ملفات وتقارير

"عربي21" تحاور مسلمين بأمريكا بعد هجوم أورلاندو

علكة حقيقية طرحها "كير" الشهر الماضي فيما تحمل العلبة عبارات مبتكرة لمحاربة الإسلاموفوبيا
انعكس الهجوم على ملهى ليلي يرتاد المثليون في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا على سباق الرئاسة في الولايات المتحدة، وهو ما دفع بمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، أكبر جماعة ضغط للمسلمين بأمريكا، لمخاطبة السياسيين الأمريكيين، ومطالبتهم بعدم استغلال الحادث سياسيا.

ويقول رضا رضوان، أحد أفراد الجالية المسلمة في الولايات المتحدة: "بينما يعرض الإعلام الأمريكي مشاهد الهجوم على ملهى ليلي يرتاده المثليون بولاية فلوريدا بشكل متواصل، يقوم في الوقت نفسه بإعادة بث مشاهد الحادي عشر من سبتمبر واستهداف برج التجارة العالمي عام 2001، وهو ما يدعم (المرشح الجمهوري) دونالد ترامب في استطلاعات الرأي حول انتخابات الرئاسة الأمريكية".

وهجوم أورلاندو الذي وقع صباح الأحد الماضي نفذه المسلم من أصول أفغانية، عمر متين، وراح ضحيته 49 قتيلا و53 جريحا. وسبقه هجوم سان برناردينو بولاية كالفورنيا نهاية العام الماضي، على يد سيد فاروق وزوجته الباكستانية تشفين مالك، وراح ضحيته 14 قتيلا. فهل أثر الحادث الجديد على طقوس المسلمين الرمضانية؟ وهل تعرضوا لمضايقات أو مواقف مسيئة؟

ترامب المستفيد

يتحدث رضا رضوان، المصري الأصل الذي يقيم في مدينة ديترويت بولاية متشيجان، حيث توجد أكبر جالية عربية في أمريكا (نصف مليون عربي تقريبا، وخمسه وعشرون مسجدا)، قائلا: "الحياة تسير بشكل طبيعي إثر حادث فلوريدا، حيث أنه ليس الأول ولا الأخير، وبعد كل حادثة يحدث بعض الغضب تجاه المسلمين، ولكن بعد أسبوع تقريبا ينسى الناس وتعود الأمور لطبيعتها، وهنا لا يمكنك أن تحتقر أحدا لدينه أو بشرته".

لكن رضوان يشير في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الفرق الوحيد بعد الحادث هو تحول استطلاعات الرأي حول انتخابات الرئاسة الأمريكية؛ لتزيد من رصيد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، على حساب الديمقراطية هيلاري كلينتون؛ لأنه معاد للإسلام فقط، حيث يقوم التلفزيون الرسمي بإعادة مشاهد الحادي عشر من سبتمبر واستهداف برجي التجارة العالمي عام 2001 وهو ما يعني استغلال الحادث للحشد لترامب الذي توعد بعدم إدخال المسلمين إلى أمريكا".

وعن رمضان، يقول رضوان إنه لم تتغير الأمور كثيرا، ولكن أصبح الجميع يتعامل بحذر في الشارع والسوبر ماركت وفي المواصلات العامة، ولكن ارتياد المساجد لم يتأثر بعد الحادث.

مضايقات فردية

وتقول الكاتبة والأديبة مروى صبري: "نمارس حياتنا بشكل عادي، ولكن الأمر يختلف من مكان لمكان وبحسب الظروف".

وتضيف لـ"عربي21": "الأماكن ذات الجاليات الإسلامية الكبيرة يمكن أن يتعرض القليل منها إلى مواقف متفرقة، أما الأعداد القليلة فحياتهم أصعب، وعيون غير المسلمين تمثل رقابة دائمة عليهم، خاصة حول القرى حيث يتركز الأمريكيون البيض المسيحيون المنغلقون، هذا إلى جانب من يرتادون المواصلات العامة يكونون أكثر عرضة لمضايقات بعد مثل هذه الحوادث".

وعن رمضان تقول مروى: "رمضان لمن يلزم المراكز الإسلامية يستشعر فيه حلاوة الشهر أكثر من بلادنا، فدعوات الإفطار كثيرة وتنتهي بصلاة العشاء والتراويح، وهذه الطقوس لم تتأثر بالحادث".

ثقافة العنف تجتاح أمريكا

وتضيف مروى أنهم "كجالية مسلمة يحاولون إقناع الأمريكيين بأنه لا علاقة بين الإسلام ومثل هذه الأمور، وبأنه وقع أكثر من 300 هجوم ما بين العام الماضي والحاضر، ثلاثة فقط منها على يد مسلمين".

وتؤكد أن على المسلمين أن يعرفوا تماما أن ثقافة الكراهية والعنف أصبحت في نسيج المجتمع الأمريكي لأسباب متباينة، ويجب أن يتم التعامل معهم على هذا الأساس حتى لا يخسر الجميع، حسب قولها.

وتشير إلى دور مؤسسة "كير" في الرد في مثل هذه المواقف، والتي كان آخرها حادث سان برناردينو الذي أحسنت الرد والتعامل فيه، وفي حادث فلوريدا طالبت المسلمين بالتبرع بالدم من أجل الضحايا، كما تقول مروى.

تشديد الحراسة على المساجد والطلاب

"حين ذهبت إلى المركز الإسلامي اليوم لتوصيل أبنائي للمعسكر الصيفي، وجدت الحراسة أكثر. فقد طالب أولياء أمور بذلك تحسبا لهجمات مضادة"، وفق الدكتورة منار صبري، الباحثة الأكاديمية التي تعيش في ولاية نيويورك.

وتضيف منار صبري في حديثها لـ"عربي21": "رمضان عادي جدا.. في الصباح عمل وفي المساء العبادة. لا نذهب إلى المسجد بشكل يومي، لكن هناك إسراع في الصلاة حتى يذهب كل شخص إلى بيته سريعا".

وتوضح أنه "منذ شهرين استعان المسجد بشركة أمن تقوم بتفتيش حقائب المصلين عند الدخول. وبعد حادث فلوريدا هناك شخص ثالث يقف خارج المسجد".

وحول تعامل الشعب الأمريكي مع الجالية المسلمة، تقول منار: "في الواقع هناك بعض الناس الذين تبتسمون لي، حيث يبدو مظهري كمسلمة بالحجاب، وهناك من يقوم بتقديم المساعدة أكثر من ذي قبل وخاصة النساء... الموظفة في السوبر ماركت بينما أخرج تنظر في مكان انتظار السيارات ودايما تقول لي انتبهي لنفسك (stay safe)، وهو ما لم تقله أو تفعله مع أي من الأمريكيين".

وتضيف: "الجواب على حادث فلوريدا سهل جدا. هو شخص أمريكي ولد وعاش كل حياته هنا، وما هي إلا حالة من الحالات اليومية لإطلاق النار في أمريكا. الفرق هو عدد الضحايا وحجم الحادث، كما أن الجاني يبدو أنه يعاني من صراع في الهوية بين أن يصبح شاذا أو يرضي المجتمع. واضح أنه كان لديه مشكلة مع أحد في الملهى ولا علاقة له بإرهاب أو كراهية"، كما تقول.

رسالة كير لساسة أمريكا

وكان المدير التنفيذي لكير، نهاد عوض، قد قال في بيان عقب الهجوم: "أصابنا الغثيان والحزن لهذا الهجوم المروع. لا يمكن أبدا أن يكون هناك أي مبرر لمثل هذه الأعمال الجبانة والإجرامية".

وقال أيضا في رسالة مصورة وجهها لتنظيم الدولة: "أنتم لا تتحدثون باسمنا (مسلمي الولايات المتحدة)"، كما حذر السياسيين بالولايات المتحدة من استغلال حادث إطلاق النار وطلب منهم بدلا من ذلك احترام ذكرى الضحايا.


أما رشا مبارك، المنسقة الإقليمية لمنظمة كير في أورلاندو وفلوريدا، فقالت في بيان لها: "ندين هذا الهجوم الوحشي، ونقدم تعازينا لأسر الضحايا، ونؤكد تبرؤ المجتمع المسلم هنا بأمريكا من أي شخص أو أي جماعة تتبنى العنف أو تبرر مثل هذا العمل المروع".

وعدد المسلمين في أمريكا، طبقا لإحصائيات عام 2010 حوالي 2,6 مليون نسمة، لكن يتوقع أن هذا الرقم ارتفع بعد مرور خمس سنوات على تلك الإحصائية؛ إلى حوالي 3.3 ملايين نسمة، ليمثل حوالي 1 في المئة من تعداد السكان في أمريكا.