لم تمض أشهر قليلة على فك الحصار الغذائي عن المدنيين في مدن وبلدات
الجنوب الدمشقي، وموافقة النظام تحت الضغوط الدولية على إدخال المساعدات الغذائية وإعادة مياه الشرب؛ حتى انتشرت العديد من حالات
التسمم والتلبك المعوي بين الأطفال، لا سيما في مناطق
مخيم اليرموك وببيلا، نتيجة تلوث خطوط مياه "الفيجة" الواصلة إلى تلك المناطق.
وتفاديا لمزيد من الأمراض؛ تمكّن أحد المدنيين المقيمين في بلدة
ببيلا، من تصنيع مجموعة من "فلاتر الشرب" ضمن مشروع لتنقية المياه من الكلس والشوائب، وبيعها بعد ذلك بأسعار مخفضة لأهالي الجنوب الدمشقي.
وأوضح أبو جواد ببيلا، صاحب المشروع، أنه بدأ بالفكرة بعد تعرض أطفاله لحالات التسمم، نتيجة مياه الفيجة الملوثة الواصلة من مخيم اليرموك، مشيرا إلى أنه استعان "بفلتر منزلي لإجراء التجارب، والتأكد من أن المياه ستصبح صالحة للشرب".
وأضاف أبو جواد لـ"
عربي21": "بعد نجاح التجربة؛ باشرت بالعمل، وأنا اليوم أنتج قرابة ألف لتر ماء نقي صالحة للشرب يوميا، وأضطر إلى بيع الـ20 لترا بـ100 ليرة سورية، بدلا من توزيعها بالمجان، لسد تكاليف تشغيل مولدات الكهرباء التي تعمل بواسطة المحروقات".
من جهته؛ قال شادي الحموي، أحد سكان جنوب دمشق، لـ"
عربي21" إن مشاكل المياه قبل فك الحصار وبعده لم تتغير، على الرغم من ادعاء النظام إيصاله لخط الفيجة الصالح للشرب، مشيرا إلى أن العائلات تضطر بسبب ذلك إلى شراء المياه "المفلترة" غير مرتفعة السعر.
أما رقية السالم المقيمة في مخيم اليرموك؛ فقالت لـ"
عربي21" إن المشاكل في جنوب العاصمة "لا تقتصر على تلوث مياه الشرب، بل تتعدى ذلك بأشواط عديدة إلى الحصار الاقتصادي الذي ينهك المدنيين، عوضا عن الحصار الغذائي الذي تم فكه مؤخرا".
وأضافت السالم أن نظام بشار الأسد "يمنع السكان من التنقل من وإلى أحياء دمشق المستقرة للعمل، في ظل انتشار البطالة بالجنوب الدمشقي، وعدم توافر فرص العمل، وهو ما يجعل شراء أساسيات الحياة أمرا معقدا".
من جانبه؛ بيّن الناشط الإعلامي في جنوب دمشق، أبو داود الدمشقي، أن عشرات العائلات بالجنوب لا تستطيع شراء مياه الشرب المفلترة، على الرغم من انخفاض سعرها، كما أنها لا تملك المال لشراء أبسط الحاجيات الغذائية والمحروقات، وتنتظر المساعدات المقدمة من بعض الجمعيات الخيرية أو منظمة الأمم المتحدة".
يشار إلى أن قرابة 70 ألف مدني لا يزالون يعيشون في مدن وبلدات الجنوب الدمشقي، وتعد بلدة يلدا الأكثر كثافة سكانية، ثم ببيلا وبيت سحم، كونها مناطق شملتها الهدن بين فصائل الثورة وقوات النظام.