كشفت محاولات الاختراق المتبادلة التي يقوم بها قراصنة
إيرانيون وأردنيون، عن "
حرب خفية" تدور بين الدولتين، لا تقتصر على الفضاء الإلكتروني، بل تتعداه إلى الأرض من خلال التماس المباشر بينهما حاليا في
سوريا بعد انحسار نفوذ النظام السوري على أراضيه وبسط طهران سيطرتها على مواقعه وقراره.
وآخر المناوشات "الناعمة" بين الطرفين والتي رصدتها "
عربي21"، كانت قيام "هاكر" أردني باختراق موقع المكتب الإعلامي للرئاسة الإيرانية، ردا على قيام قراصنة إيرانيين باختراق موقع دائرة ضريبة الدخل الأردنية، وهو ما أكدته مواقع محلية أردنية.
المخترق الأردني تحدى الإيرانيين وأعلن في حسابه على موقع "فيسبوك" أنه جاهز لاختراق ثلاثة مواقع أخرى، طالبا من متابعيه التصويت واختيار تلك المواقع للعمل على قرصنتها.
وسبق تلك المناوشات بأيام إعلان وكالة الأنباء الرسمية الأردنية "بترا" اختراقها، وقيام جهة مجهولة ببث أخبار كاذبة عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وعن موقفه الرافض لاستمرار الحرب في اليمن، الأمر الذي أدى إلى تعطيل موقع الوكالة وسحب الخبر ونشر بيان للتوضيح.
ولم تعلن وكالة الأنباء الأردنية عن الجهة المخترقة، لكن قناة "العربية" هي التي أشارت للجهة، نقلا عن مصادر أردنية قالت إن جهة إيرانية تقف وراء قرصنة الوكالة الأردنية.
الأكاديمي الأردني والخبير في الشأن الإيراني الدكتور نبيل العتوم، أشار إلى أن هناك "بيئة صراعية" بين الأردن وإيران، والأخيرة تسعى منذ مدة لخلق مواطن أزمات تدخل من خلالها إلى الساحة الأردنية.
وأوضح العتوم لـ"
عربي21"، أن إيران حاولت اختراق الساحة الأردنية بقوة حين تقدمت في مناطق درعا العام الماضي، وكانت تهدف، لخلق ما يسمى بـ"درعا ستان" لمحاكاة نموذج حزب الله في جنوب لبنان مع إسرائيل وتهديد الأردن بشكل مباشر.
وأضاف: "مساعد قائد الحرس الثوري أطلق تصريحات في حينه عند السيطرة على مناطق بمحيط درعا، وقال بتنا على مشارف عمّان وبالتالي أصبحنا على مشارف عاصمة آل سعود".
وشدد على أن "إيران لا تدخر جهدا لخلق عملاء لها داخل الساحة الأردنية، ولو من خلال بعض الجماعات الراديكالية الجهادية، أو عبر توظيف بعض الخلايا النائمة التي تسللت مع اللاجئين".
ولفت إلى أن السفارة الإيرانية في عمّان لديها "نشاطات مشبوهة، وقامت الخارجية الأردنية بإرسال تحذيرات عديدة للإيرانيين للتوقف عن العبث بالأمن الأردني، عدا عن محاولات الإغراء التي تقوم بها إيران للأردن من خلال مده بالطاقة وغيرها من الاحتياجات من أجل اختراق ساحته".
وأبدى العتوم تشاؤما بخصوص مستقبل العلاقة بين الأردن وإيران، وقال إن الفترة المقبلة صعبة لأن النظام في الأردن يدرك أن لإيران طموحات توسعية في المنطقة، وإن استغلال طهران للأزمات التي تحدث في المنطقة خصوصا في سوريا والعراق وتمكن الجماعات الموالية لها من السيطرة على الكثير من المناطق، جعل التماس مباشرا بحكم الجوار الجغرافي.
وعلى الرغم من محاولات "الاختراق" الإيرانية، فقد أشار العتوم إلى أن الشعب الأردني "يعي أهداف إيران جيدا ويساهم في مواجهة محاولات التمدد، ويعلم أن طهران تسعى لبسط مشروع طائفي لا يمكن أن يقبله، لذلك لم تنجح المحاولات حتى الآن في اختراق الساحة الأردنية".
وفي الوقت ذاته، أكد العتوم أن الأردن غير معني بتأجيج الصراع مع إيران، فمواجهة دولة كإيران تحتاج تكاملا عربيا وخاصة مع دول الخليج، لأن مواجهة هذا المشروع لا يمكن أن تتم بمعزل عن المنطقة.
يشار إلى أن الأردن قام بسحب سفيره في طهران احتجاجا على قيام محتجين إيرانيين باقتحام مقري سفارة وقنصلية السعودية في طهران ومشهد، وإضرام النيران فيهما احتجاجا على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر باقر النمر.