أجازت الحكومة
الجزائرية، لقاضية فرنسية، بنقل عينات من جماجم رهبان "دير تيبحيرين"، السبعة الذين قتلوا عام 1996 بأعالي محافظة المدية بالجزائر، على أيدي إرهابيي "
الجماعة الإسلامية المسلحة"، مثلما تقول الحكومة الجزائرية، لكن الحكومة الفرنسية تشكك بهذه الرواية، وترجح مقتلهم، على أيدي الجيش الجزائري، عن طريق الخطأ.
ويعتبر ملف
رهبان تيبحيرين، الذين قتلوا في فترة كانت الجزائر تعيش أزمة دموية خانقة، من الملفات الشائكة التي لازالت عالقة بين الجزائر وباريس، إذ يشكك أهالي المقتولين، السبعة بالرواية الجزائرية القائلة بأن مسلحي الجماعة الإسلامية المسلحة، هم من اغتالوا الرهبان، وتطالب بالتحقيق في ظروف اغتيالهم.
وكان فريق من المحققين الفرنسيين باشروا بالتحقيق في ملابسات اغتيال الرهبان، شهر تشرين الأول/أكتوبر 2014، تحت إشراف قاضي مكافحة الإرهاب "مارك ترفيديك"، وتمت معاينة مكان دفن جماجم الرهبان، وجمع الحمض النووي للتحقق من هويات الضحايا.
ومنعت الحكومة الجزائرية، فريق المحققين الفرنسيين من نقل عينات من جماجم الضحايا لمعاينتها بباريس، في ذلك الوقت، لأسباب لم يكشف عنها رسميا، وامتعض فريق المحققين من قرار الحكومة الجزائرية، واتهم مارك، الجزائريين بـ"عدم الرغبة بالتعاون". كما عبر أهالي الضحايا عن احتجاجهم، بلسان محاميهم المعروف باتريك بودوان الذي تحدث عن "نية الجزائر إخفاء الحقيقة".
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة، عن "مصدر قضائي فرنسي"، أن القاضية الفرنسية "أحضرت عناصر بإمكانها أن تعطي دفعا للتحقيق". كما قال المصدر إن قاضية التحقيق ناتالي بو، أحضرت العينات القضائية التي يحتاجها المحققون لتأدية مهمتهم في تحديد الطريقة التي أعدم بها الرهبان. وقد كانت القاضية مساعدة لتريفيديك، أثناء زيارته إلى المدية قبل عامين.
وأفاد محامي عائلات الرهبان للوكالة الفرنسية، بأن سماح السلطات الجزائرية بنقل العينات إلى
فرنسا "يعد تقدما هاما انتظرناه منذ عام ونصف"، إذ سيسمح حسبه بـ"رفع العراقيل عن البحث عن الحقيقة والعدالة".
وقال فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية بالجزائري، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة إن قضية تيبحيرين، يريد منها الفرنسيون، توريط الجيش الجزائري في ملف لا يعنيه"، وتابع أن "الفرنسيين لم يستوعبوا أن الجيش الجزائري لا مصلحة له في قتل رهبان تيبحيرين".
كما أفاد قسنطيني أن "الجيش الجزائري سبق أن نصح الرهبان بالابتعاد عن ذلك المكان لكنهم رفضوا".
وتقول الرواية الرسمية الجزائرية إن "الجماعة الإسلامية المسلحة" بقيادة أميرها، آنذاك، جمال زيتوني هي من اختطفت الرهبان وأعدمتهم بفصل رؤوسهم عن أجسادهم. لكن الملحق العسكري الأسبق بسفارة فرنسا بالجزائر، الجنرال المتقاعد بوخفالتر، ذكر في 2009 أثناء سماعه من طرف القاضي تريفديك، أن طائرات مروحية للجيش الجزائري، أطلقت النار على الجماعة التي كانت تحتجز الرهبان، وقد اتضح بعدها، حسبه، أنها لم تصب المسلحين بل أصابت الرهبان.