لا يمكن النظر إلى محاولة النظام الأخيرة التقدم في مخيم "حندرات"، التي جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان الثوار عن معركة "ملحمة
حلب الكبرى" الهادفة إلى فك
الحصار عن الأحياء الشرقية، على أنها مجرد "عملية عسكرية اعتيادية"، فمن الواضح أن تأتي ضمن مساعي قوات الأسد الرامية إلى توسيع نطاق سيطرتها على خط الإمداد البديل لها.
فعملية النظام هذه تأتي تحسبا لخسارة قوات النظام طريق الراموسة (طريق الإمداد الرئيسي للأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرتها) الذي بات مهددا اليوم، بفعل التقدم الذي أحرزته فصائل الثوار جنوب غرب حلب، وهو ما يبدو اعترافا من النظام بالتراجع هناك.
وبينما تشير مصادر محلية إلى حالة من التخبط والهلع، تسود الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة النظام في حلب، على خلفية تقدم الثوار وإشرافهم على عدة مواقع عسكرية استراتيجة تابعة للنظام، من أهمها كلية المدفعية جنوب حلب، اعتبرت المصادر ذاتها أن حصيلة هذا الهلع تتضح من خلال عدة مؤشرات، من أهمها محاولة تأمين خط طريق إمداد الواصل بين منطقتي بني زيد والملاح.
وفي هذا الإطار، أكد الناشط الإعلامي أبو فراس الحلبي لـ"
عربي21"، أن هدف النظام من وراء هذه العملية شمال حلب "تأمين خط إمداد بديل لقواته"، مشيراً إلى أن الطريق الذي يربط منطقة بني زيد بالملاح "لا زال غير آمن، رغم وقوعه ضمن سيطرة قوات النظام والمليشيات الموالية له".
وفي الوقت الذي استبعد فيه الحلبي، وهو المتواجد بالقرب من مخيم حندرات بشمال حلب، أن يكون هدف النظام من وراء محاولة التقدم "تشتيت قوات المعارضة"، قال: "لقد تكبدت قواته خسائر فادحة في هذا الهجوم جراء صد المعارضة للهجوم، هذا أولاً، وثانياً ليس النظام اليوم بموقع المهاجم حتى يشتت دفاعات المعارضة، بل هو بموقع المدافع المنهار"، على حد تقديره.
من جهته، يرى أمين سر الجيش الحر، النقيب عمار الواوي؛ أن النظام أراد من خلال محاولته التقدم في مخيم حندرات؛ تقوية خط الدفاع في محيط طريق الكاستلو لأهميته للمعارضة وللنظام أولاً، ومن ثم إرسال رسائل عسكرية إلى روسيا الحليفة له؛ مفادها بأن قواته لا زالت قادرة على الهجوم رغم الضربات العنيفة والخسائر البشرية التي تكبدتها جنوب غرب حلب.
وقال الواوي لـ"
عربي21: "النظام اليوم يستميت لتحقيق تقدم عسكري، ولو لبضعة أمتار، لحفظ ماء وجهه"، مضيفاً: "لكن هذا لا يعني أنه ليس له مصلحة عسكرية واستراتيجة في تأمين مناطق سيطرته شمال حلب، لا سيما أن سيطرته مؤخراً على حي بني زيد وممر الكاستلو مكنتاه من فرض طوق على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة".
في غضون ذلك، أكدت مصادر من داخل الأحياء التي يسيطر عليها النظام في حلب، خروج الحديث عن تخاذل قوات النظام والمليشيات التي تقاتل معها؛ من دائرة "المسكوت عنه". وذهبت المصادر ذاتها؛ إلى اعتبار أن تلك القوات "باتت اليوم بموقف لا تحسد عليه، ولذلك هي اليوم تحاول تأمين مخرج بديل آمن لها".