا "أبي الفلضل العباس" أتباعه إلى "استئصال سرطان الفلوجة، لأنها منبع الإرهاب منذ 2004 وحتى يومنا هذا، ولا يوجد فيها شيخ عشيرة آدمي، ولا إنسان وطني ولا ملتزم دينيا، حتى في مذهب أهل السنة"، وفقا لمقطع فيديو بثه ناشطون.
ثانيا: التواجد الإيراني
وبحسب التكريتي، فإن "العراق يمر اليوم بمرحلة واضحة من التواجد الإيراني بعدما كانت صور سليماني تسرب فإنها اليوم تنشر علانية، والأكثر من ذلك أن يضطر إبراهيم الجعفري وأبو مهدي المهندس للاعتراف به مستشارا، وهو أمر يشير إلى الصراع الأمريكي- الإيراني ودخوله مرحلة مباشرة".
وأعلن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، الثلاثاء، أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، "يعمل في الأراضي العراقية بوظيفة مستشار عسكري بعلم الحكومة العراقية ودرايتها التامة".
ويضيف التكريتي في حديثه لـ"
عربي21"، أن "الأمريكان يذهبون اليوم إلى استخدام الضغط الجوي لدعم أو خذلان "الحشد" وبكلا الحالتين، فإنهم في محرقة إن لم يستجيبوا لرغبات الأمريكان، كما أن أمريكا لها حساباتها الخاصة وحدودهم الانتخابات الأمريكية المقبلة".
ويذهب المحلل السياسي عمر المشهداني إلى ما ذهب إليه التكريتي نفسه، قائلا: "التحالف الوطني (الشيعي) يشهد انقساما في داخله، هناك تيار أقرب إلى إيران وآخر أقرب إلى أمريكا، وأن العبادي مدعوم أمريكيا ويحاول إدامة هذه العلاقة بشكل أو بآخر وجزء من الضغط الأمريكي هو ترتيب العلاقة مع الدول العربية".
أما التيار الثاني، فهو تيار رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والذي ينتمي إليه إبراهيم الجعفري، مع مزيد من الحشد ودعم التطرف، فإنه أقرب إلى إيران، وهذا ما برز في تصريحات الجعفري الأخيرة، فبالتالي لا يمكن أن نعتبر أن التحالف كتلة واحدة"، بحسب قول المشهداني.
يذكر أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أعلن فجر الاثنين 22 أيار/ مايو الماضي، بدء عملية عسكرية أطلق عليها "كسر الإرهاب" لاستعادة مدينة الفلوجة شرق الأنبار من قبضة تنظيم الدولة الذي يسطر عليها منذ عام 2004.
وقال العبادي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي: "ليس أمام داعش سوى الفرار، وسنمزق الرايات السود للتنظيم الذي اختطف المدينة، إن لحظة الانتصار الحاسم على التنظيم الإرهابي اقتربت وستعود الفلوجة كما عادت القرى والمدن المحررة".