سادت أجواء من الغضب المتصاعد في
مصر جراء زيادات جديدة، فعلية ومرتقبة، في أسعار جميع السلع والخدمات، على إثر إقرار مجلس نواب ما بعد الانقلاب، الأحد، قانون ضريبة "القيمة المضافة"، الذي يفرض زيادة في الضريبة على أسعار السلع والخدمات بنسبة 13 بالمئة، تزيد في العام المقبل إلى 14 بالمئة.
وقال نشطاء إنه بمجرد إقرار المجلس، من حيث المبدأ، لمشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة، المقدم من الحكومة، بتصويت أغلبية أعضائه برفع اليد، حتى وصل سعر كيلو السكر إلى سبعة جنيهات، وتجاوز سعر كيلو الفاصوليا العشرين جنيها.
وينص القانون على سعر ضريبي قدره خمسة بالمئة للسلع الرأسمالية على أن يتم ردها للمنتج بعد البدء في الإنتاج، فيما يربط الضريبة في البيع بالتقسيط على القيمة الكاملة للسعر.
ويغلظ العقوبات لتصبح في حالة المخالفة من ألف إلى خمسة آلاف جنيه بدلا من مائة إلى ألفي جنيه، وترتفع العقوبة في حالة التهرب من الحبس من مدة تتراوح بين شهر وسنة، إلى مدة بين سنة وعشر سنوات.
ويبدأ تطبيق القانون في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، إلا أن الجداول التي نشرتها الصحف المصرية، يومي الاثنين، والثلاثاء، تشير إلى نسب مقترحة للضريبة على مختلف السلع والخدمات بخلاف 73 مادة وجداول للسلع المعفاة.
وتتفاوت الزيادات المرتقبة في الأسعار، وفق اقتصاديين، بين خمسة بالمئة في أسعار الحلويات والبطاطس المقرمشة (الشيبس)، والأسمدة والكيماويات والأدوية.
وتصل الزيادة إلى عشرة بالمئة في فواتير الخدمات المهنية كالأطباء والمحامين، فضلا عن زيادة سعر البنزين بأنواعه كافة، لترتفع نسبة الزيادة في أجهزة التلفزيون والغسالات وأجهزة التكييف واتصالات الهواتف المحمولة وأدوات التجميل والعطور، والمياه الغازية، إلى 22 بالمئة.
والأمر هكذا، شن عدد من الإعلاميين والبرلمانيين، هجوما حادا على الضريبة، معتبرين أنها إحدى صور الجباية، وكونها ضريبة مكملة لضريبة المبيعات، التي تفرض على غالبية السلع زيادات بنسب متفاوتة، لمعالجة العجز في الموازنة، وزيادة حصيلة الإيرادات الضريبية بنحو 30 مليار جنيه، وفق تقدير وزارة المالية.
وحذر خبراء اقتصاد من أن العمل بهذه الضريبة في ظل الظروف التي يمر بها الاقتصاد المصري حاليا أمر في منتهى الخطورة، لأن الأسعار تعاني أصلا من حالة عدم الاستقرار بسبب أزمة الدولار.
وشددوا على أن الإصرار علي تطبيق الضريبة يترتب عليه زيادة الأعباء علي المنتجين، وبالتالي المزيد من الاضطراب في الأسواق، بما يفوق قدرة الحكومة على الرقابة وضبط الأسعار.
وكان وزير المالية، عمرو الجارحي، دافع، في كلمته أمام مجلس النواب، الأحد، عن الضريبة، مؤكدا أنها تعديل لقانون ضريبة المبيعات، وأنها لن تفرض ضرائب جديدة على المواطنين، وأنها تستهدف علاج التشوهات التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
إعلاميو السيسي يقرون بالغلاء
يشار إلى أن إعلاميين موالين لرئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، أقروا بوجود زيادات لا يكاد يتحملها المواطن، جراء تطبيق القانون، حتى قبل تطبيقه رسميا.
وقال الإعلامي المقرب من السلطات، أحمد موسى: "خلينا واضحين.. فيه زيادة في الأسعار بعد تطبيق قانون القيمة المضافة على بعض السلع مثل السيارات، ولا بد من الرقابة على الأسعار، والمواجهة بالقانون"، وفق تعبيره.
وأشار موسى إلى أن المصريين لا يتحدثون إلا عن زيادة الأسعار، متابعا: "الفساد بيخلي الناس تغلي"، مشددا، في برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، مساء الاثنين، على ضرورة تشديد الرقابة على أسعار المنتجات والسلع.
البداية.. السجائر وتذاكر المترو
وعرض موسى قائمة أسعار السجائر الجديدة بعد تطبيق القانون. وأوضح أن ضريبة "المعسل" تبلغ 150 بالمئة بحد أدنى 100 قرش عن الكيلوغرام، وأن فئة السجائر أقل من 13 جينها ستشهد زيادة تقدر بـ275 قرشا.
وأوضح أن الفئة التي تتراوح بين 13 و23 جنيها ستزيد بنحو 425 قرشا، وذلك مع زيادة قدرها قرابة 525 قرشا لفئة السجائر الأعلى من 23 جنيها.
ارتفاع أسعار السلع الغذائية
وكشف رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أحمد شيحة، أن الضريبة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية والكهربائية والأخشاب والسيارات الملابس والأحذية والخدمات، فضلا عن السلع الاستراتيجية الغذائية كالدواجن المستوردة والمكرونات والتونة والزيوت والسكر، وكل ما يتم استيراده.
ومن جهته، أكد رئيس شعبة المواد الغذائية بغرقة الجيزة، يحيي كاسب، أنه منذ إقرار البرلمان للضريبة، فقد زادت السلع بشكل كبير.
وقال إن هناك زيادة بنسبة 20 بالمئة على المواد الغذائية، وارتفع سعر لتر الزيت بنسبة 30 بالمئة، وكذلك الألبان والأجبان التي ارتفعت أسعارهما بين 10 و15 بالمئة.
وحذر من أن السوق لا تتحمل أي زيادة جديدة في الأسعار، وأن التاجر وصل إلى مرحلة أنه قلل هامش ربحه، ليتمكن من البيع.
نوعان لتذاكر المترو.. وزيادة أسعار السيارات
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "اليوم السابع"، الثلاثاء، عن مصادر مطلعة، تأكيدها قيام مجلس الوزراء بإرسال تعليمات لشركة المترو بلصق شريط فوسفوري على العربتين اللاحقتين للجرار بكل قطار في الخطوط الثلاثة للمترو لتصبح عربات مميزة، تمهيدا للزيادة الجديدة المتوقع تطبيقها خلال أيام على سعر التذكرة.
وأضافت المصادر، بحسب "اليوم السابع"، أنه وفقا لتعليمات المجلس، سيتم استقلال العربتين الملصوق عليهما شريط فسفوري بتذكرة ذات سعر مختلف، على أن يكون ركوب بقية العربات بسعر آخر أقل، وأن يكون سعر التذكرتين بين 1.5 و2.5 جنيه.
وقالت إنه سيتم توقيع غرامات على من لا يلتزم باستقلال العربات المميزة بتذكرتها المخصصة لها، وإنه سيتم تطبيق هذا النظام بشكل مؤقت لحين تركيب بوابات الكروت الذكية الجديدة بالخطين الأول والثاني محل البوابات القديمة، ليتم بعد ذلك تطبيق نظام المحطات بالخطوط الثلاثة.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السيارات، في أوائل الشهر الحالي، بمعدلات وصلت إلى 30 ألف جنيه لبعض الماركات، بسبب أزمات اضطراب الدولار، أشار الخبراء إلى ارتفاع جديد يتراوح بين 3% و20% في الأسعار بعد إقرار الضريبة.
تحذير برلماني من القانون
إلى ذلك، حذر عدد من البرلمانيين من تأثير إقرار قانون المضافة على الأسعار.
وقال هيثم الحريري، في مداخلة هاتفية عبر برنامج "يوم بيوم"، بفضائية "النهار الىوم"، إن هناك سلعا كانت عليها ضريبة 10 بالمئة زادت بعد القانون إلى 13 بالمئة، وكذلك تم إدراج سلع أخرى بنفس النسبة، ما سيؤدي لرفع الأسعار لدرجة لن يتحملها الموظف في ظل ارتفاع سعر المياه والكهرباء والغاز بعد رفع الدعم عنها.
وقال النائب عن دائرة جهينة بسوهاج، خالد صالح أبو زهاد، إن الموافقة على قانون القيمة المضافة؛ ستؤدي إلى زيادة كبيرة جدا في الأسعار، لن يتحملها إلا محدودو الدخل والفقراء.
وأكد، في تصريحات صحفية، أن الزيادة المستمرة للأسعار قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع في مصر، باعتبار أن المواطن الفقير لم يعد يتحمل كل هذه الزيادات، متهما الحكومة بأنها تحاول سد عجز الموازنة العامة من جيوب الفقراء دون البحث عن مصادر بديلة لزيادة الموارد، وفق وصفه.
ترحيب صندوق النقد.. وحملة لضبط الأسعار
وكان صندوق النقد الدولي رحب بإقرار البرلمان المصري قانون ضريبة القيمة المضافة.
ووصف رئيس بعثة الصندوق لمصر، كريستوفر غارفيس، هذه الخطوة، بأنها "إنجاز تاريخي".
وأشار، في بيان أصدره الصندوق الاثنين، إلى أن الحكومات المصرية المتعاقبة عملت لسنوات عدة على إنجاز ضريبة القيمة المضافة، دون أن تتمكن من ذلك، مشيدا بالحكومة الحالية، وصوغها للقانون الجديد.
وغير بعيد، دشن عدد من النشطاء صفحة بعنوان "اكتب عليها سعرها"، بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بهدف دعوة الشركات إلى كتابة السعر الرسمي لمنتجاتها عليها، خوفا من فوضى ارتفاع الأسعار، وحتى لا يتعرض المواطنون للخداع.