نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، تقريرا للكاتب إحسان ثارور، يقول فيه إن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان ظل يحذر من الدولة الموازية، ولم يستمع له الغرب، إلا أن المحاولة
الانقلابية أثبتت صحة كلامه.
ويقول الكاتب إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحاكم الأكثر أهمية للجمهورية منذ مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، ظل مهووسا بمصر، فقبل ثلاث سنوات حدث انقلاب عسكري هناك، أطاح بالرئيس المنتخب محمد
مرسي، وتم اعتقاله والإخوان المسلمين، وثُبت نظام جديد لا يزال في مكانه حتى اليوم".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مرسي الإسلامي له روح مشابهة لأردوغان، الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية، وهو حزب يمين الوسط على الأيديولوحية القومية الدينية السنية، لافتا إلى أن أردوغان ظل غاضبا نتيجة الإطاحة بمرسي، والسحق القاسي للحكومة، التي وإن لم تكن شعبية، إلا أنها حظيت بتفويض انتخابي، وهرب من لم يعتقل من الإسلاميين من البلاد، ووجدوا ملجأ في إسطنبول.
وتجد الصحيفة أن رد أردوغان على الحكم بالإعدام الصادر العام الماضي ضد مرسي، عبر عن غضبه من القاهرة والغرب، الذي وقف متفرجا على قمع الديمقراطية العربية بنوع من اللامبالاة، حيث قال: "حكمت
مصر بالإعدام على رئيس انتخب بنسبة 52%، تعود مصر إلى عهدها الماضي"، في إشارة إلى الديكتاتورية التي عاشتها مصر ولعقود طويلة، وأضاف أردوغان: "لسوء الحظ، فإن الغرب لم يظهر موقفه من انقلاب السيسي، وفي الوقت الذي ألغى فيه حكم الإعدام، فإنه يراقب أحكام الإعدام في مصر بصمت تام".
ويرى ثارور أن أصداء ما حدث في مصر مهمة في الوقت الذي تعيش فيه
تركيا محاولة انقلابية، بوشر بها ليلة الجمعة ضد حكم أردوغان، مشيرا إلى أن المتآمرين في تركيا لم يحظوا بالنجاح بحسب النموذج المصري، حيث احتشدت الأحزاب السياسية والمعارضة كلها حول الحكومة المنتخبة، رغم خلافاتها معها، بالإضافة إلى أن الاحتجاجات الشعبية في الشوارع خرجت لتدعم أردوغان وحكم العدالة والتنمية.
ويلفت التقرير إلى أنه بحسب التقارير التي جاءت من تركيا، فقد رفع المتظاهرون شعار رابعة، في إشارة للإسلاميين المقموعين في مصر، مشيرا إلى أن أردوغان تحدث خلال جولتين انتخابيتين العام الماضي، وبشكل قاتم، عن القوى المظلمة التي تعمل ضد الديمقراطية وحكومته، والمكونة من المتآمرين الأجانب والتحالف الصليبي.
وتذكر الصحيفة أن أردوغان وأعضاء حكومته قاموا بصب جام غضبهم في التصريحات العامة ضد حركة فتح الله غولن، التي يعيش مؤسسها في بنسلفانيا، لافتا إلى أن أتباع غولن، الذين كانوا أصدقاء، حاولوا إضعاف الدولة من خلال وكلائهم في مؤسسات الدولة.
ويعلق الكاتب قائلا: "بالنسبة للكثير من المراقبين، بمن فيهم هذا الصحافي، فإن جنون العظمة، الذي كان يعاني منه أردوغان، هو تعبير عن حسابات سياسية مقصودة، ومحاولة تهدف لحشد المحافظين والقوميين الأتراك تحت رايته، لكن أردوغان كان محقا هذه المرة".
وينوه التقرير إلى أن تركيا لديها تاريخ طويل مع الانقلابات، من 1960 و1971 و1980، التي وضع فيها الانقلابيون دستور تركيا الحالي، ثم قام الجيش في عام 1997 بتوصيات في ما عرف بانقلاب ناعم ضد الإسلاميين.
وتورد الصحيفة أنه عندما جاء أردوغان إلى السلطة عام 2002، بدا وكأن عصر الانقلابات قد انتهى، حيث أصبحت البلاد مستقرة ومزدهرة سياسيا، وتحكم حكما مدنيا، وتم عقد انتخابات دون أي مشكلة، وبدا وكأن
الدولة العميقة قد تلاشت.
ويفيد ثارور بأن حكم العدالة والتنمية جلب إصلاحات اجتماعية واقتصادية، ومنح حكم الغالبية الحزبية الفرصة لتثبت دعائم حكمه، وساعده فيها معارضة عاجزة، ونظام قضائي متعاون، ومؤسسة عسكرية قبلت بدورها الجديد، بعد سلسلة من المحاكمات ضد متآمرين.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن أردوغان، الذي أصبح رئيسا فخريا للبلاد، بدا في السنوات الأخيرة أكثر طموحا لتحويل دوره إلى دور تنفيذي، والشروع بتعديل الدستور، وقام بملاحقة الصحافيين، وواجهت البلاد آثار الحرب السورية، وعودة الحرب مع الانفصاليين.